
أَحْمَدُ عَنْ يَعْمُرَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ بِهِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ نَحْوَ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ.
قُلْتُ وَكَذَا رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ، قُلْتُ وَقَدْ أَخْبَرَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ الشَّيْخُ الْمُسْنِدُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْحَجَّارُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُنَجَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ اللَّتِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى بْنِ شُعَيْبٍ السِّجْزِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الدَّاوُدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عُمَرَ بْنِ عِمْرَانَ السَّمَرْقَنْدِيُّ.
أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ بِجَمِيعِ مُسْنَدِهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، وَتَسَلْسَلَ لَنَا قِرَاءَتُهَا إِلَى شَيْخِنَا أَبِي الْعَبَّاسِ الْحَجَّارِ وَلَمْ يَقْرَأْهَا لِأَنَّهُ كَانَ أُمِّيًّا، وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَلْقِينِهَا إِيَّاهُ وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ بن سليمان ابن الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُنَجَّا بْنُ اللتي، فذكره بإسناده وتسلسل لِي مِنْ طَرِيقَةٍ وَقَرَأَهَا عَلَيَّ بِكَمَالِهَا وَلِلَّهِ الحمد والمنة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الصف (٦١) : الآيات ١ الى ٤]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (٤)قد تقدم الكلام على قوله تعالى: سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ غَيْرَ مَرَّةٍ بِمَا أغنى عن إعادته. وقوله تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ إنكار على من يعد وعدا أَوْ يَقُولُ قَوْلًا لَا يَفِي بِهِ، وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَنْ ذَهَبَ مِنَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ مطلقا، سواء ترتب عليه عزم لِلْمَوْعُودِ أَمْ لَا، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا مِنَ السُّنَّةِ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثلاث إذا وعد أخلف، وإذا حدث كذب، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» «١». وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الصَّحِيحِ «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا» «٢» فَذَكَرَ مِنْهُنَّ إِخْلَافَ الْوَعْدِ، وَقَدِ اسْتَقْصَيْنَا الْكَلَامَ عَلَى هذين الحديثين
(٢) أخرجه البخاري في الإيمان باب ٢٤، ومسلم في الإيمان حديث ١٠٢.

فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَلِهَذَا أَكَّدَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمْ بقوله تعالى:
كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا صبي فَذَهَبْتُ لِأَخْرُجَ لِأَلْعَبَ فَقَالَتْ أُمِّي: يَا عَبْدَ اللَّهِ تَعَالَ أُعْطِكَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ؟» قَالَتْ: تَمْرًا. فَقَالَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كَذْبَةٌ» «١» وَذَهَبَ الْإِمَامُ مالك رحمه الله تعالى إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَعَلَّقَ بِالْوَعْدِ غُرْمٌ عَلَى الْمَوْعُودِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ تَزَوَّجْ وَلَكَ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا فَتَزَوَّجَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا دَامَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبْ مُطْلَقًا، وَحَمَلُوا الْآيَةَ عَلَى أَنَّهَا نزلت حين تمنوا فريضة الْجِهَادِ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا فُرِضَ نَكَلَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النِّسَاءِ: ٧٦- ٧٧].
وَقَالَ تَعَالَى: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ [محمد: ٢٠] الآية.
وَهَكَذَا هَذِهِ الْآيَةُ مَعْنَاهَا كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ الْجِهَادُ يَقُولُونَ لَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ دَلَّنَا عَلَى أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ فَنَعْمَلَ بِهِ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِيمَانٌ بِهِ لَا شَكَّ فِيهِ، وَجِهَادُ أَهْلِ مَعْصِيَتِهِ الَّذِينَ خَالَفُوا الْإِيمَانَ وَلَمْ يُقِرُّوا بِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ الْجِهَادُ كَرِهَ ذَلِكَ ناس مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَشَقَّ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ فَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: قَالَ الْمُؤْمِنُونَ لَوْ نَعْلَمُ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَا بِهِ، فَدَلَّهُمُ اللَّهُ عَلَى أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا فَبَيَّنَ لَهُمْ فَابْتُلُوا يَوْمَ أُحُدٍ بِذَلِكَ، فَوَلَّوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدْبِرِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ وَقَالَ: أَحَبُّكُمْ إِلَيَّ مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِي.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أُنْزِلَتْ فِي شَأْنِ الْقِتَالِ، يَقُولُ الرَّجُلُ قَاتَلْتُ وَلَمْ يُقَاتِلْ وَطَعَنْتُ وَلَمْ يَطْعَنْ وضربت ولم يضرب وصبرت وَلَمْ يَصْبِرْ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ تَوْبِيخًا لقوم كانوا يقولون قتلنا وضربنا وطعنا وَفَعَلْنَا، وَلَمْ يَكُونُوا فَعَلُوا ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ زيد: نزلت في قوم من

الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَعِدُونَ الْمُسْلِمِينَ النَّصْرَ وَلَا يَفُونَ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ قَالَ: فِي الْجِهَادِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ- إِلَى قَوْلِهِ- كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ فَمَا بَيْنَ ذَلِكَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ قَالُوا فِي مَجْلِسٍ لَوْ نَعْلَمُ أَيَّ الْأَعْمَالِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ لِعَمِلْنَا بِهَا حتى نموت فأنزل الله تعالى هَذَا فِيهِمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ لَا أَبْرَحُ حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أَمُوتَ، فَقُتِلَ شَهِيدًا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ أَبُو مُوسَى إِلَى قُرَّاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَقَالَ أَنْتُمْ قُرَّاءُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَخِيَارُهُمْ. وَقَالَ كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً كُنَّا نُشَبِّهُهَا بِإِحْدَى الْمُسَبِّحَاتِ فَأُنْسِيْنَاهَا غَيْرَ أَنِّي قَدْ حَفِظْتُ مِنْهَا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ فَتُكْتَبُ شَهَادَةً فِي أَعْنَاقِكُمْ فَتُسْأَلُونَ عَنْهَا يوم القيامة ولهذا قال تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ فَهَذَا إِخْبَارٌ من الله تعالى بمحبة عباده المؤمنين إذا صفوا مُوَاجِهِينَ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ فِي حَوْمَةِ الْوَغَى، يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَدِينُهُ هُوَ الظَّاهِرُ الْعَالِي عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أخبرنا مُجَالِدٌ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «ثلاثة يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَيْهِمُ: الرَّجُلُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ، وَالْقَوْمُ إِذَا صَفُّوا لِلصَّلَاةِ، وَالْقَوْمُ إِذَا صَفُّوا لِلْقِتَالِ» وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ جَبْرِ بْنِ نَوْفٍ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ يَعْنِي ابْنَ شَيْبَانَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: قَالَ مُطَرِّفٌ كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ حَدِيثٌ كُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَهُ فَلَقِيتُهُ، فَقُلْتُ يَا أَبَا ذَرٍّ كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْكَ حَدِيثٌ فَكُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَكَ، فَقَالَ: لِلَّهِ أَبُوكَ فَقَدْ لَقِيتَ فَهَاتِ، فَقُلْتُ كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْكَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَكُمْ أَنَّ اللَّهَ يبغض ثلاثة ويحب ثَلَاثَةً، قَالَ أَجَلْ فَلَا إِخَالُنِي أَكْذِبُ عَلَى خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ فَمَنْ هؤلاء الثلاثة الذين يحبهم الله عز وجل؟ فقال: رَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَرَجَ مُحْتَسِبًا مُجَاهِدًا فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَقُتِلَ وَأَنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ ثُمَّ قَرَأَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ هَكَذَا أَوْرَدَ هَذَا الحديث من هذا الوجه بهذا السياق، وهذا اللَّفْظِ وَاخْتَصَرَهُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حديث شعبة عن منصور بن المعتمر