والمغفرة للكافر المرجو إيمانه وذلك مما لا يرتاب فيه عاقل واما عدم جوازه فلا دلالة للاستثناء عليه قطعا وحمل الأب على العم يخالف العقل والنقل لان الله تعالى يخرج الحي من الميت والعبرة بالحسب لا بالنسب وعن على رضى الله عنه شرف المرء بالعلم والأدب لا بالأصل والنسب
هنر بنماى اگر دارى نه كوهر
كل از خارست وابراهيم از آزر
وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ من تمام القول المستثنى فمحله النصب على انه حال من فاعل لاستغفرن لك اى استغفر لك وليس في طاقتى الا الاستغفار دون منع العذاب ان لم تؤمن فمورد الاستثناء نفس الاستغفار لا قيده الذي هو في نفسه من خصال الخير لكونه إظهارا للعجز وتفويضا للامر الى الله تعالى وفي هذه الآية دلالة بينه على تفضيل نبيه محمد عليه السلام وذلك انه حين امر بالاقتداء به امر على الإطلاق ولم يستثن فقال وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وحين امر بالاقتداء بإبراهيم استثنى وايضا قال تعالى في سورة الأحزاب لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا فأطلق الاقتداء ولم يقيده بشيء (قال الصائب)
هلاك حسن خدا داد او شوم كه سراپا
چوشعر حافظ شيرازى انتخاب ندارد
رَبَّنا إلخ من تمام ما نقل عن ابراهيم ومن معه من الاسوة الحسنة عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا اعتمدنا يعنى از خلق بريديم واعتماد كلى بر كرم تو نموديم وَإِلَيْكَ أَنَبْنا رجعنا بالاعتراف بذنوبنا وبالطاعة وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ اى الرجوع في الآخرة وتقديم الجار والمجرور لقصر التوكل والانابة والمصير على الله تعالى
سوى تو كرديم روى ودل بتو بستيم
ز همه باز آمديم وبا تو نشستيم
هر چهـ نه پيوند يار بود بريديم
هر چهـ نه پيمان دوست بود كسستيم
قالوه بعد لمجاهدة وشق العصا التجاء الى الله تعالى في جميع أمورهم لا سيما في مدافعة الكفرة وكفاية شرورهم كما ينطق به قوله تعالى رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا بأن تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا نطيقه فالفتنة بمعنى المفعول وربنا بدل من الاول وكذا قوله ربنا فيما بعده وقال بعضهم ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا فتقتر علينا الرزق وتبسطه عليهم فيظنوا انهم على الحق ونحن على الباطل وَاغْفِرْ لَنا ما فرط منا من الذنوب والا كان سببا لظهور العيوب وباعثا للابتلاء المهروب رَبَّنا تكرير النداء للمبالغة في التضرع والجؤار فيكون لا حقا بما قبله ويجوز أن يكون سابقا لما بعده توسلا الى الثناء بإثبات العزة والحكمة والاول اظهر وعليه ميل السجاوندى حيث وضع علامة الوقف الجائز على ربنا وهو في اصطلاحه ما يجوز فيه الوصل والفصل باعتبارين وتلك العلامة الجيم بمسماه وهو «ج» إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الغالب الذي لا يذل من التجأ اليه ولا يخيب رجاء من توكل عليه الْحَكِيمُ لا يفعل الا ما فيه حكمة بالغة وقال بعض أهل الاشارة تعز أولياءك بالفناء فيك وتحييهم ببقائك بلطائف حكمتك فيكون المراد بالفتنة غلبة ظلمة النفس
صفحة رقم 478
من المواد الحسية والمثالية والعقلية أسوة حسنة وهى البراءة من قومه اى النفس الامارة والهوى المتبع فمن تأسى واستمر على ذلك بلغ المطلوب المحبوب ومن اعرض عن ذلك التأسى فان الله غنى عن تأسيه حميد في ذاته وان لم يكن حمده انتهى كلامه عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ شايد آنكه خداى تعالى پيدا كند بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ اى من أقاربكم المشركين وعسى من الله وعد على عادة الملوك حيث يقولون في بعض الحوائج عسى ولعل فلا يبقى شبهة للمحتاج في تمام ذلك وقال الراغب ذكر الله في القرآن عسى ولعل تذكرة ليكون الإنسان منه على رجاء لا على أن يكون هو تعالى راجيا اى كونوا راجين فى ذلك والمعاداة والعداء با كسى دشمنى كردن مَوَدَّةً اى بأن يوافقوكم في الدين وعدهم الله بذلك لما رأى منهم من التصلب في الدين والتشدد في معاداة آبائهم وأبنائهم وسائر اقربائهم ومقاطعتهم إياهم بالكلية تطييبا لقلوبهم ولقد أنجز وعده الكريم حين أباح لهم الفتح فأسلم قومهم كأبى سفيان وسهل بن عمرو وحكيم بن حزام والحارث ابن هشام وغيرهم من صناديد العرب وكانوا أعداء أشد العداوة فتم بينهم من التحاب والتصافي ماتم وَاللَّهُ قَدِيرٌ اى مبالغ في القدرة فيقدر على تقليب القلوب وتغيير الأحوال وتسهيل اسباب المودة وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ فيغفر لمن اسلم من المشركين ويرحمهم بقلب معاداة قاربهم موالاة وقيل غفور لما فرط منكم في موالاتهم من قبل ولما بقي في قلوبكم من ميل الرحم قال ابن عطاء رحمه الله لابتغضوا عبادى كل البغض فانى قادر على أن أنقلكم من البغض الى المحبة كنقلى من الحياة الى الموت ومن الموت الى النشور كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا انظر الى خالد بن الوليد وعكرمة بن أبى جهل قرأ يخرج الحي من الميت لانهما من خيار الصحابة وأبواهما أعدى عدو الله ورسوله وكان بعضهم يبغض عكرمة ويسب أباه لما سلف منه من الأذى حتى ورد النهى عنه بقوله عليه السلام لا تؤذوا الاحياء بسب الأموات فقلب الله ذلك محبة فكانوا إخوانا في الله وفي الحديث (من نظر الى أخيه نظر مودة لم يكن فى قلبه احنة لم يطرف حتى يغفر الله له ما تقدم من ذنبه وقال سقراط أثن على ذى المودة خيرا عند من لقيت فان رأس المودة حسن الثناء كما ان رأس العداوة سوء الثناء وعنه لا تكون كاملا حتى يأمنك عدوك فكيف بك إذا لم يأمنك صديقك قال داود عليه السلام اللهم انى أعوذ بك من مال يكون على فتنة ومن ولد يكون على ربا ومن حليلة تقرب المشيب وأعوذ بك من جار ترانى عيناه وترعانى أذناه ان رأى خيرا دفنه وان سمع شرا طاربه ومن بلاغات الزمخشري محك المودة والإخاء حال الشدة دون الرخاء (قال الحافظ)
وفا مجوى ز كس ور سخن نمى شنوى
بهرزه طالب سيمرغ وكيميا مى باش
لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ اى على الدين اوفى حق الدين واطفاء نوره وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ اى لا ينهاكم الله عن مبرة هؤلاء فان قوله تعالى أَنْ تَبَرُّوهُمْ بدل من الموصول بدل الاشتمال لان بينهم وبين البر ملابسة بغير الكلية والجزئية فكان المنهي عنه برهم بالقول وحسن المعاشرة والصلة بالمال لا أنفسهم وبالفارسية
صفحة رقم 480