آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﰞ

[سورة الممتحنة (٦٠) : الآيات ١٠ الى ١١]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠) وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١)
شرح المفردات
فامتحنوهن: أي فاختبروهن بما يغلب به على ظنكم موافقة قلوبهن لألسنّهن فى الإيمان، علمتموهن: أي ظننتموهن، إلى الكفار: أي إلى أزواجهن الكفار أجورهن: أي مهورهن، وعصم: واحدها عصمة، وهى ما يعتصم به من عقد وسبب، والكوافر: واحدتهن كافرة: فعاقبتم: أي فكانت العقبى لكم، أي الغلبة والنصر لكم، حتى غنمتم منهم.
المعنى الجملي
الكافر المعاند لا يخلو من أحد أحوال ثلاثة:
(١) أن يستمر على عناده، وإلى مثله أشار بقوله: «قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ» الآية.

صفحة رقم 71

(٢) أن يرجى منه أن يترك العناد، وإلى مثله أشار بقوله: «عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً».
(٣) أن يترك العناد ويستسلم، وإلى ذلك أشار بقوله: «إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ» الآية.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) أي إذا جاءكم أيها المؤمنون النساء اللاتي نطقن بالشهادة ولم يظهر منهن ما يخالف ذلك- مهاجرات من بين الكفار فاختبروا حالهن، وانظروا هل توافق قلوبهن ألسنتهن، أو هنّ منافقات،
وكان رسول الله ﷺ يقول للمتحنة: بالله الذي لا إله إلا هو، ما خرجت من بغض زوج، بالله ما خرجت رغبة بأرض عن أرض، بالله ما خرجت التماسا لدنيا، بالله ما خرجت إلا حبّا لله ورسوله.
ثم ذكر جملة معترضة بين ما قبلها وما بعدها ليتبين أن الامتحان يفيد معرفة الظاهر فحسب فقال:
(اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ) منكم وهو يتولى السرائر، وفى هذا بيان أنه لا سبيل إلى ما تطمئن إليه النفس من الإحاطة بحقيقة إيمانهن، فإن ذلك مما استأثر الله بعلمه.
(فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) أي فإن غلب على ظنكم إيمانهن بالحلف وغيره مما يورث اطمئنان قلوبكم على إسلامهن، فلا تردوهن إلى أزواجهن المشركين.
ثم بيّن العلة فى النهى عن إرجاعهن بقوله:
(لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) أي لا المؤمنات حلّ للكفار، ولا الكفار يحلون للمؤمنات.
(وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا) أي وأعطوا أزواجهن مثل ما أنفقوا من المهور.

صفحة رقم 72

روى أن النبي ﷺ عام الحديبية أمر عليّا أن يكتب بالصلح فكتب:
باسمك اللهم، هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو. اصطلحوا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين، تأمن فيه الناس ويكف بعضهم عن بعض على أن من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده إليه، ومن جاء قريشا من محمد لم يرده إليه، وأن بيننا عيبة مكفوفة، وأن لا إسلال ولا إغلال، وأن من أحب أن يدخل فى عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهدهم دخل فيه. فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبا جندل بن سهيل، ولم يأت رسول الله ﷺ أحد من الرجال إلا ردّه فى مدة العهد، وإن كان مسلما، ثم جاءت المؤمنات مهاجرات، وكانت أولادهن أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، فقدم أخواها عمار والوليد فكلماه فى أمرها ليردها إلى قريش فنزلت الآية، فلم يردها عليه الصلاة والسلام، ثم أنكحها زيد بن حارثة.
وعن مقاتل أنه جاءت امرأة تسمى سبيعة بنت الحرث الأسلمية مؤمنة، وكانت تحت صيفى بن الراهب وهو مشرك من أهل مكة فطلب ردّها فأنزل سبحانه الآية فلم يردها وأعطاه ما أنفق، وتزوجها عمر رضى الله عنه.
ومن هذا تعلم أن الآية بيّنت أن العهد الذي أعطى كان فى الرجال دون النساء ومن ثم لم يردهن حين جئن مؤمنات.
(وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) أي ولا إثم عليكم ولا حرج فى نكاح هؤلاء المؤمنات المهاجرات، بشرط أن تتعهدوا بالمهور، وتلتزموا بأدائها وإنما جاز هذا لأن الإسلام حال بينهن وبين أزواجهن الكفار، فكان من المصلحة أن يكون لهن عائل من المؤمنين يكفل أمر أرزاقهن.
(وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) أي إنه لا ينبغى أن يكون علاقة من علاقات

صفحة رقم 73
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية