
ولزموا ذلك لأنهم كانوا مقرين بالتوراة وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا الخطاب لليهود أو لقريش على وجه إقامة الحجة والرد عليهم في قولهم: ما أنزل الله على بشر من شيء، فإن كان لليهود، فالذي علموه التوراة، وإن كان لقريش فالذي علموه ما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم قُلِ اللَّهُ جواب من أنزل واسم الله مرفوع بفعل مضمر تقديره أنزله الله أو مرفوع بالابتداء وَلِتُنْذِرَ عطف على صفة الكتاب أُمَّ الْقُرى مكة، وسميت أم القرى، لأنها مكان أوّل بيت وضع للناس، ولأنه جاء أن الأرض دحيت منها ولأنها يحج إليها أهل القرى من كل فج عميق أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ هو مسيلمة وغيره من الكذابين الذين ادّعوا النبوّة وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ هو النضر بن الحارث لأنه عارض القرآن، واللفظ عام فيه وفي غيره من المستهزئين وَلَوْ تَرى جوابه محذوف تقديره: لرأيت أمرا عظيما، والظالمون:
من تقدّم ذكره من اليهود والكذابين والمستهزئين، فتكون اللام للعهد، وأعم من ذلك فتكون للجنس باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أي تبسط الملائكة أيديهم إلى الكفار يقولون لهم:
أخرجوا أنفسكم، وهذه عبارة عن التعنيف في السياق والشدّة في قبض الأرواح الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ يحتمل أن يريد ذلك الوقت بعينه أو الوقت الممتد من حينئذ إلى الأبد الْهُونِ الذلة فُرادى منفردين عن أموالكم وأولادكم أو عن شركائكم، والأول يترجح لقوله:
تَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ أي ما أعطيناكم من الأموال والأولاد، ويترجح الثاني بقوله: وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ تفرق شملكم ومن قرأه بالرفع «١» أسند الفعل إلى الظرف واستعمله استعمال الأسماء، ويكون البين بمعنى الفرقة، أو بمعنى الوصل، ومن قرأه بالنصب: فالفاعل مصدر الفعل، أو محذوف تقديره تقطع الاتصال بينكم
فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى أي: يفلق الحب تحت الأرض لخروج النبات منها، ويفلق النوى لخروج الشجر منها وقيل: أراد الشقين الذين في النواة والحنطة، والأول أرجح لعمومه في أصناف

الحبوب يُخْرِجُ الْحَيَّ تقدّم في آل عمران وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ معطوف على فالق فالِقُ الْإِصْباحِ أي الصبح فهو مصدر سمي به الصبح، ومعنى فلقه: أخرجه من الظلمات، وقيل: إن الظلمة هي التي تنفلق عن الصبح، فالتقدير فالق ظلمة الإصباح سَكَناً أي يسكن فيه عن الحركات ويستراح حُسْباناً أي يعلم بهما حساب الأزمان والليل والنهار ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ما أحسن ذكر هذين الاسمين هنا لأن العزيز يغلب كل شيء ويقهره، وهو قد قهر الشمس والقمر وسخرهما كيف شاء، والعليم لما في تقدير الشمس والقمر والليل والنهار من العلوم والحكمة العظيمة وإتقان الصنعة فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ أي في ظلمات الليل في البر والبحر، وأضاف الظلمة إليها لملابستها لهما، أو شبه الطرق المشتبهة بالظلمات فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ من كسر القاف من مستقر فهو اسم فاعل، ومستودع اسم مفعول، والتقدير: فمنكم مستقرّ ومستودع، ومن فتحها فهو اسم مكان أو مصدر، ومستودع مثله، والتقدير على هذا لكم مستقرّ ومستودع، والاستقرار في الرحم والاستيداع في الصلب، وقيل: الاستقرار فوق الأرض والاستيداع تحتها فَأَخْرَجْنا بِهِ الضمير عائد على الماء فَأَخْرَجْنا مِنْهُ الضمير عائد على النبات خَضِراً أي أخضر غضا، وهو يتولد من أصل النبات من الفراخ نُخْرِجُ مِنْهُ الضمير عائد على الخضر حَبًّا مُتَراكِباً يعني السنبل لأن حبه بعضه على بعض، وكذلك الرمان وشبهه قِنْوانٌ جمع قنو، وهو العنقود من التمر، وهو مرفوع بالابتداء وخبره من النخل، ومن طلعها بدل، والطلع أول ما يخرج من التمر في أكمامه دانِيَةٌ أي قريبة سهلة التناول، وقيل: قريبة بعضها من بعض وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ بالنصب عطف على نبات كل شيء وقرئ «١» في غير السبع بالرفع عطف على قنوان مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ نصب على الحال من الزيتون والرمان، أو من كل ما تقدم من النبات، والمشتبه والمتشابه بمعنى واحد أي: من النبات ما يشبه بعضه بعضا في اللون والطعم والصورة، ومنه ما لا يشبه بعضه بعضا، وفي ذلك دليل قاطع على الصانع المختار القدير العليم المريد انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ