آيات من القرآن الكريم

وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

ب يَشاءَ، ولما كانتْ قوة الكلامِ أنه لا يخَافُ ضرراً، استثنى مشيئةَ ربِّه تعالى في أن يريده بضرّ، وعِلْماً: نصبٌ على التمييز، وهو مصدرٌ بمعنى الفاعل كما تقول العرب: تَصَبَّبَ زَيْدٌ عَرَقاً، المعنى: تصبَّبَ عَرَقُ زَيْدٍ فكذلك المعنى هنا وِسَعِ علْمُ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ، أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ: توقيفٌ وتنبيه وإظهار لموضعِ التقصيرِ منهم، وقوله: وَكَيْفَ أَخافُ مَا أَشْرَكْتُمْ... الآيةَ إلى تَعْلَمُونَ، هي كلُّها من قول إبراهيم- عليه السلام- لقومه، وهي حجته القاطعة لهم، والمعنى: وكيف أخاف أصناماً لا خَطْب لها، إذ نبذتُها، ولا تخافُونَ أنتم اللَّهَ عزَّ وجلَّ، وقد أشركتم به في الربوبيَّة مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً والسلطانُ: الحُجَّة، ثم استفهم على جهة التقرير: فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ، مني ومنكم أَحَقُّ بِالْأَمْنِ، قال أبو حَيَّان «١» : وَكَيْفَ: استفهام، معناه التعجّب والإنكار. انتهى.
وقوله سبحانه: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ... الآية، قال ابنُ إسحاق، وابنُ زيدٍ، وغيرهما: هذا قولٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ ابتداء حُكْمٍ فَصْلٍ عامٍّ لِوَقْتِ مُحاجَّة إبراهيم وغيره، ولكلِّ مؤمن «٢» تقدَّم أو تأَخَّر.
قال ع «٣» : هذا هو البيِّن الفصيحُ الذي يرتبطُ به معنى الآية، ويحسُنُ رصْفها، وهو خبرٌ من اللَّه عزَّ وجلَّ، ويَلْبِسُوا: معناه: يَخْلِطُوا، والظُّلْم في هذا الموضع:
الشِّرْك تظاهرت بذلك الأحاديثُ الصحيحةُ، وفي قراءة «٤» مجاهدٍ: «وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِشِرْكٍ» وَهُمْ مُهْتَدُونَ، أي: راشدون.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٨٣ الى ٨٦]
وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥) وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ (٨٦)
وقوله تعالى: وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ: «تلك» : إشارةٌ إلى هذه الحجَّة المتقدِّمة.
وقوله سبحانه: نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ، «الدرجات» : أصلها في الأجسام، ثم

(١) ينظر: «البحر المحيط» (٤/ ١٧٥).
(٢) أخرجه الطبري (٥/ ٢٥٠) رقم (١٣٤٧٧، ١٣٤٧٨) بنحوه وذكره ابن عطية (٢/ ٣١٦).
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٣١٦).
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٣١٥)، و «البحر المحيط» (٤/ ١٧٥- ١٧٦).

صفحة رقم 488
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية