آيات من القرآن الكريم

إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ

إلى تحت الصخرة. ويقال: حين عرج به إلى السماء، فنظر إلى عجائب السموات. وروي عن عطاء أنه قال: لما رفع إبراهيم في ملكوت السماوات، أشرف على عبد يزني فدعا عليه، فهلك. ثم أشرف على آخر يزني فدعا عليه، فهلك. ثم رأى آخر فأراد أن يدعو عليه، فقال له ربه عز وجل: على رِسْلِك يا إبراهيم، فإنك مستجاب لك، وإني من عبدي على إحدى ثلاث خلال: إما أن يتوب فأتوب عليه، وإما أن أُخرِج منه ذرية طيبة، وإما أن يتمادى فيما هو فيه، فأنا من ورائه أي أنا قادر عليه.
وروي عن سلمان الفارسي أنه قال: لما رأى إبراهيم ملكوت السموات، رأى عَبْداً على فاحشة، فدعا عليه فهلك، ثم رأى آخر على فاحشة، فدعا عليه فهلك، ثم رأى آخر على فاحشة فدعا عليه، قال الله تعالى: أنْزِلوا عبدي كي لا يهلك عبادي. ويقال: إنه كان يقول: أنا أرحم الخلق. فلما رأى المعصية فدعا عليهم، قال الله تعالى: إِنَّا أرحم بعبادي منك، اهبط لعلّهم يرجعون. ويقال إن نمرود بن كنعان قالت له كهنته: يولد في هذه السنة غلام ينازعك في ملكك، فأمر بذبح كل غلام يولد في تلك السنة. ويقال: رأى في المنام، أن كبشاً دخل عليه، فنطح سريره بقرنه، فسأل المعبِّرين فأخبروه، أنه يولد غلام ينازعك في ملكك. فأمر بذبح كل غلام يولد. فحملت أم إبراهيم بإبراهيم، ولم يتبيّن حملها، ولم يعرف أحد أنها حامل، حتى أخذها الطَّلْق فخرَّت إلى جبل من الجبال، ودخلت في غار فولدت إبراهيم.
وخرجت ووضعت صخرة على باب الغار. فجاءه جبريل- عليه السلام- ووضع إبهامه في فمه، وكان يمصه ويخرج منه اللبن، وكان يجعل سبّابته في فمه فيمصها، ويخرج منها العسل.
حتى كبر وأدرك في أيام قليلة. ويقال: إن أمه كانت تختلف إليه وترضعه حتى أرضعته سنتين، وتحمل إليه الطعام حتى أدرك في المدة التي يدرك فيها الصبيان فخرج من الغار فنظر إلى السماء، وإلى الأرض، وإلى الجبال، فتفكَر في نفسه ثم قال: إِنَّ لهذه الأشياء خالقاً خلقها.
والذي خلق هذه الأشياء هو الذي خلقني فذلك قوله وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ وكان في ذلك التفكير إذا نظر إلى نجم يضيء وهو المشتري، فرآه أضوَأ الكواكب. وقد علم أن الله تعالى أعلى الأشياء ولا يشبهه شيء من خلقه. ورأى الكواكب أعلى الأشياء وكان أحسنها.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٧٦ الى ٧٩]
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)

صفحة رقم 461

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي وقال: هذا بغير فكرة. فكان ذلك منه زلة. ويقال: إنما قال ذلك على سبيل الاستفهام أهذا ربي؟ فَلَمَّا أَفَلَ يعني: غاب الكوكب قالَ: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ يعني: لا أحب ربنا يتغير عن حاله ويزول فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً يعني: طالعاً. ويقال: إن ذلك كان في وقت السحر، وكان ذلك في آخر الشهر. فرأى كوكباً يعني: الزهرة، حين طلعت، وكان من أضوء الكواكب. فلما ارتفع وطلع الفجر نقص ضوءه قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ يعني: لا أحب ربنا يتغير. فلما رأى القمر فرأى ضوءه أكثر قالَ هذا رَبِّي على سبيل الاستفهام فَلَمَّا أَفَلَ يعني: نقص ضوءه حين أسفر الصبح قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ يعني: لئن لم يحفظ ربي قلبي. لقد كنت اتخذت إلها ما لم يكن إلهاً فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً يعني: طالعة قد ملأت كل شيء ضوءاً ف قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ يعني: أعظم وأكثر نوراً فَلَمَّا أَفَلَتْ يعني: غربت. علم أنه ليس بإله.
فجاءته أمه فقال لها: من ربي؟ قالت: أنا. قال: ومن ربك؟ قالت: أبوك. قال: ومن رب أبي؟ قالت: نمرود بن كنعان. قال: ومن ربه؟ قالت له: اسكت. فقال لها: كيف هو؟ هل يأكل ويشرب وينام؟ قالت: نعم. قال: هذا لا يصلح أن يكون ربًّا وإلها. فرجعت الأم إلى أب إبراهيم، فأخبرته بالقصة فخرج إليه فسأله مثل ذلك. ثم قال له في آخره: تعال حتى تعبد الذي خلقني وخلقك وخلق نمرود. فغضب أبوه، فرجع عنه، ثم دخلت عليه رأفة الوالد لولده، فرجع إليه. وقال له: ادخل المِصْر لتكون معنا، فدخل فرأى القوم يعبدون الأصنام.
فدعوه إلى عبادة الأصنام ف قالَ لهم حينئذ: يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ فقيل له من تَعْبُد أنت يا إبراهيم؟ فقال أعبد الله الذي خلقني وخلق السموات والأرض.
فذلك قوله: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ يعني: أخلصت ديني وعملي لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ يعني: خلق السموات وَالْأَرْضَ حَنِيفاً يقول: إني وجهت وجهي مخلصاً مستقيماً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ على دينكم. ويقال: إن قوله هذا رَبِّي قال ذلك لقومه على جهة الاستهزاء بهم. كما قَالَ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا [الأنبياء: ٦٣] ويقال: أراد بهذا أن يستدرجهم فيظهر قبيح فعلهم، وخطأ مذهبهم وجهلهم. لأنهم كانوا يعبدون النجوم والشمس، والقمر. فَلَماَّ رَأَى الكوكب قال لهم: هذا رَبِّي. وأظهر لهم أنه يعبد ما يعبدون.
فلما غاب الكوكب قال لهم: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فأخبرهم بأن الآفل لا يصلح أن يكون إلها.
ثم قال في الشمس والقمر هكذا. كما روي عن عيسى- عليه السلام- أنه بعث رسولاً إلى

صفحة رقم 462
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية