آيات من القرآن الكريم

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا ۚ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒ

عجبا لهؤلاء! أيكذبون على ربهم يوم القيامة؟ أم هي الدهشة والحيرة والخزي والوبال؟ فتارة يكذبون وتارة يصدقون ولا يكتمون الله حديثا.
انظر كيف كذبوا على أنفسهم؟ يا له من كذب وخزي وعار! بعد الافتخار والاعتداد بدين الشرك والأوثان، تعجب كيف كذبوا وضل عنهم ما كانوا يفترونه ويختلقونه؟
بعض أعمال المشركين [سورة الأنعام (٦) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٢٦)
المفردات:
أَكِنَّةً الأكنّة: جمع كنان، وهو الغطاء والستر. وَقْراً: صمما وثقلا في السمع. آيَةٍ: علامة دالة على صدق الرسول. أَساطِيرُ: جمع أسطورة، وهي الخرافة. وَيَنْأَوْنَ: يبعدون عنه ويعرضون.
سبب النزول:
روى أنه اجتمع أبو سفيان والوليد والنضر وعقبة وشيبة وأبو جهل وأضرابهم، يسمعون تلاوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للقرآن فقالوا للنضر- وكان صاحب أخبار-: يا أبا قتيلة ما يقول محمد؟! فقال النضر: والذي جعلها بيته ما أدرى ما يقول إلا أنه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين مثل ما حدثتكم به عن القرون الماضية، فقال أبو سفيان:

صفحة رقم 599

إنى لأراه حقا، فقال أبو جهل: كلا، فنزلت
... ولكنا قلنا فيما مضى:

إن الصحيح أن سورة الأنعام نزلت دفعة واحدة ولعلهم يذكرون حوادث وقعت تتفق مع الآيات.
المعنى:
ومن هؤلاء الكفار فريق يستمع إليك وأنت تقرأ القرآن المحكم الآيات البين المعجزات، والحال أنا جعلنا على قلوبهم أغطية وستائر تحول دون فهم القرآن الكريم وتدبر معانيه وجعلنا في آذانهم صمما حتى لا يسمعوا آياته سماع قبول وتدبر.
وهذا تمثيل وتصوير لموقفهم من القرآن والنبي حيث قالوا: أساطير الأولين، وسحر وشعر والنبي ساحر كذاب، كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً «١» إذ حالهم وما نشئوا فيه وبيئتهم وحبهم للرياسة والجاه وحسدهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم كل ذلك كان بمثابة غطاء وحجاب يمنع القلب والسمع من أن يتقبل كلام الله وكلام رسوله بقلب فاهم وسمع واع.
ولذلك يقول القرآن فيهم: وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها فهم كفروا بكل آية ومعجزة وذلك لصرف الله قلوبهم عن الخير لما أعماهم التقليد عن النظر الصحيح والفهم السليم. وهذه سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا، حتى إذا جاءوك مجادلين يقول الذين كفروا منهم وكذبوا: ما هذا إلا خرافات وترهات فهم لم يكتفوا بالتكذيب بل وصفوه بأحط الأوصاف حيث قالوا: أساطير الأولين.
وهم ينهون الناس عن القرآن حتى لا يسمعه أحد، ويصدون عن سبيل الله. وهم ينأون عنه ويبتعدون بأنفسهم إظهارا لغاية نفورهم منه وتأكيدا لنهيهم عنه، وما يهلكون إلا أنفسهم فقط وما يشعرون.
(١) سورة الكهف آية ٥.

صفحة رقم 600
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية