
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠)﴾.
[٢٠] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ معناه: يكونون في حد غير الحد الذي شرع الله ﴿أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ﴾ المغلوبين.
...
﴿كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١)﴾.
[٢١] ﴿كَتَبَ اللَّهُ﴾ أي: قضى ﴿لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ بالحجة كُلَّ مَنْ حادَّ الله ورسوله. قرأ نافع، وأبو جعفر، وابن عامر: (وَرُسُلِيَ) بفتح الياء، والباقون: بإسكانها (١).
﴿إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ﴾ على نصر رسله ﴿عَزِيزٌ﴾ غالب في مراده.
...
﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢)﴾.
[٢٢] ونزل في قتل أبي عبيدة بن الجراح أباه عبدَ الله بنَ الجراح يومَ أحد، وأبي بكر حيث أراد مبارزة ابنه يومَ بدر، ومصعبِ بنِ عمير وقتلِه

أخاه عبيدَ بنَ عمير بأُحد، وعمرَ وقتلِه خالَه العاصَ بنَ هشام ببدر، وعلي وحمزة وقتلِهما الوليدَ بنَ عتبة وشيبةَ وعتبةَ ابني ربيعة ببدر:
﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ (١) عاداهما وخالفهما. تلخيصه: من صح إيمانه، لم يواد المشركين، بل يقتلهم، ويقصدهم بالسوء ﴿وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ﴾ كأبي عبيدة بن الجراح ﴿أَوْ أَبْنَاءَهُمْ﴾ كأبي بكر ﴿أَوْ إِخْوَانَهُمْ﴾ كمصعب بن عمير.
﴿أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ كعمر وعلي وحمزة.
﴿أُولَئِكَ﴾ المذكورون.
﴿كَتَبَ﴾ ثبَّتَ ﴿فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ﴾ قواهم.
﴿بِرُوحٍ﴾ أي: بنصر ﴿مِنْهُ﴾ هو جبريل عليه السلام.
﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ بطاعتهم.
﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾ بقضائه.
﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ﴾ أنصارُ دينه، والحزب: الفريق الذي يجمعهم مذهب واحد.
﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الفائزون ببغيتهم، والله أعلم.
...

فَتْحُ الرَّحْمَن في تَفْسِيْرِ القُرآنِ
تَأليف
الإِمَامِ القَاضِي مُجِير الدِّينِ بْنِ مُحمَّد العُليِميِّ المَقدِسِيِّ الحَنبليِّ
المولود سنة (٨٦٠ هـ) - والمتوفى سنة (٩٢٧ هـ) رَحِمَهُ الله تعَالى
المُجَلَّد السابع
اعتَنَى بِهِ
تَحقِيقًا وضَبْطًا وتَخْريجًا
نُوْرُ الدِّيْن طَالب
إصدَارات
وزَارة الأوقاف والشُؤُوْن الإِسلامِيّة
إدَارَةُ الشُؤُوْنِ الإِسلاَمِيّةِ
دولة قطر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
صفحة رقم 2
فَتْحُ الرَّحَمْن
صفحة رقم 3
حُقُوق الطَّبع مَحفُوظَة
لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
إدارة الشؤون الإسلامية
دولة قطر
الطَبعَة الأولى، ١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
قامت بعمليات التنضيد الضوئي والإخراج والطباعة
دارُ النَّوادر لصاحبها ومديرها العام نور الدين طالب
سوريا - دمَشق - ص. ب: ٣٤٣٠٦
لبنان - بَيروت - ص. ب: ٥١٨/ ١٤
هَاتف: ٠٠٩٦٣١١٢٢٢٧٠٠١ - فاكس: ٠٠٩٦٣١١٢٢٢٧٠١١
www.daralnawader.com

سُورة الحشر
مدنية باتفاق أهل العلم، وآيها: أربع وعشرون آية، وحروفها: ألف وتسع مئة وثلاثة عشر حرفًا، وكلمها: أربع مئة وخمس وأربعون كلمة، وهي سورة بني النضير، [وذلك أن رسول الله - ﷺ - كان عاهد بني النضير] (١) على سِلْم ألَّا يقاتلوه، ولا يقاتلوا معه، وهم يرون أنه لا ترد له راية، فلما جرت هزيمة أحد، ارتابوا ودخلوا قريشًا وغدروا، فلما رجع النبي - ﷺ - من أحد، تبين له معتقد بني النضير وغدرهم بعهده، وموالاتهم للكفار، فخرج إليهم بالكتائب على حمار مخطوم بليف، وقال: "اخرجوا من المدينة"، فقالوا: الموتُ أقرب إلينا من ذلك، فدسَّ إليهم عبد الله بن أبي وأصحابُه ألا تخرجوا من حصنكم، وإن قتلتم فنحن معكم ننصركم، وإن خرجتم خرجنا معكم، فدربوا الأزقة، وحصنوها، فحاصرهم - ﷺ - إحدى وعشرين ليلة، فرعبت قلوبهم، وطلبوا الصلح، فأبى عليهم - ﷺ - إلا الجلاء، ويحمل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاؤوا من متاعهم، ولنبي الله - ﷺ - ما بقي، فجلوا عن المدينة إلى أريحاء وأذرعات من أرض الشام، إلا أهل بيتين من