آيات من القرآن الكريم

أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ

الفقراء على كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- ومجالسته فلم يقدم أحد من أهل الميسرة بصدقة غير علي بن أبي طالب قدم ديناراً، وكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- في عشر كلمات فلم يلبث إلا يسيرًا حتى أنزل الله.
١٣ - ﴿أَأَشْفَقْتُمْ﴾ الآية (١).
وروى ليث عن مجاهد قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي (٢) ولا يعمل بها أحد بعدي: آية النجوى، كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فناجيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فكنت كلما ناجيت النبي -صلى الله عليه وسلم- قدمت بين يدي نجواي درهمًا، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد (٣).
ونحو هذا قال ابن جريج، والكلبي، وعطاء عن ابن عباس أنهم نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا فلم يناجه أحد إلا علي تصدق بدينار، ثم نزلت الرخصة (٤)، قالوا: وما كانت إلا ساعة من النهار حتى نسخت. وهو قول الكلبي (٥).
وقال مقاتل بن حيان: إنما كان ذلك عشر ليال ثم نسخ (٦)، ولم تقدر

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٦ أ، و"الكشف والبيان" ١٢/ ٨٢ أ، و"لوسيط" ٤/ ٢٦٦.
(٢) (قبلي) ساقطة من (ك).
(٣) انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦٦٠، و"تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٨٠، و"جامع البيان" ٢٨/ ١٥، "المستدرك" ٢/ ٤٨٢، و"أسباب النزول" للواحدي ص ٤٧٦.
(٤) انظر: "معالم التزيل" ٤/ ٣١٠، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي ص ٢٣٦، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٧١.
(٥) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٨٠ وزاد نسبته لقتادة، و"أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٤٢٨، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٨٢ ب.
(٦) انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ٨٢ ب، وفي "جامع القرطبي" ١٧/ ٣٠٣، نسبه لابن عباس وعلي بن أبي طالب، و"نواسخ القرآن" ص ٢٣٦، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٧١، و"الدر" ٦/ ١٨٥، ونسب تخريجه لابن أبي حاتم.

صفحة رقم 352

هذه الصدقة بشيء. وشاور النبي -صلى الله عليه وسلم- في تقديرها عليًّا؟ قال: قال لي: كم ترى؟ ديناراً. قلت: لا يطيقونه. قال: كم؟ قلت: حبة أو شعيرة، قال: إنك لزهيد، فنزلت آية النسخ (١).
قوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ يعني للفقراء، وهذا يدل علي أن من لم يجد ما يتصدق به كان معفوًّا عنه.
وأجمعوا على أن هذه الآية منسوخة الحكم بقوله: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ﴾ قال ابن عباس: أبخلتم (٢)، وقال مقاتل: أشق عليكم (٣)، والمعنى: أخفتم العيلة أن قدمتم بين يدي نجواكم صدقات، وهذا خطاب للأغنياء، لأن من لم يجد لا يقال له هذا.
ونسخت الزكاة الصدقة التي كانت عند المناجاة، وهو قوله تعالى: ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ (٤).

(١) أخرجه الترمذي في "سننه"، كتاب: التفسير، سورة المجادلة، وحسنه، و"جامع البيان" ٢٨/ ١٥، و"نواسخ القرآن" ص ٢٣٥.
(٢) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣١١، و"الجامع" ١٧/ ٣٣.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٦ أ، و "تفسير مجاهد" ٢/ ٦٦٠، و"جامع البيان" ٢٨/ ١٦، و"إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٣٨٠، ونسبوه لمجاهد.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٦ أ، و"نواسخ القرآن" ص ٢٣٦، ونسبه لابن عباس، و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٤٢.
قلت: مراد المؤلف -رحمه الله- من نسخ صدقة المناجاة بالزكاة أي أن قوله تعالى: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ﴾ الآية بكاملها نسخت الآية السابقة عليها، فعاد المسلمون إلى مناجاة النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير تقديم شيء، وهو المجمع عليه من المفسرين -رحمه الله- والله أعلم.

صفحة رقم 353
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية