
فنزلت هذه الآيات (١).
قال أبو إسحاق: أي ما الذي يأتيكم به مما قاله بهواه.
٤ - ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ إنْ بمعنى ما (٢).
قال الكلبي ومقاتل: ما القرآن إلا وحي من الله -عز وجل- يأتي به جبريل، فذلك قوله:
٥ - ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ (٣) قال ابن عباس والمفسرون: يعني جبريل (٤) عليه السلام، والقوى جمع قوة
٦ - ﴿ذُو مِرَّةٍ﴾. قال الكلبي: ذو شدة (٥)، وقال مقاتل: ذو قوة (٦).
ومعنى المِرَّة في اللغة شدة الفتل وشدة أسر الخلق، ومنه الحديث: "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مِرَّة سَوي" (٧).
وأصل المرة من أمررت الحبل أي: شددت قتله، وكل قوة من قوى الحبل مرة، وجمعها مِرر (٨). وتم الكلام عند قوله: ﴿ذُو مِرَّةٍ﴾ (٩) وهو من
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٧٠.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٣٠ أ، و"الوسيط" ٤/ ١٩٣.
(٤) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٩١، و"جامع البيان" ٢٧/ ٢٥، و"ابن كثير" ٤/ ٢٤٧.
(٥) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٩١، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٤٥.
(٦) انظر: "تفسير مقاتل" ١٣٠ أ، و"جامع البيان" ٢٧/ ٢٥، عن ابن زيد، ومجاهد، وسفيان.
(٧) حديث صحيح، أخرجه الإمام أحمد في "المسند" ٢/ ١٦٤، ١٩٢ والترمذي في الزكاة، باب ما جاء من لا تحل له الصدقة ٣/ ٤٢، وأبو داود في الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى ١/ ٤٠٧، وابن ماجه في الزكاة ١/ ٥٨٠ (٢٦).
(٨) انظر: "تهذيب اللغة" ١٥/ ١٩٦ (مر).
(٩) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٨٧.

نعت ﴿شَدِيدُ الْقُوَى﴾ (١).
ثم قال: ﴿فَاسْتَوَى﴾ قال صاحب النظم: ﴿فَاسْتَوَى﴾ لا يحسن انتظامه بما قبله؛ لأن دخول الفاء لو كان متصلاً بما قبله لوجب أن يكون ما قبله للاستواء، وهو متصل بما بعده على تأويل ﴿فَاسْتَوَى﴾ أي جبريل ﴿وَهُوَ﴾ أي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلى هذا عطف بقوله ﴿وَهُوَ﴾ على الضمير المرفوع في ﴿اسْتَوَى﴾ من غير تأكيد.
قال الفراء: وأكثر كلام العرب إذا نسقوا على المكنى المرفوع أن يؤكدوه (٢) قبل أن ينسقوا عليه فيقولون: استوى هو وأبوه ولا يكادون يقولون: استوى وأبوه، وربما فعلوا ذلك كقول الشاعر:
ألم تر أن النبع يصلب عوده | ولا يستوى والخروع المتقصف (٣) |
(٢) في (ك): (يؤكده، فيقول).
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٣/ ٩٥، و"القطع والائتناف" ص ٦٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٨٥، ولم أجد البيت منسوبًا.
(٤) في (ك): (على) ساقطة.
(٥) انظر: "معانى القرآن" للزجاج ٥/ ٧٠.