آيات من القرآن الكريم

۞ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ
ﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗ

فُعْلَى، وَأَمَّا إِذَا كَانَ تَأْنِيثُهُ بِالتَّاءِ أَوْ جَازَ ذَلِكَ فِيهِ لَا يَكُونُ غَيْرَ مُنْصَرِفٍ. ثم قال تعالى:
[سورة النجم (٥٣) : آية ٢٦]
وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لَا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (٢٦)
وَقَدْ عُلِمَ وَجْهُ تَعَلُّقِهَا بِمَا قَبْلَهَا فِي الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قوله تعالى: فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ [النجم: ٢٥] إِنْ قُلْنَا إِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَغَيْرَهُمَا لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى فَلَا يَجُوزُ إِشْرَاكُهُمْ فَيَقُولُونَ نَحْنُ لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا نَقُولُ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا فَقَالَ كَيْفَ تَشْفَعُ هَذِهِ وَمَنْ فِي السموات لَا يَمْلِكُ الشَّفَاعَةَ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: كَمْ كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَقَادِيرِ، إِمَّا لِاسْتِبَانَتِهَا فَتَكُونُ اسْتِفْهَامِيَّةً كَقَوْلِكَ كَمْ ذِرَاعًا طُولُهُ وَكَمْ رَجُلًا جَاءَكَ أَيْ كَمْ عَدَدُ الْجَائِينَ تَسْتَبِينُ الْمِقْدَارَ وَهِيَ مِثْلُ كَيْفَ لِاسْتِبَانَةِ الْأَحْوَالِ وَأَيُّ لِاسْتِبَانَةِ الْأَفْرَادِ، وَمَا لِاسْتِبَانَةِ الْحَقَائِقِ، وَإِمَّا لِبَيَانِهَا عَلَى الْإِجْمَالِ فَتَكُونُ خَبَرِيَّةً كَقَوْلِكَ كَمْ رَجُلٌ أَكْرَمَنِي أَيْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَكْرَمُونِي غَيْرَ أَنَّ عَلَيْهِ أَسْئِلَةً الْأَوَّلُ: لِمَ لَمْ يَجُزْ إِدْخَالُ مِنْ عَلَى الِاسْتِفْهَامِيَّةِ وَجَازَ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ الثَّانِي: لِمَ نُصِبَ مُمَيَّزُ الِاسْتِفْهَامِيَّةِ وَجُرَّ الَّذِي لِلْخَبَرِيَّةِ الثَّالِثُ: هِيَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْخَبَرِيَّةِ فِي مُقَابَلَةِ رب فلم جعل اسماء مَعَ أَنَّ رُبَّ حَرْفٌ، أَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ أَنَّ مِنْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُتَعَيِّنِ بِالْإِضَافَةِ تَقُولُ خَاتَمٌ مِنْ فِضَّةٍ كَمَا تَقُولُ خَاتَمُ فِضَّةٍ، وَلَمَّا لَمْ تُضَفْ فِي الِاسْتِفْهَامِيَّةِ لَمْ يَجُزِ اسْتِعْمَالُ مَا يُضَاهِيهِ وَسَنُبَيِّنُ هَذَا الْجَوَابَ، وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الثَّانِي هُوَ أَنْ نَقُولَ إِنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُمَيَّزِ الْإِضَافَةُ، وَعَنِ الثَّالِثِ هُوَ أَنَّ كَمْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ حَرْفُ الْجَرِّ فَتَقُولُ إِلَى كَمْ تَصْبِرُ، وَفِي كَمْ يَوْمٍ جِئْتَ، وَبِكَمْ رَجُلٍ مَرَرْتَ وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى إِنَّ كَمْ إِذَا قُرِنَ بِهَا مِنْ وَجُعِلَ مُمَيِّزُهُ جَمْعًا كَمَا فِي قَوْلِ الْقَائِلِ كَمْ مِنْ رِجَالٍ خَدَمْتُهُمْ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ كَثِيرٌ مِنَ الرِّجَالِ خَدَمْتُهُمْ وَرُبَّ وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّقْلِيلِ لَكِنْ لَا تَقُومُ مَقَامَ الْقَلِيلِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي رُبَّ إِنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ قَلِيلٍ كَمَا قُلْنَا فِي كَمْ إِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ كَثِيرٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ شَفَاعَتُهُمْ عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ إِلَى الْمَعْنَى، وَلَوْ قَالَ شَفَاعَتُهُ لَكَانَ الْعَوْدُ إِلَى اللَّفْظِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كَمْ مِنْ رَجُلٍ رَأَيْتُهُ، وَكَمْ مِنْ رَجُلٍ رَأَيْتُهُمْ، فَإِنْ قُلْتَ هَلْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مَعْنَوِيٌّ؟ قُلْتُ نَعَمْ، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: لَا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ يَعْنِي شَفَاعَةَ الْكُلِّ، وَلَوْ قَالَ شَفَاعَتُهُ/ لَكَانَ مَعْنَاهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كُلُّ وَاحِدٍ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُ فَرُبَّمَا كَانَ يَخْطُرُ بِبَالِ أَحَدٍ أَنَّ شَفَاعَتَهُمْ تُغْنِي إِذَا جُمِعَتْ، وَعَلَى هَذَا فَفِي الْكَلَامِ أُمُورٌ كُلُّهَا تُشِيرُ إِلَى عِظَمِ الْأَمْرِ أَحَدُهَا: كَمْ فَإِنَّهُ لِلتَّكْثِيرِ ثَانِيهَا: لَفْظُ الْمَلَكِ فَإِنَّهُ أَشْرَفُ أجناس المخلوقات ثالثها: في السموات فَإِنَّهَا إِشَارَةٌ إِلَى عُلُوِّ مَنْزِلَتِهِمْ وَدُنُوِّ مَرْتَبَتِهِمْ مِنْ مَقَرِّ السَّعَادَةِ رَابِعُهَا: اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ شَفاعَتُهُمْ وَكُلُّ ذَلِكَ لِبَيَانِ فَسَادِ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْأَصْنَامَ يَشْفَعُونَ أَيْ كَيْفَ تَشْفَعُ مَعَ حَقَارَتِهَا وَضَعْفِهَا وَدَنَاءَةِ مَنْزِلَتِهَا فَإِنَّ الْجَمَادَ أَخَسُّ الْأَجْنَاسِ وَالْمَلَائِكَةَ أَشْرَفُهَا وَهُمْ فِي أَعْلَى السموات وَلَا تُقْبَلُ شَفَاعَةُ الْمَلَائِكَةِ فَكَيْفَ تُقْبَلُ شَفَاعَةُ الْجَمَادَاتِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مَا الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ بِمَعْنَى كَثِيرٌ مِنَ الملائكة مع أن كل من في السموات مِنْهُمْ لَا يَمْلِكُ الشَّفَاعَةَ؟ نَقُولُ الْمَقْصُودُ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِمْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ تَشْفَعُ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِبَيَانِ أَنَّ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا تُقْبَلُ شَفَاعَتُهُ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْكَثِيرَةِ، وَلَمْ يَقُلْ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَمْلِكُ الشَّفَاعَةَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْمُنَازَعَةِ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ كَثِيرٌ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ حَاصِلٌ بِهِ، ثُمَّ هَاهُنَا بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ يُسْتَعْمَلُ صيغة

صفحة رقم 255

الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ الْكَثِيرُ، وَفِي الْبَعْضِ يُسْتَعْمَلُ الْكَثِيرُ والمراد الكل وكلاهما على طريقة واحد، وَهُوَ اسْتِقْلَالُ الْبَاقِي وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ، فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ [الْأَحْقَافِ: ٢٥] كَأَنَّهُ يَجْعَلُ الْخَارِجَ عَنِ الْحُكْمِ غَيْرَ مُلْتَفَتٍ إِلَيْهِ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ وَقَوْلِهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [النَّحْلِ: ٧٥] وَقَوْلِهِ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ [سَبَأٍ: ٤١] يُجْعَلُ الْمَخْرَجُ غَيْرَ مُلْتَفَتٍ إِلَيْهِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ مَا أَخْرَجَهُ كَالْأَمْرِ الْخَارِجِ عَنِ الْحُكْمِ كَأَنَّهُ مَا خَرَجَ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْكَلَامِ، فَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ مَذْكُورًا لِأَمْرٍ فِيهِ يُبَالَغُ يُسْتَعْمَلُ الْكُلُّ، مِثَالُهُ يُقَالُ لِلْمَلِكِ كُلُّ النَّاسِ يَدْعُونَ لَكَ إِذَا كَانَ الْغَرَضُ بَيَانَ كَثْرَةِ الدُّعَاءِ لَهُ لَا غَيْرَ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ مَذْكُورًا لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ لَا يُبَالَغُ فِيهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ غَيْرُهُ فَلَا يُسْتَعْمَلُ الْكُلُّ، مِثَالُهُ إِذَا قَالَ الْمَلِكُ لِمَنْ قَالَ لَهُ اغْتَنِمْ دُعَائِيَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَدْعُونَ لِي، إِشَارَةٌ إِلَى عَدَمِ احْتِيَاجِهِ إِلَى دُعَائِهِ لَا لِبَيَانِ كَثْرَةِ الدُّعَاءِ لَهُ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ: لَا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ وَلَمْ يَقُلْ لَا يَشْفَعُونَ مَعَ أَنَّ دَعْوَاهُمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا لَا أَنَّ شَفَاعَتَهُمْ تَنْفَعُ أَوْ تُغْنِي وَقَالَ تَعَالَى فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] فَنَفَى الشَّفَاعَةَ بِدُونِ الْإِذْنِ وَقَالَ: مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ [السجدة: ٤] نَفَى الشَّفِيعَ وَهَاهُنَا نَفَى الْإِغْنَاءَ؟
نَقُولُ هُمْ كَانُوا يَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ نَفْعَ شَفَاعَتِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى [الزُّمَرِ: ٣] ثُمَّ نَقُولُ نَفْيُ دَعْوَاهُمْ يَشْتَمِلُ عَلَى فَائِدَةٍ عَظِيمَةٍ، أَمَّا نَفْيُ دَعْوَاهُمْ لِأَنَّهُمْ قَالُوا الْأَصْنَامُ تَشْفَعُ لَنَا شَفَاعَةً مُقَرِّبَةً مُغْنِيَةً فَقَالَ: لَا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ بِدَلِيلِ أَنَّ شَفَاعَةَ الْمَلَائِكَةِ لَا تُغْنِي، وَأَمَّا الْفَائِدَةُ فَلِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى بِقَوْلِهِ:
إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ أَيْ فَيَشْفَعُ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ فِيهِ بَيَانُ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَتُغْنِي أَوْ لَا تُقْبَلُ، فَإِذَا قَالَ: لَا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ ثُمَّ قَالَ: إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ/ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ تُغْنِي فَيَحْصُلُ الْبِشَارَةُ، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا [غَافِرٍ: ٧] وَقَالَ تَعَالَى:
وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ [الشُّورَى: ٥] وَالِاسْتِغْفَارُ شَفَاعَةٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] فَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ الشَّفَاعَةِ وَقَبُولَهَا كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ حَيْثُ رَدَّ عَلَيْهِمْ قَوْلَهُمْ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ عَظَمَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَا يَنْطِقُ فِي حَضْرَتِهِ أَحَدٌ وَلَا يَتَكَلَّمُ كَمَا فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ «١» [النَّبَأِ: ٣٨].
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالْإِذْنِ وَهُوَ عَلَى طَرِيقَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَالَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي الشَّفَاعَةِ لِمَنْ يَشَاءُ الشَّفَاعَةَ وَيَرْضَى الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ فِي الْمَشْفُوعِ لَهُ لِأَنَّ الْإِذْنَ حَاصِلٌ لِلْكُلِّ فِي الشَّفَاعَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُمْ جَمِيعَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ فَلَا مَعْنًى لِلتَّخْصِيصِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُنَازَعَ فِيهِ وَثَانِيهِمَا: أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالْإِغْنَاءِ يَعْنِي إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لَهُمْ فِي الشَّفَاعَةِ فَتُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ هَذَا بَعِيدٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ تَشْفَعَ الْمَلَائِكَةُ، وَالْإِغْنَاءُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا لِمَنْ يَشَاءُ، فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّنْبِيهَ عَلَى مَعْنَى عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الْمَلَكَ إِذَا شَفَعَ فَاللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَشِيئَتِهِ بَعْدَ شَفَاعَتِهِمْ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: مَا الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَرْضى؟ نَقُولُ فِيهِ فَائِدَةُ الْإِرْشَادِ، وَذَلِكَ لأنه لما قال:

(١) في المطبوعة (لا يتكلمون إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يشاء) وهي خطأ وغير موجودة في القرآن فأثبتنا التي في سورة النبأ.

صفحة رقم 256
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية