
٣٩ - وقوله: ﴿فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ﴾ قال ابن عباس، ومقاتل: أي بجمعه وجنده ورهطه (١). وعلى هذا سمى جمعه ركنًا له، لأنه يتقوي بهم كالبنيان يتقوي بركنه. والباء يكون في ﴿بِرُكْنِهِ﴾ للتعدية، أي جعلهم يتولون (٢). ويجوز أن يكون المعنى: تولى هو بسبب جنده. أي بقوتهم وشوكتهم، كما تقول: فعلت هذا بقوة فلان.
وقال الفراء: أعرض بقوته في نفسه (٣). وعلى هذا ركنه قوته. وهذا راجع إلى الأول، لأن قوته بجنده، وقال أبو عبيدة: فتولى بركنه، وبجانبه سواء، إنما هي ناحيته (٤). وهو اختيار ابن قتيبة. قال: فتولى بركنه ونأى بجانبه سواء (٥). وعلى هذا ركنه نفسه. وهو قول المؤرج قال: بركنه بجانبه (٦).
٤١ - قوله: ﴿الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾، قال جماعة المفسرين (٧): هي التي لا تلقح شجرًا ولا تثير سحابًا ولا تحمل مطرًا ولا خير فيها ولا بركة ولا منفعة ولا رحمة، ولا ينزل بها غيث، إنما هي ريح الإهلاك، وهي عذاب على من أرسلت عليه.
(٢) انظر: "التفسير الكبير" ٢٨/ ٢٢.
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٣/ ٨٧.
(٤) انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٢٧.
(٥) انظر: "تفسير غريب القرآن" ٤٢٢
(٦) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٥
(٧) انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦٢، "تفسير مقاتل" ١٢٧ أ، "جامع البيان" ٢٧/ ٤، "فتح القدير" ٨/ ٩٠.

قال سعيد بن المسيب: هي الجنوب (١).
وقال مقاتل: هي الدبور (٢).
وروى عكرمة عن ابن عباس: هي النكباء (٣).
وقال عبيد بن عمير: مسكنها الأرض الرابعة، وما فتح على عاد منها إلا كقدر منخر الثور (٤). ويقال للتي لا تلد من النساء عقيمًا، وكذلك للذي لا يولد له: يقال له: رجل عقيم، وفحل عقيم إذا كان لا يلقح، وكما وصفت
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٧ أ، وهو المروي عن ابن عباس وغيره، انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٧٦ وهذا هو الثابت في الحديث المتفق عليه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور". صحيح البخاري، كتاب: بدء الخلق، باب ما جاء في قوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ﴾ ٤/ ١٣٢، كتاب: الاستسقاء، باب: (نصرت بالصبا) ٢/ ٤٠. صحيح مسلم، كتاب: الاستسقاء: باب في ريح الصبا والدبور ٢/ ٦١٧، "المسند" ١/ ٢٢٣ - ٢٢٨ والدبور: ريح تأتي من دبر الكعبة مما يذهب نحو الشرق. "اللسان" ١/ ٩٤٠ (دبر).
(٣) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٥، "الدر" ٦/ ١١٥، عن علي بن أبي طالب. والنكباء: كل ريح من الرياح الأربع انحرفت ووقعت بين ريحين، وهي تهلك المال وتحبس القطر. "اللسان" ٣/ ٧١٢ (نكب).
(٤) لم أجده. وفي العظمة ٤/ ١٣٣٣: عن عطاء بن يسار -رضي الله عنه- قال: قلت لكعب رحمه الله تعالى: من ساكن الأرض الثانية؟ قال: الريح العقيم، لما أراد الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يهلك قوم عاد أوحي إلى خزنتها أن افتحوا منها بابًا قالوا: يا ربنا مثل منخر الثور؟ قال: إذًا تكفي الأرض بمن عليها. فقال: افتحوا منها مثل حلقة الخاتم. قال والأقرب أن يكون موقوفًا على عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك والله أعلم.