وَيُقْرَأُ «وَعُبِدَ الطَّاغُوتُ» عَلَى أَنَّهُ فِعْلُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَالطَّاغُوتُ مَرْفُوعٌ، وَيُقْرَأُ «وَعَبُد» مِثْلُ ظَرُف؛ أَيْ: صَارَ ذَلِكَ لِلطَّاغُوتِ كَالْغَرِيزِيِّ.
وَيُقْرَأُ «وعبدوا» على أَنه فعل وَالْوَاو فَاعل والطاغوت نَصْب
وَيُقْرَأُ «وَعَبَدَةُ الطَّاغُوتِ» وَهُوَ جَمْعُ عَابِدٍ، مِثْلُ قَاتِلٍ وَقَتَلَةٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ) (٦١).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقَدْ دَخَلُوا) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْفَاعِلِ فِي قَالُوا، أَوْ مِنَ الْفَاعِلِ فِي آمَنَّا. وَ (بِالْكُفْرِ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْفَاعِلِ فِي دَخَلُوا؛ أَيْ: دَخَلُوا كُفَّارًا. (وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا) : حَالٌ أُخْرَى. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَقَدْ كَانُوا خَرَجُوا بِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (٦٢).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَكْلِهِمُ) : الْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْفَاعِلِ. وَ (السُّحْتَ) : مَفْعُولُهُ، وَمِثْلُهُ (عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ) [الْمَائِدَةِ: ٦٣].
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٦٤).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُنْفِقُ) : مُسْتَأْنَفٌ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْهَاءِ؛ لِشَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْهَاءَ مُضَافٌ إِلَيْهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْخَبَرَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْيَدَيْنِ إِذْ لَيْسَ فِيهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ إِلَيْهِمَا. (لِلْحَرْبِ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِنَارٍ، فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِأَوْقَدُوا. وَ (فَسَادًا) : مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ) (٦٦).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ) : مَفْعُولُ أَكَلُوا مَحْذُوفٌ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ نَعْتٌ لَهُ؛ تَقْدِيرُهُ: رِزْقًا كَائِنًا مِنْ فَوْقِهِمْ، أَوْ مَأْخُوذًا مِنْ فَوْقِهِمْ. (سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ) : سَاءَ هُنَا بِمَعْنَى بِئْسَ، وَقَدْ ذُكِرَ فِيمَا تَقَدَّمَ.
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (٦٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) : يُقْرَأُ عَلَى الْإِفْرَادِ، وَهُوَ جِنْسٌ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ وَبِالْجَمْعِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الرِّسَالَةِ مُخْتَلِفٌ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالصَّابِئُونَ) : يُقْرَأُ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْأَصْلِ، وَبِحَذْفِهَا وَضَمِّ الْبَاءِ، وَالْأَصْلُ عَلَى هَذَا صَبَا بِالْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْهَمْزَةِ، وَيُقْرَأُ بِيَاءٍ مَضْمُومَةٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ؛ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَلَمْ يَحْذِفْهَا لِتَدُلَّ عَلَى أَنَّ أَصْلَهَا حَرْفٌ يَثْبُتُ،