آيات من القرآن الكريم

فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ
ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

وَيُقْرَأُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَضَمِّ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ يَبْغُونَ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: يَبْغُونَهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ؛ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِضَرُورَةٍ فِي الشِّعْرِ، وَالْمُسْتَشْهَدُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي النَّجْمِ:

قَدْ أَصْبَحَتْ أَمُّ الْخِيَارِ تَدَّعِي عَلَيَّ ذَنْبًا كُلُّهُ لَمْ أَصْنَعِ
فَرَفَعَ كُلُّهُ، وَلَوْ نَصَبَ لَمْ يَفْسُدِ الْوَزْنُ.
(وَمَنْ أَحْسَنُ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ فِي مَعْنَى النَّفْيِ. وَ (حُكْمًا) : تَمْيِيزٌ. وَ (لِقَوْمٍ) : هُوَ فِي الْمَعْنَى: عِنْدَ قَوْمٍ يُوقِنُونَ.
وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ الْحُكْمَ لَهُمْ؛ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّ الْمُوقِنَ يَتَدَبَّرُ حُكْمَ اللَّهِ، فَيَحْسُنُ عِنْدَهُ، وَمِنْهُ (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) [الْحِجْرِ: ٧٧] وَ (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَقِيلَ: هِيَ عَلَى أَصْلِهَا، وَالْمَعْنَى إِنَّ حُكْمَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَكَذَلِكَ الْآيَةُ لَهُمْ؛ أَيِ: الْحُجَّةُ لَهُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٥١).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ لَا مَوْضِعَ لَهُ.
قَالَ تَعَالَى: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) (٥٢).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَتَرَى الَّذِينَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ، فَيَكُونُ يُسَارِعُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى تَعَرِفُ، فَيَكُونَ يُسَارِعُونَ حَالًا أَيْضًا.

صفحة رقم 443

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ رُؤْيَةِ الْقَلْبِ الْمُتَعَدِّيَةِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، فَيَكُونُ يُسَارِعُونَ الْمَفْعُولَ الثَّانِي، وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ بِالْيَاءِ، وَالْفَاعِلُ اللَّهُ تَعَالَى. وَ (يَقُولُونَ) : حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي يُسَارِعُونَ. وَ (دَائِرَةٌ) : صِفَةٌ غَالِبَةٌ لَا يُذْكَرُ مَعَهَا الْمَوْصُوفُ. (أَنْ يَأْتِيَ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ خَبَرُ عَسَى. وَقِيلَ: هُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بَدَلًا مِنِ اسْمِ اللَّهِ. (فَيُصْبِحُوا) : مَعْطُوفٌ عَلَى يَأْتِي.
قَالَ تَعَالَى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ) (٥٣).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيَقُولُ) : يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ مِنْ غَيْرِ وَاوِ الْعَطْفِ، وَهُوَ مُسْتَأْنَفٌ. وَيُقْرَأُ بِالْوَاوِ كَذَلِكَ، وَيُقْرَأُ بِالْوَاوِ وَالنُّصْبِ، وَفِي النَّصْبِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَأْتِي حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ مَعْنَى عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ، وَعَسَى أَنْ يَأْتِيَ اللَّهُ وَاحِدٌ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى لَفْظِ أَنْ يَأْتِيَ؛ لِأَنَّ أَنْ يَأْتِيَ خَبَرُ عَسَى وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ، فَيَفْتَقِرُ إِلَى ضَمِيرٍ يَرْجِعُ إِلَى اسْمِ عَسَى، وَلَا ضَمِيرَ فِي قَوْلِهِ: (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا)، فَيَصِيرُ كَقَوْلِكَ: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَقُولَ الَّذِينَ آمَنُوا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى لَفْظِ يَأْتِي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي جُعِلَ فِيهِ بَدَلًا فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي اسْمِ عَسَى، وَاسْتَغْنَى عَنْ خَبَرِهَا بِمَا تَضَمَّنَهُ اسْمُهَا مِنَ الْحَدَثِ.

صفحة رقم 444
التبيان في إعراب القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو البقاء محبّ الدين عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبريّ البغدادي
الناشر
عيسى البابي الحلبي وشركاه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
إعراب القرآن
اللغة
العربية