آيات من القرآن الكريم

وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

(وَمُهَيْمِنًا) : حَالٌ أَيْضًا. وَ «مِنَ الْكِتَابِ» حَالٌ مِنْ «مَا»، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الظَّرْفِ، وَ «الْكِتَابِ» الثَّانِي جِنْسٌ. وَأَصْلُ مُهَيْمِنٍ مُؤَيْمِنٌ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ الْمُهَيْمِنَ
الشَّاهِدُ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ هَمَنَ حَتَّى تَكُونَ الْهَاءُ أَصْلًا. (عَمَّا جَاءَكَ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ؛ أَيْ: عَادِلًا عَمَّا جَاءَكَ. وَ (مِنَ الْحَقِّ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «جَاءَكَ» أَوْ مِنْ «مَا». (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ) : لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْكُمْ صِفَةً لِكُلٍّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْفَصْلَ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ بِالْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَا تَشْدِيدَ فِيهِ لِلْكَلَامِ، وَيُوجِبُ أَيْضًا أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ جَعْلْنَا وَبَيْنَ مَعْمُولِهَا، وَهُوَ «شِرْعَةً» ؛ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: أَعْنِي.
وَ «جَعَلْنَا» هَاهُنَا إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهَا الْمُتَعَدِّيَةَ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهَا بِمَعْنَى صَيَّرْنَا. (وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ) : اللَّامُ تَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَلَكِنْ فَرَّقَكُمْ لِيَبْلُوَكُمْ. (مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ، وَفِي الْعَامِلِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: الْمَصْدَرُ الْمُضَافُ لِأَنَّهُ فِي تَقْدِيرِ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ جَمِيعًا، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ فَاعِلٌ فِي الْمَعْنَى، أَوْ قَائِمٌ مَقَامَ الْفَاعِلِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ الِاسْتِقْرَارُ الَّذِي ارْتَفَعَ بِهِ «مَرْجِعُكُمْ»، أَوِ الضَّمِيرُ الَّذِي فِي الْجَارِّ.
قَالَ تَعَالَى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) (٤٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ) : فِي «أَنْ» وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْأَمْرُ صِلَةٌ لَهَا، وَفِي مَوْضِعِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

صفحة رقم 441

أَحَدُهَا: نَصْبٌ عَطْفًا عَلَى الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ: «وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ» ؛ أَيْ: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْحُكْمَ. وَالثَّانِي: جَرٌّ عَطْفًا عَلَى «الْحَقِّ» ؛ أَيْ: أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَبِالْحُكْمِ، وَيَجُوزُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا لَمَّا حُذِفَ الْجَارُّ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ تَقْدِيرُهُ: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا نَزَّلَ اللَّهُ أَمْرُنَا أَوْ قَوْلُنَا.
وَقِيلَ: أَنْ بِمَعْنَى؛ أَيْ: وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى يُفْسِدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ «أَنْ» التَّفْسِيرِيَّةَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْبِقَهَا قَوْلٌ يُفَسَّرُ بِهَا، وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَأَمَرْنَاكَ؛ ثُمَّ فَسَّرَ هَذَا الْأَمْرَ بِاحْكُمْ.
(أَنْ يَفْتِنُوكَ) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ بَدَلَ الِاشْتِمَالِ؛ أَيْ: احْذَرْهُمْ فِتْنَتَهُمْ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مِنْ أَجْلِهِ؛ أَيْ: مَخَافَةَ أَنْ يَفْتِنُوكَ.
قَالَ تَعَالَى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٥٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ) : يُقْرَأُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، وَالنَّاصِبُ
لَهُ يَبْغُونَ، وَيُقْرَأُ بِفَتْحِ الْجَمِيعِ، وَهُوَ أَيْضًا مَنْصُوبٌ بِيَبْغُونَ؛ أَيِ: احْكُمْ حُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَيُقْرَأُ تَبْغُونَ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ خِطَابًا.

صفحة رقم 442
التبيان في إعراب القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو البقاء محبّ الدين عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبريّ البغدادي
الناشر
عيسى البابي الحلبي وشركاه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
إعراب القرآن
اللغة
العربية