آيات من القرآن الكريم

وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ۚ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ

بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ بَعْدَ الْوَقْعَةِ مُصَدِّقًا، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ الْقَوْمُ تَلَقُّوهُ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَدَّثَهُ الشَّيْطَانُ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ فَهَابَهُمْ فَرَجَعَ مِنَ الطَّرِيقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَدْ مَنَعُوا صَدَقَاتِهِمْ وَأَرَادُوا قَتْلِي، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَمَّ أَنْ يَغْزُوَهُمْ، فَبَلَغَ الْقَوْمَ رُجُوعُهُ فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْنَا بِرَسُولِكَ فَخَرَجْنَا نَتَلَقَّاهُ وَنُكْرِمُهُ وَنُؤَدِّي إِلَيْهِ مَا قَبِلْنَاهُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَبَدَا لَهُ الرُّجُوعُ، فَخَشِينَا أَنَّهُ إِنَّمَا رَدَّهُ مِنَ الطَّرِيقِ كِتَابٌ جَاءَهُ مِنْكَ لِغَضَبٍ غَضِبْتَهُ عَلَيْنَا، وَإِنَّا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِهِ وَغَضِبِ رَسُولِهِ، فَاتَّهَمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَيْهِمْ خُفْيَةً فِي عَسْكَرٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُخْفِيَ عَلَيْهِمْ قُدُومَهُ، وَقَالَ لَهُ: انْظُرْ فَإِنْ رَأَيْتَ مِنْهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى إِيمَانِهِمْ فَخُذْ مِنْهُمْ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَرَ ذَلِكَ فَاسْتَعْمِلْ فِيهِمْ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْكُفَّارِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ خَالِدٌ، وَوَافَاهُمْ فَسَمِعَ مِنْهُمْ أَذَانَ صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَأَخَذَ مِنْهُمْ صَدَقَاتِهِمْ، وَلَمْ يَرَ مِنْهُمْ إِلَّا الطَّاعَةَ وَالْخَيْرَ، فَانْصَرَفَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ﴾ يَعْنِي الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ (١) ﴿بِنَبَأٍ﴾ بِخَبَرٍ، ﴿فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا﴾ كَيْ لَا تُصِيبُوا بِالْقَتْلِ وَالْقِتَالِ، ﴿قَوْمًا﴾ بُرَآءَ، ﴿بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ مِنْ إِصَابَتِكُمْ بِالْخَطَأِ.
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) ﴾
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ فَاتَّقُوا اللَّهَ أَنْ تَقُولُوا بَاطِلًا أَوْ تُكَذِّبُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُخْبِرُهُ وَيُعَرِّفُهُ أَحْوَالَكُمْ فَتَفْتَضِحُوا، ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ﴾ أَيِ الرَّسُولُ، ﴿فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ﴾ مِمَّا تُخْبِرُونَهُ بِهِ فَيَحْكُمُ بِرَأْيِكُمْ، ﴿لَعَنِتُّمْ﴾ لَأَثِمْتُمْ وَهَلَكْتُمْ، وَالْعَنَتُ: الْإِثْمُ وَالْهَلَاكُ. ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ﴾ فَجَعَلَهُ أَحَبَّ الْأَدْيَانِ إِلَيْكُمْ، ﴿وَزَيَّنَهُ﴾ حَسَّنَهُ، ﴿فِي قُلُوبِكُمْ﴾ حَتَّى اخْتَرْتُمُوهُ، وَتُطِيعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ الْكَذِبَ، ﴿وَالْعِصْيَانَ﴾ جَمِيعَ مَعَاصِي اللَّهِ. ثُمَّ عَادَ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْخَبَرِ، وَقَالَ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ الْمُهْتَدُونَ.

(١) أخرجه الطبري: ٢٦ / ١٢٣، والإمام أحمد: ٤ / ٢٧٩، وعبد الرزاق في التفسير: ٢ / ٢٣١. قال ابن كثير: ٤ / ٢٠٩-٢١٠ "ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط حين بعثه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صدقات بني المصطلق، وقد روي ذلك من طرق، ومن أحسنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده من رواية ملك بني المصطلق وهو الحارث بن أبي ضرار... ثم ساق الحديث وساق روايات أخرى... وقال الهيثمي: ٧ / ١١١ "رواه الطبراني وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف".

صفحة رقم 339
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية