
فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١٠)
شرح الكلمات:
شاهدا ومبشرا ونذيرا: أي شاهدا على أمتك أمة الدعوة يوم القيامة ومبشراً من آمن منهم وعمل صالحا بالجنة ونذيراً من كفر أو عصى وفسق بالنار.
ليؤمنوا بالله ورسوله: أي هذه علة للإرسال.
وتعزروه وتوقروه: أي ينصروه ويعظموه وهذا لله وللرسول.
وتسبحوه بكرة وأصيلا: أي الله تعالى بالصلاة والذكر والتسبيح.
إن الذين يبايعونك: أي بيعة الرضوان بالحديبية.
إنما يبايعون الله: لأن طاعة الرسول طاعة لله تعالى
يد الله فوق أيديهم: أي لأنهم كانوا يبايعون الله إذ هو الذي يجاهدون من أجله ويتلقون الجزاء من عنده.
فمن نكث: أي نقض عهده فلم يقاتل مع الرسول والمؤمنين.
فإنما ينكث على نفسه: أي وبال نقضه عهده عائد عليه إذ هو الذي يجزي به.
فسيؤتيه أجرا عظيما: أي الجنة إذ هي الأجر العظيم الذي لا أعظم منه إلا رضوان الله عز وجل.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في بيان ما أنعم الله تعالى به على رسوله فقال تعالى ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً﴾ ١ لله تعالى بالوحدانية والكمال المطلق له عز وجل وشاهدا على هذه الأمة التي أرسلت فيها وإليها عربها وعجمها ومبشراً لأهل الإيمان والتقوى بالجنة ونذيرا لأهل الكفر والمعاصي أي مخوفا لهم من عذاب الله يوم القيامة. وقوله تعالى ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ﴾ أي أرسلناه كذلك لتؤمنوا بالله ورسوله ﴿وَتُعَزِّرُوهُ﴾ بمعنى تنصروا ﴿وَتُوَقِّرُوهُ﴾ بمعنى تجلوه وتعظموه وهذه واجبة لله ولرسوله الإيمان والتعزير والتوقير، وأما التسبيح والتقديس فهو لله تعالى وحده ويكون بكلمة سبحان الله وبالصلاة وبالذكر لا إله إلا الله، وبدعاء الله وحده

وقوله ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ ١ أي تسبحون الله ﴿بُكْرَةً﴾ أي صباحاً ﴿وَأَصِيلاً﴾ أي عشية وقوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ يخبر تعالى رسوله بأن الذين يبايعونه على قتال أهل مكة وألا يفروا عند اللقاء ﴿إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ﴾ ٢ إذ هو تعالى الذي أمرهم بالجهاد وواعدهم الأجر فالعقد وإن كانت صورته مع رسول الله فإنه في الحقيقة مع الله عز وجل، ولذا قال ﴿يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ وقوله تعالى ﴿فَمَنْ نَكَثَ﴾ أي نقض عهده فلم يقاتل ﴿فإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ ﴿وَمَنْ أَوْفَى﴾ بمعنى وفا ﴿بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ٣ اللهَ﴾ ومن نصرة الرسول والقتال تحت رايته حتى النصر ﴿فَسَيُؤْتِيهِ﴾ ٤ الله ﴿أَجْراً عَظِيماً﴾ الذي هو الجنة دار السلام.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقري نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والإعلان عن شرفه وعلو مقامه.
٢- وجوب الإيمان بالله ورسوله ووجوب نصرة الرسول وتعظيمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٣- وجوب تسبيح الله وهو تنزيهه عن كل ملا يليق بجلاله وكماله مع الصلاة ليلا ونهارا.
٤- وجوب الوفاء بالعهد، وحرمة نقض العهد ونكثه.
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١١) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى
لعمري لأنت البيت أكرم أهله
وأجلس في أفيائه بالأصائل
جمع أصيل: العشي.
٢ هذه هي البيعة التي بايعها المسلمون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الحديبية تحت الشجرة (السمرة) وكانوا ألفاً وأربعمائة، وأول من بايع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحت الشجرة: أبو سنان الأسدى، وتسمى بيعة الرضوان لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾.
٣ قرأ نافع وورش (عليه) بكسر هاء الضمير، وقرأ حفص بضمها (عليهُ الله) فمن كسر رقق اسم الجلالة، ومن ضم فخمه.