آيات من القرآن الكريم

طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ ۚ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ
ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ

يحسِّره على ما فاته، ويقول له: يا محروم أي شيء فاتك (١).
وقال صاحب النظم: (أولى) مأخوذ من الويل (٢)، وللويل تصريف قد درج ولم يبق منه إلا الويل فقط وقد قال جرير:
يَعْلَمْن بالأكْبارِ ويلاً وائلاً (٣)
فقوله: أولى أفعل من الويل، إلا أن فيه قلباً، وهو أن عين الفعل وضع موضع اللام.
٢١ - قوله: ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ يرتفع بمحذوف، ورافعه إما قبله وإما بعده، فمذهب سيبويه (٤) والخليل أن المعنى: طاعة وقول معروف أمثل، والمعنى على هذا: أن الله تعالى قال: لو أطاعوا وقالوا معروفاً كان أمثل وأحسن، وهذا اختيار الزجاج (٥).
وهو على حذف الخبر، ويجوز أن يقدر الحذف ابتداء على تقدير: أمر بالطاعة وقول معروف، وهذا قول المبرد (٦)، واختيار ابن قتيبة وقال: هذا مختصر يريد قولهم قبل نزول القرض: سمع لك وطاعة (٧).

(١) ذكر ذلك الأزهري في "تهذيب اللغة" (ولى) ١٥/ ٤٤٨، والقرطبي في "الجامع" من غير نسبة ١٦/ ٢٤٤.
(٢) ذكر ذلك القرطبي ١٦/ ٢٤٤، والسمين الحلبي في "الدر المصون" ٦/ ١٥٣.
(٣) الويل: قال الليث هو حلول الشر، والويلة: البلية والفضيحة، وأصل الويل في اللغة: الهلاك والعذاب، انظر: "تهذيب اللغة" (ويل) ١٥/ ٤٥٥، "اللسان" (ويل) ١١/ ٧٣٧. ولم أعثر على هذا الشطر من البيت.
(٤) انظر: "الكتاب" ٢/ ١٣٦.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٣، وقد نقل قولي سيبويه والخليل، كما ذكرهما أيضًا النحاس في "إعراب القرآن" ٤/ ١٨٦، ١٨٧.
(٦) انظر: "الكامل" للمبرد ٢/ ٥٧.
(٧) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ٢/ ١٣٢.

صفحة رقم 250

المذهب الثاني: أن الكلام تم سط قوله: (فأولى)، وهو تهديد على ما ذكرنا، ثم ابتدأ فقال لهم: (طاعة وقول معروف) (١)، وهو القول الحسن الذي يعرف حسنه وصحته، ويجوز على هذا القول أن يكون المعنى: للمنافقين طاعة وقول معروف باللسان، فإذا جد الأمر تبين كذبهم فيما قالوا بقعودهم عن نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، يدل على صحة هذا سياق الآية فيما بعد.
المذهب الثالث: أن الآية الثانية التي هي قوله: طاعة متصلة بالآية الأولى في المعنى، والتقدير: فأولى لهم طاعة وقول معروف، وهذا معنى ما روي عن عطاء عن ابن عباس (٢): يريد كانت الطاعة أولى لهم، والمعنى على هذا: طاعة الله ورسوله وقول معروف بالإجابة أولى لهم، وهذا القول اختيار الكسائي (٣).
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْر﴾ قال ابن عباس ومجاهد (٤) ومقاتل: جد القتال عن حقائق الأمور (٥).
وقال أبو إسحاق: جد الأمر ولزم فرض القتال (٦).

(١) انظر: "مشكل إعراب القرآن" لمكي ٢/ ٣٠٨، "الدر المصون" ٦/ ١٥٤.
(٢) انظر: "تفسير البغوي" ٧/ ٢٨٦، وقد نسبه لابن عباس في رواية عطاء، وانظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٤٤.
(٣) ذكر ذلك في "الوسيط" ٤/ ١٢٦.
(٤) أخرج ذلك الطبري في "تفسيره" عن مجاهد ١٣/ ٥٥، وذكره الماوردي في "تفسيره" من غير نسبة ٥/ ٣٠١، والبغوي ولم ينسبه ٧/ ٢٨٦، وكذلك القرطبي في "الجامع" ولم ينسبه ١٦/ ٢٤٤.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" لكنه قال: عند دقائق الأمور ٤/ ٤٨.
(٦) انظر: "معانى القرآن للزجاج" ٥/ ١٣.

صفحة رقم 251

قال أبو الهيثم: (عزم الأمر) هو فاعل بمعنى مفعول، وإنما يُعْزَم الأمر ولا يَعْزِم والعزم لإنسان لا للأمر، قال: وهذا كقولهم: هلك الرجل، وإنما أهلك (١).
وقال غيره: معنى عزم الأمر: انعقد الأمر بالإرادة أنه يفعله، فإذا عقد الأمر على أنه يفعل قيل: عزم الأمر (٢) على طريق البلاغة.
قال الفراء: معنى الآية: فإذا عزم الأمر نكلوا ولم يفعلوا (٣)، ونحو هذا قال ابن قتيبة (فإذا عزم الأمر) أي: جاء الجد كرهوا ذلك، فحذف الجواب (٤).
وقال صاحب النظم قوله: (عزم الأمر) يقتضى جواباً ولم يذكر ذلك الجواب، فلما قال: (فلو صدقوا الله) كان هذا دليلاً على المضمر وهو أن يكون كذبوا (٥) ومثله قوله: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ وقد مر [الشعراء: ٦٣].

(١) ذكر ذلك الأزهري في "تهذيب اللغة" (عز) ٢/ ١٥٢، و"اللسان" (عزم) ١٢/ ٤٠٠.
(٢) ذكر نحوًا من هذا ابن فارس في "مقاييس اللغة" (عزم) ٤/ ٣٥٨.
(٣) هذا القول لم أجده في معاني الفراء عند هذه الآية ٣/ ٦٢.
قال السمرقندي في تفسيره: فإذا عزم الأمر يعني: وجب الأمر وجد الأمر، كرهوا ذلك.
انظر: ٣/ ٢٤٤، وقال الشوكاني: عزم الأمر: جد الأمر أي جد القتال ووجب وفرض.
قال المفسرون: معناه إذا جد الأمر ولزم وفرض القتال خالفوا وتخلفوا. انظر: "فتح القدير" ٥/ ٣٨.
(٤) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ٢/ ١٣٣.
(٥) ذكر قريبًا من هذا المعنى البغوي ٧/ ٢٨٦، وابن الجوزي "زاد المسير" ٧/ ٤٠٦.

صفحة رقم 252
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية