آيات من القرآن الكريم

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ۚ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ
ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ ﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚ

شبهاتهم في نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم وصدق القرآن [سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٧ الى ١٤]
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٨) قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١)
وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤)

صفحة رقم 440

المفردات:
بَيِّناتٍ: واضحات كالشمس. لِلْحَقِّ أى: لأجل الحق. أَمْ المراد: بل أيقولون. افْتَراهُ: اختلقه من عنده. تُفِيضُونَ: تأخذون فيه وتندفعون إليه كاندفاع السيل. بِدْعاً البدع: الأول وقرئ بدعا جمع بدعة، وشيء بدع أى: مبتدع ليس له مثال. إِفْكٌ قَدِيمٌ أى: كذب قديم.
إِماماً: يقتدى به.
بعد أن عاب عليهم اتخاذ شركاء لله وعبادة الأوثان، أراد أن يبين شبههم الواهية في أن القرآن من عند محمد وليس من عند الله، وفي صدق محمد فيما يدعيه.
المعنى:
وإذا تتلى على المشركين آياتنا البينات، ومعجزاتنا الواضحات التي هي أوضح من الشمس وأقوى من فعل السحر قالوا لأجل الآيات التي هي الحق من عند الله: هذا سحر بين ظاهر فإنها تعمل عمل السحر، وتفرق بين المرء وما يحبه ويهواه، وتخلق من المسلم رجلا آخر، لما يروا هذا يقولون: إن محمدا ساحر، وما يأتيه سحر مبين.
أم يقولون افترى القرآن؟ «١» أى: بل أيقولون افتراه واختلقه من عند نفسه ونسبه إلى الله؟ وهذه شبهة ثانية، كأنه قيل: دع هذا واسمع قولهم الذي ينكره كل عاقل، قولهم العجيب الذي يدعو إلى العجب العجاب فإن افتراء محمد للقرآن، مع تحديه لكم أن تأتوا بمثله مجتمعين، ثم أنتم تعجزون عن ذلك، إن قدرة محمد على اختلاق القرآن وحده فرضا مع عجزكم عنه لدليل على أن هذه القدرة من عند الله، ومعجزة لمحمد صلّى الله عليه وسلّم وتصديق من الله له، والعزيز الحكيم لا يصدق الكاذب! قل لهم يا محمد: إن افتريته على سبيل الفرض عاجلني الله بالعقوبة على الكذب وأنتم لا تقدرون على كفه، ومنعى من وقوع العذاب على فكيف أفتريه وأتعرض لعقاب لا يملك أحد شيئا يمنعني به من عذاب الله؟!

(١) (أم) هنا بمعنى (بل) الإضرابية- إضرابا انتقاليا من معنى لآخر- والهمزة الاستفهامية وهي تفيد هنا الإنكار.

صفحة رقم 441

ربكم أعلم بما تفيضون فيه وتندفعون إليه من القدح في وحى الله والطعن في آياته وتسميتها تارة سحرا وطورا افتراء وكذبا، كفى به شهيدا يشهد بيني وبينكم حيث يشهد لي بالصدق والبلاغ، وعليكم بالتكذيب والجحود، وهو الغفور الرحيم لمن تاب وأناب ورجع إلى الله.
وما لكم تكذبونني في دعوى الرسالة عن الله، وتكفرون بما جئت به من التوحيد وإثبات البعث؟ هل أنا وحدي في ذلك؟ هل أنا أول رسول أرسل للبشر؟ لا.
ما كنت بدعا من الرسل، ولم أكن أولهم بل سبقني إبراهيم وموسى وعيسى- عليهم جميعا الصلاة والسلام-.
ولست أدرى ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا فالأمر مفوض إليه، وإن كان وعد المؤمنين بالنصر والخير وأوعد الكافرين بالخذلان والشر. ومن أصدق من الله حديثا؟! أما في الآخرة فالله قد أكد بأن أولياءه لا خوف عليهم فيها ولا هم يحزنون... وكانوا يطلبون من النبي آيات للتعجيز، فيقول الله لهم على لسان رسوله: إن أتبع إلا ما يوحى إلىّ، وما أنا إلا نذير. إن علىّ إلا البلاغ وعلى الله وحده الحساب.
قل لهم: أرأيتم- أخبرونى- إن كان هذا القرآن من عند الله وليس معجزا ولا مختلقا كما تزعمون والحال أنكم كفرتم به، وشهد شاهد من بنى إسرائيل، أى:
رجل منصف بعيد عن الشبهة عارف بالتوراة ملم بها فليس المراد به شخصا بعينه كعبد الله بن سلام أو موسى- عليه السلام- كما قال بعضهم، وشهد رجل من بنى إسرائيل على مثل الذي في القرآن من الدعوة إلى التوحيد وإثبات البعث والحث على الخير فآمن هذا الرجل واستكبرتم أنتم عن الإيمان وكفرتم بالقرآن. أخبرونى ماذا أنتم فاعلون! أرأيتم حالكم إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به... إلخ فقد ظلمتم أنفسكم «١» ألستم ظالمين؟ والله لا يهدى القوم الظالمين.
وهناك حكاية أخرى لبعض مفترياتهم: وقال الذين كفروا لأجل الذين آمنوا وفي شأنهم: لو كان هذا الدين حقّا والقرآن خيرا ما سبقنا إليه الضعفاء والفقراء والعبيد

(١) هذا هو جواب الشرط (إن) والمفعول الثاني لقوله (أرأيتم) مقدر، تقديره: ألستم ظالمين، وقوله: (إن الله لا يهدى القوم الظالمين) استئناف بيانى تعليلا لاستكبارهم.

صفحة رقم 442
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية