آيات من القرآن الكريم

حم

تفسير سورة الدخان

بسم الله الرحمن الرحيم

١، ٢ - ﴿حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ قال ابن عباس: يريد القرآن وما أنزل فيه من البيان والحلال والحرام (١)، ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾ قال الكلبي: أقسم بـ حم والقرآن (٢) ذلك لقد أنزلناه، فجواب القسم على ما ذكر:
٣ - ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾، وكذلك هو عند أهل التفسير.
وقال النحاس: يجوز أن يجعل جواب القسم: (إنا أنزلناه حم) فيكون تمام الكلام عند قوله: ﴿الْمُبِينِ﴾ وإن جعلت جواب القسم (إنا أنزلناه)، اتصل بالكلام الأول (٣).
قال صاحب النظم: لولا أن قوله (إنا أنزلناه) صفة القرآن والذي أقسم به وأخبر عنه، لاحتمل أن يكون جوابًا للقسم، ولكن ليس من عادتهم أن يقسموا بنفس الشيء إذا أخبروا عنه.
(١) قال في "تنوير المقباس": (وأقسم بالكتاب المبين لقد قضى ما هو كائن أي بين، ويقال أقسم بالحاء والميم والقرآن المبين بالحلال والحرام والأمر والنهي) انظر: "تنوير المقباس" ص ٤٩٦، ونسبه في "الوسيط" لابن عباس. انظر: ٤/ ٨٥.
(٢) انظر: "تنوير المقباس" ص ٤٩٦.
(٣) انظر: "القطع والائتناف" للنحاس ص ٦٥٤، لكن بلفظ: إن جعلت جواب القسم ﴿حم﴾ كان هذا وقفًا، وإن جعلت الجواب: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾ فالوقف: ﴿إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾.

صفحة رقم 93

قوله: ﴿فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ أي كثيرة الخير، والليلة التي أنزل فيها كتاب الله مباركة، بأن الخير ينمو فيها على ما دبره الله من علو مرتبتها بالخير الذي قسمه الله فيها، واختلفوا في الليلة المباركة فقال ابن عباس في رواية عطاء والكلبي: إنها ليلة القدر (١). نزل القرآن جملة من عند ذي العرش إلى السماء الدنيا، وقد ذكرنا كيفية ذلك عند قوله: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وهذا قول قتادة ومقاتل وابن زيد ومجاهد (٢)، وبه قال الأكثرون: واختاره الزجاج (٣) لقوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١]، قال مقاتل: كان ينزل من اللوح المحفوظ كل ليلة قدرٌ من الوحي على مقدار ما ينزل به جبريل على النبي -صلى الله عليه وسلم- في السَّنَة كلها إلى مثلها من العام المقبل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر (٤).
وقال عكرمة: هي ليلة النصف من شعبان (٥).
قوله: ﴿إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾. قال ابن عباس: منذرين بالقرآن من عصى الله (٦).

(١) ذكر ذلك الماوردي ولم ينسبه. انظر: ٥/ ٢٤٤، ونسبه ابن الجوزي للأكثرين. انظر: "زاد المسير" / ٣٣٦، وذكره السمرقندي ولم ينسبه. انظر: تفسيره ٣/ ١١٥.
(٢) أخرج ذلك الطبري ١٣/ ١٠٧ عن قتادة وابن زيد. وانظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٨١٧.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٢٣.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٨١٧.
(٥) أخرج ذلك الطبري عن عكرمة. انظر: تفسيره ١٣/ ١٠٩، وذكره البغوي عن عكرمة.
انظر: تفسيره ٧/ ٢٢، ونسبه ابن الجوزي لعكرمة. انظر: "زاد المسير" ٧/ ٣٣٨، ونسبه القرطبي لعكرمة. انظر: "الجامع" ١٦/ ١٢٦.
(٦) لم أقف عليه.

صفحة رقم 94
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية