آيات من القرآن الكريم

وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ
ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﭑﭒﭓﭔﭕ ﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ

قَالَ تَعَالَى: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ) أَيْ مِنْ إِحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ: مَكَّةُ، وَالطَّائِفُ. وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: عَلَى رَجُلٍ مِنْ رَجُلَيْنِ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ.
وَقِيلَ: كَانَ الرَّجُلُ مَنْ يَسْكُنُ مَكَّةَ وَالطَّائِفَ وَيَتَرَدَّدُ إِلَيْهِمَا؛ فَصَارَ كَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِمَا.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِبُيُوتِهِمْ) : هُوَ بَدَلٌ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ؛ أَيْ لِبُيُوتِ مَنْ كَفَرَ.
وَالسَّقْفُ وَاحِدٌ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ؛ وَسُقُفًا - بِالضَّمِّ - جَمْعٌ، مِثْلُ رَهْنٍ وَرُهُنٍ.
قَالَ تَعَالَى: (حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (جَاءَنَا) : عَلَى الْإِفْرَادِ رَدًّا عَلَى لَفْظِ مَنْ، وَعَلَى التَّثْنِيَةِ رَدًّا عَلَى الْقَرْيَتَيْنِ: الْكَافِرُ، وَشَيْطَانُهُ. وَ (الْمَشْرِقَيْنِ) : قِيلَ: أَرَادَ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ، فَغَلَّبَ مِثْلَ الْقَمَرَيْنِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ) : فِي الْفَاعِلِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: «أَنَّكُمْ» وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ؛ أَيْ لَا يَنْفَعُكُمْ تَأَسِّيكُمْ فِي الْعَذَابِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ضَمِيرَ التَّمَنِّي الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) : أَيْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ تَمَنِّي التَّبَاعُدِ؛ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ «أَنَّكُمْ» بِمَعْنَى لِأَنَّكُمْ.
فَأَمَّا (إِذْ) فَمُشْكِلُهُ الْأَمْرُ؛ لِأَنَّهَا ظَرْفُ زَمَانٍ مَاضٍ، وَلَنْ يَنْفَعَكُمْ وَفَاعِلُهُ وَالْيَوْمُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ بِمَاضٍ.

صفحة رقم 1139

وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ فِي مُسَاءَلَتِهِ أَبَا عَلِيٍّ: رَاجَعْتُهُ فِيهَا مِرَارًا فَآخِرُ مَا حَصَلَ مِنْهُ أَنَّ الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى مُتَّصِلَتَانِ، وَهُمَا سَوَاءٌ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِلْمِهِ، فَتَكُونُ «إِذْ» بَدَلًا مِنَ الْيَوْمِ حَتَّى كَأَنَّهَا مُسْتَقْبِلَةٌ، أَوْ كَأَنَّ الْيَوْمَ مَاضٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْكَلَامُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى، وَالْمَعْنَى: أَنَّ ثُبُوتَ ظُلْمِهِمْ عِنْدَهُمْ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ؛ إِذْ صَحَّ ظُلْمُكُمْ عِنْدَكُمْ، فَهُوَ بَدَلٌ أَيْضًا.
وَقَالَ آخَرُونَ: التَّقْدِيرُ: بَعْدَ إِذْ ظَلَمْتُمْ؛ فَحُذِفَ الْمُضَافُ لِلْعِلْمِ بِهِ.
وَقِيلَ: إِذْ بِمَعْنَى أَنْ؛ أَيْ لِأَنْ ظَلَمْتُمْ. وَيُقْرَأُ: «إِنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ» بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْفَاعِلَ التَّمَنِّي.
وَيَجُوزُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلَ ظُلْمُكُمْ أَوْ جَحْدُكُمْ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ ظَلَمْتُمْ، وَيَكُونَ الْفَاعِلُ الْمَحْذُوفُ مِنَ اللَّفْظِ هُوَ الْعَامِلَ فِي إِذْ، لَا ضَمِيرَ الْفَاعِلِ.
قَالَ تَعَالَى: (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (٥٢) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمْ أَنَا خَيْرٌ) :«أَمْ» هَاهُنَا مُنْقَطِعَةٌ فِي اللَّفْظِ، لِوُقُوعِ الْجُمْلَةِ بَعْدَهَا؛ وَهِيَ فِي الْمَعْنَى مُتَّصِلَةٌ مُعَادَلَةٌ؛ إِذِ الْمَعْنَى: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ أَمْ لَا، أَوْ أَيُّنَا خَيْرٌ.
وَ (أَسْوِرَةٌ) : جَمْعُ سِوَارٍ، وَأَمَّا أَسَاوِرَةُ فَجَمْعُ إِسْوَارٍ، أَوْ جَمْعُ أَسْوِرَةٍ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَأَصْلُهُ أَسَاوِيرُ، فَجُعِلَتِ الْيَاءُ عِوَضًا مِنَ التَّاءِ.
قَالَ تَعَالَى: (فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (٥٦)).
وَأَمَّا «سَلَفًا» فَوَاحِدٌ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ، مِثْلُ النَّاسِ وَالرَّهْطِ.

صفحة رقم 1140

وَأَمَّا سُلُفًا - بِضَمَّتَيْنِ - فَجَمْعٌ مِثْلُ: أَسَدٌ وَأُسُدٌ أَوْ جَمْعُ سَالِفٍ، مِثْلُ صَابِرٍ وَصُبُرٍ؛ أَوْ جَمْعُ سَلِيفٍ مِثْلُ: رَغِيفٍ وَرُغُفٍ. وَأَمَّا سُلَفًا - بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ فَقِيلَ: أُبْدِلَ مِنَ الضَّمَّةِ فَتْحَةٌ تَخْفِيفًا.
وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ سُلْفَةٍ، مِثْلُ: غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَثَلًا) : هُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِضُرِبَ؛ أَيْ جُعِلَ مَثَلًا. وَقِيلَ: هُوَ حَالٌ؛ أَيْ ذُكِرَ مُمَثَّلًا بِهِ. وَ (يَصِدُّونَ) - بِضَمِّ الصَّادِ: يُعْرِضُونَ؛ وَبِكَسْرِهَا لُغَةٌ فِيهِ.
وَقِيلَ: الْكَسْرُ بِمَعْنَى يَضِجُّونَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ) أَيْ بَدَلًا مِنْكُمْ.
وَقِيلَ: الْمَعْنَى: لَحَوَّلْنَا بَعْضَكُمْ مَلَائِكَةً.
قَالَ تَعَالَى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٦٦)).
قَوْله تَعَالَى ﴿أَن تأتيهم﴾ هُوَ بدل من السَّاعَة بدل الاشتمال
قَالَ تَعَالَى ﴿يُطَاف عَلَيْهِم بصحاف من ذهب وأكواب﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُطَافُ) : تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: يَدْخُلُونَ فَيُطَافُ، فَحُذِفَ لِفَهْمِ الْمَعْنَى.
قَالَ تَعَالَى: (لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ) : هِيَ حَالٌ، أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ؛ وَكِلَاهُمَا تَوْكِيدٌ.
قَالَ تَعَالَى: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لْيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (٧٧)).

صفحة رقم 1141

قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَامَالِكُ) : يُقْرَأُ «يَا مَالِ» - بِالْكَسْرِ، وَالضَّمِّ، عَلَى التَّرْخِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ) :«إِنْ» بِمَعْنَى «مَا».
وَقِيلَ: شَرْطِيَّةٌ؛ أَيْ إِنْ قُلْتُمْ ذَلِكَ؛ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ وَحَّدَهُ.
وَقِيلَ: إِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَأَنَا أَوَّلُ الْآنِفِينَ مِنْ عِبَادَتِهِ، وَلَنْ يَصِحَّ ذَلِكَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ) : صِلَةُ «الَّذِي» لَا تَكُونُ إِلَّا جُمْلَةً، وَالتَّقْدِيرُ: هُنَا: وَهُوَ الَّذِي هُوَ إِلَهٌ فِي السَّمَاءِ. وَ «فِي» مُتَعَلِّقَةٌ بِإِلَهٍ؛ أَيْ مَعْبُودٌ فِي السَّمَاءِ، وَمَعْبُودٌ فِي الْأَرْضِ؛ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ «إِلَهٌ» مُبْتَدَأً، وَفِي السَّمَاءِ خَبَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لِلَّذِي عَائِدٌ؛ فَهُوَ كَقَوْلِكَ: هُوَ الَّذِي فِي الدَّارِ زَيْدٌ. وَكَذَلِكَ إِنْ رَفَعْتَ إِلَهًا بِالظَّرْفِ؛ فَإِنْ جَعَلْتَ فِي الظَّرْفِ ضَمِيرًا يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي وَأَبْدَلْتَ إِلَهًا مِنْهُ جَازَ عَلَى ضَعْفٍ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْكُلِّيَّ إِثْبَاتُ إِلَهِيَّتِهِ لَا كَوْنُهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ؛ وَكَانَ يَفْسُدُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ: «وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ» ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ وَإِذَا لَمْ تُقَدِّرْ مَا ذَكَرْنَا صَارَ مُنْقَطِعًا عَنْهُ، وَكَانَ الْمَعْنَى: إِنَّ فِي الْأَرْضِ إِلَهًا.
قَالَ تَعَالَى: (وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (٨٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقِيلِهِ) : بِالنَّصْبِ وَفِيهِ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى «سِرَّهِمْ» أَيْ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَقِيلَهُ.

صفحة رقم 1142

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعُطْوفًا عَلَى مَوْضِعِ السَّاعَةِ؛ أَيْ وَعِنْدَهُ أَنْ يَعْلَمَ السَّاعَةَ وَقِيلَهُ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الْمَصْدَرِ؛ أَيْ: وَقَالَ قِيلَهُ.
وَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَ «يَا رَبِّ» خَبَرُهُ. وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: وَقِيلُهُ هُوَ قِيلُ يَا رَبِّ. وَقِيلَ: الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ قِيلُهُ يَا رَبِّ مَسْمُوعٌ، أَوْ مُجَابٌ.
وَقُرِئَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ السَّاعَةِ. وَقِيلَ: هُوَ قَسَمٌ؛ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

صفحة رقم 1143
التبيان في إعراب القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو البقاء محبّ الدين عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبريّ البغدادي
الناشر
عيسى البابي الحلبي وشركاه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
إعراب القرآن
اللغة
العربية