آيات من القرآن الكريم

وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ ۗ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ
ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ

هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- متاع الحياة الدنيا إذا قوبل بما أعد الله للمؤمنين المتقين لا يعد شيئاً يذكر أبدا.
٢- بيان أكمل الشخصيات الإسلامية وهي الشخصية التي تتصف بالصفات العشر التي تضمنتها الآيات الأربع ذات الرقم (٣٦- ٣٧- ٣٨- ٣٩).
٣- مشروعية القصاص وعقوبة الظالم.
٤- عدم مؤاخذة من ظلم فأخذ بحقه بلا زيادة عنه ما لم يكن حداً فإن الحدود يقيمها الإمام.
٥- فضيلة العفو على الإخوة المسلمين والإصلاح بينهم.
إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٢) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣) وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (٤٤) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (٤٥) وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (٤٦)
شرح الكلمات:
إنما السبيل: أي بالعقوبة والأذية.
على الذين يظلمون الناس: أي يعتدون عليهم في أعراضهم وأبدانهم وأموالهم.

صفحة رقم 618

ويبغون في الأرض بغير الحق: أي ويطلبون في الأرض الفساد فيها بالشرك والظلم والإجرام.
ولمن صبر وغفر: أي ولمن صبر فلم ينتصر لنفسه وغفر وتجاوز عمن أساء إليه.
إن ذلك: أي ذلك الصبر والتجاوز عن المسيء.
لمن عزم الأمور: أي لمن معزومات الأمور المطلوبة شرعا.
ومن يضلل الله: أي حسب سنته في الإضلال.
فما له من ولي من بعده: أي فليس له من أحد يتولى هدايته ويقدر عليها.
هل إلى مرد من سبيل: أي هل إلى مرد إلى الحياة الدنيا من سبيل نسلكها لنعود إلى الدنيا.
وتراهم يعرضون عليها: أي على النار خاشعين خائفين متواضعين.
ينظرون من طرف خفي: أي من عين ضعيفة النظر كما ينظر المقتول إلى السيف لا يملأ عينه منه.
يوم القيامة: أي لخلودهم في النار، وعدم وصولهم إلى الحور العين في دار السلام.
ألا إن الظالمين: أي المشركين.
في عذاب مقيم: أي دائم لا يخرجون منه وهو عذاب الجحيم.
ومن يضلل الله فما له من سبيل: أي طريق الهداية في الدنيا، وإلى الجنة يوم القيامة.
معنى الآيات:
لقد تقدم في قوله تعالى في الآية قبل هذه: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾ فلما نفى عن المنتصرين السبيل إلى عقوبتهم أثبت هنا أن السبيل إلى العقوبة والمؤاخذة هو على الذين (١) يظلمون الناس بالاعتداء عليهم في أبدانهم أو أعراضهم أو أموالهم يبغون في الأرض بغير الحق أي ويطلبون الفساد فيها بالشرك والظلم والمعاصي، وليس في الشرك والظلم والمعاصي من حق يبيحها، وقوله ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أي للذين يبغون في الأرض بغير الحق لهم عذاب أليم أي موجع وهو عذاب الدنيا بعقوبتهم الصارمة ويوم القيامة إن لم يتوبوا من الظلم والفساد في الأرض.
وقوله تعالى: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٢) ﴾ يخبر تعالى مؤكداً الخبر بلام الابتداء أن من صبر فلم ينتصر لنفسه من أخيه المسلم وغفر لأخيه زلته فتجاوز له عنها فإن ذلك المذكور من الصبر والتجاوز من معزومات الأمور المطلوبة شرعا.

١- هذه الآية تقابل آية التوبة ﴿ما على المحسنين من سبيل﴾ حيث نفت السبيل على المحسنين وهو لومهم وعتابهم وهذه أثبتته على المسيئين الظالمين.
٢- قال العلماء هذا فيمن ظلمه مسلم فإنه مندوب إلى الصبر وعدم المؤاخذة وهو العفو روي أن رجلاً سب آخر في مجلس الحسن البصري فكان المسبوب يكظم ويعرق ويمسح العرق ثم قام فتلا هذه الآية فقال الحسن عقلها والله وفهمها إذ ضيعها الجاهلون، والعزم عقد النية على العمل والثبات عليه.

صفحة رقم 619

وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ (١) مِنْ بَعْدِهِ﴾ أي ومن يضلله الله تعالى حسب سنته في الإضلال فليس له من أحد من بعد الله يهديه. وقوله تعالى: ﴿وَتَرَى الظَّالِمِينَ﴾ أي المشركين لما رأوا العذاب أي عذاب النار يقولون: متمنيين الرجوع إلى الدنيا ليؤمنوا ويوحدوا حتى ينجوا من عذاب النار ويدخلوا الجنة مع الأبرار: هل إلى مرد من سبيل؟ أي هل إلى مرد إلى الدنيا من طريق؟ قال تعالى ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا﴾ أي على النار خاشعين خاضعين متواضعين من الذل ينظرون من طرف خفي (٢) يسترقون النظر لا يملأون أعينهم من النظر إلى النار لشدة خوفهم منها. وهنا يقول الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة وذلك لخلودهم في النار وحرمانهم من الوصول إلى الحور العين في الجنة دار الأبرار، ويعلن معلن فيقول: ألا إن الظالمين لأنفسهم بالشرك والمعاصي في عذاب مقيم لا يبرح ولا يزول وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ﴾ يخبر تعالى بأنه لم يكن لأولئك الظالمين من أهل النار من أولياء من دون الله ينصرونهم بتخليصهم من العذاب. وقوله: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ﴾ أي فما له طريق إلى هدايته في الدنيا وإلى الجنة يوم القيامة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- لا سبيل إلى معاقبة من انتصر لنفسه بعد ظلمه.
٢- وجوب معاقبة الظالم والضرب على يديه.
٣- فضيلة الصبر والتجاوز عن المسلم إذا أساء بقول أو عمل.
٤- لا أعظم خسرانا ممن يخلد في النار ويحرم الجنة وما فيها من نعيم مقيم.
اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (٤٧) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذَا

١- من ولي (من) زائدة للتوكيد إذ الكلام فما له ولي من بعده وكذلك في قوله الآتي ﴿وما كان لهم من أولياء﴾ فمن زائدة للتوكيد.
٢- الطرف مصدر طرف يطرف طرفاً إذا حرك جفنه ولذا هو لا يثنى ولا يجمع قال تعالى ﴿لا يرتد إليهم طرفهم﴾ ويطلق الطرف على العين كما في هذه الآية قال الشاعر:
فغض الطرف إنك من نمير
فلا كعباً بلغت ولا كلابا

صفحة رقم 620
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية