آيات من القرآن الكريم

لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ
ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ

سورة حم عسق وتسمى سورة الشورى
مكية وهى ثلاث وخمسون آية بسم الله الرحمن الرحيم
حم عسق اسمان للسورة ولذلك فصل بينهما فى الكتابة وعد آيتين بخلاف كهيعص والمص والمر فانها آية واحدة فالفصل لتطابق سائر الحواميم وفى القاموس آل حاميم وذوات حاميم السور المفتتحة بها ولا تقل حواميم وقد جاء فى شعر وهو اسم الله الأعظم او قسم او حروف الرحمن مقطعة وتمامه الرون انتهى روى الطبري أنه جاء رجل الى ابن عباس رضى الله عنهما وعنده حذيفة اليماني رضى الله عنه فسأله عن تفسير حم عسق فأطرق واعرض عنه حتى أعاد عليه ثلاثا فاعرض فقال له حذيفة انا أنبئك بها قد عرفت لم كرهها وتركها نزلت فى رجل من اهل بيته يقال له عبد الله او عبد الا له ينزل على نهر من انهار المشرق فيبنى عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقا فاذا أراد الله زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ينزل على إحداهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها وتصبح صاحبتها سالمة متعجبة كيف أفلتت فما هو إلا بياض يومها حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم اى من اله المدينتين ثم يخسف الله بها وبهم جميعا فى الليلة القابلة فذلك قوله تعالى حم عسق اى عزمة من عزمات الله وفتنة حم اى قضى وقدر عدلا منه سيكون واقعا فى هاتين المدينتين ونظير هذا التفسير ما روى جرير بن عبد الله البجلي رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول تبنى مدينتان بين دخلة ودجيل وقطربل والصراة يجتمع فيهما جبابرة الأرض يجبى إليهما الخزائن يخسف بهما وفى رواية باهلهما فلهما اسرع ذهابا فى الأرض من الوتد الحديد فى الأرض الرخوة قوله دخلة بالخاء المعجمة على وزن حمزة قرية كثيرة التمر ودجيل بالجيم كزبير شعب من دجلة نهر بغداد وقطربل بالضم وتشديد الباء الموحدة او بتخفيفها موضعان أحدهما بالعراق ينسب اليه الخمر والصراة بالفتح نهر بالعراق وقال الضحاك قضى عذاب سيكون واقعا وأرجو ان يكون قد مضى يوم بدر وذكر الثعلبي والقشيري أن النبي عليه السلام لما نزلت هذه الآية عرف الكآبة فى وجهه اى اثر الخزن والملالة فقيل يا رسول الله ما أحزنك قال أخبرت ببلايا تنزل بامتى من خسف ومسخ ونار تحشرهم وريح تقذفهم فى البحر وآيات متتابعات متصلات بنزول عيسى وخروج الدجال كفته اند حاحرفست وميم مهلكه وعين عذاب وسين مسخ وقاف قذف وثعلبى كويد ابن عباس رضى الله عنهما حم عسق خواندى وكفتى على رضى الله عنه فتنهارا باين دو لفظ دانست وروى عن على رضى عنه أنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الحروف التي فى او آئل السور وقال شهر بن حوشب حم عسق حرب يذل فيها العزيز ويعز فيها الذليل من قريش ثم تفضى الى العرب الى العجم ثم هى متصلة الى خروج الدجال يقول الفقير الفتن المتصلة بخروج الدجال بعضها قد مضى وبعضها سيقع فيما بين المائتين بعد الالف دل عليه حم وهو ثمان وأربعون والعين وهو سبعون والسين وهو ستون والقاف وهو مائة لأنه

صفحة رقم 285

قد مضى دلالة على استمرار الوحى وتجدده وقتا فوقتا وان ايحاء مثله عادته تعالى ويجوز ان يكون إيذانا ان الماضي والمستقبل بالنسبة اليه تعالى واحد كما فى الكواشي والعزيز الحكيم صفتان مقررتان لعلوشان الموحى به لأنه اثر من اتصف بكمال القدرة والعلم لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى ان الله تعالى يختص به جميع ما فى العوالم العلوية والسفلية خلقا وملكا وعلما وَهُوَ الْعَلِيُّ الشان الْعَظِيمُ الملك والقدرة والحكمة او هو العلى اى المرتفع عن مدارك العقول إذ ليس كذاته ذات ولا كصفاته صفات ولا كاسمه اسم ولا كفعله فعل وهو العظيم الذي يصغر عند ذكره وصف كل شىء سواه والعظيم من العباد الأنبياء والعلماء الوارثون لهم فالنبى عظيم فى حق أمته والشيخ عظيم فى حق مريده والأستاذ فى حق تلميذه وانما العظيم المطلق هو الله تعالى تَكادُ السَّماواتُ نزديك شد كه آسمانها يَتَفَطَّرْنَ التفطر شكافته شدن واصل الفطر الشق طولا اى يتشققن من عظمة الله وخشيته وإجلاله كقوله تعالى لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله مِنْ فَوْقِهِنَّ اى يبتدىء التفطر من جهتهن الفوقانية الى جهتهن التحتانية وتخصيصها لما أن أعظم الآيات وادلها على العظمة والجلال من تلك الجهة من العرش والكرسي وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل حول العرش وما لا يعلم كنهه الا الله من آثار الملكوت العظمى فكان المناسب ان يكون تفطر السموات مبتدأ من تلك الجهة بان يتفطر او لا أعلى السموات ثم وثم الى ان ينتهى الى أسفلها بان لا تبقى سماء الا سقطت على الاخرى ويقال تتشققن من دعاء الولد له كما قال تعالى فى سورة مريم تكاد السموات ينفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا فتخصيصها للدلالة على التفطر من تحتهن بالطريق الاولى لأن تلك الكلمة الشنعاء الواقعة فى الأرض إذا اثرت فى جهة الفوق فلأن تؤثر فى جهة التحت اولى وقيل لنزول العذاب منهن وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ينزهونه تعالى عما لا يليق به من الشريك والولد وسائر صفات الأجسام ملتبسين بحمده تعالى يعنى تسبيح وحمد با هم ميكويند چهـ يكى نفى ناسزاست ويكى اثبات سزا فقدم التسبيح على الحمد لان التخلية مقدمة على التحلية وهذا جانب الاستفاضة من الله والقبول ثم أشارا جانب الافاضة والتأثير بقوله وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ اى للمؤمنين بالشفاعة لقوله تعالى ويسغفرون للذين آمنوا فالمطلق محمول على المقيد او للمومن والكافر بالسعي فيما يستدعى مغفرتهم من الشفاعة والإلهام وترتيب الأسباب المقربة الى الطاعة واستدعاء تأخير العقوبة جمعا فى ايمان الكافر وتوبة الفاسق وهذا لا ينافى كون الملائكة لاعنين للكفار من وجه آخر كما قال تعالى أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وفى الحديث ما فيها موضع اربع أصابع الا وملك واضع جبهته ساجد الله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض وهذا يدل على ان المراد بالملائكة فى الآية ملائكة السموات كلها وقال مقاتل حملة العرش واليه ذهب الكاشفى فى تفسيره ويدل عليه قوله تعالى فى أوائل حم المؤمن الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا يقول الفقير تخصيص ملائكة العرش لا ينافى

صفحة رقم 287
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية