قَالَ تَعَالَى: (نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (نُزُلًا) : فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: هُوَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْهَاءِ الْمَحْذُوفَةِ، أَوْ مِنْ مَا؛ أَيْ لَكُمُ الَّذِي تَدَّعُونَهُ مُعَدًّا، وَمَا أَشْبَهَهُ. وَ «مِنْ» : نَعْتٌ لَهُ. وَالثَّانِي: هُوَ جَمْعُ نَازِلٍ، مِثْلُ صَابِرٍ وَصُبُرٍ؛ فَيَكُونُ حَالًا مِنَ الْوَاوِ فِي «تَدَّعُونَ» أَوْ مِنَ الْكَافِ وَالْمِيمِ فِي «لَكُمْ» فَعَلَى هَذَا يَتَعَلَّقُ مِنْ بِتَدَّعُونَ؛ أَيْ يَطْلُبُوهُ مِنْ غَفُورٍ؛ أَوْ بِالظَّرْفِ؛ أَيِ اسْتَقَرَّ ذَلِكَ مِنْ غَفُورٍ؛ فَيَكُونُ حَالًا مِنْ «مَا».
قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَأَنَّهُ وَلِيٌّ) : فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ حَالٌ مِنَ «الَّذِي» بِصِلَتِهِ وَ «الَّذِي» مُبْتَدَأٌ؛ وَإِذَا لِلْمُفَاجَأَةِ، وَ «هِيَ» خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ؛ أَيْ فَبِالْحَضْرَةِ الْمُعَادِي مُشْبِهًا لِلْوَلِيِّ، وَالْفَائِدَةُ تَحْصُلُ مِنَ الْحَالِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَبَرَا لمُبْتَدَأِ، وَ «إِذَا» ظَرْفٌ لِمَعْنَى التَّشْبِيهِ، وَالظَّرْفُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْعَامِلِ الْمَعْنَوِيِّ.
وَالضَّمِيرُ فِي «يُلَقَّاهَا» لِلْخَصْلَةِ أَوِ الْكَلِمَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (خَلَقَهُنَّ) : الضَّمِيرُ لِلْآيَاتِ، وَهِيَ اللَّيْلُ، وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) : خَبَرُ «إِنَّ» مَحْذُوفٌ؛ أَيْ مُعَانِدُونَ. أَوْ هَالِكُونَ. وَقِيلَ: هُوَ: (أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ) [فُصِّلَتْ: ٤٤].
قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٤٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَأَعْجَمِيٌّ) : عَلَى الِاسْتِفْهَامِ.
وَيُقْرَأُ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ وَفَتْحِ الْعَيْنِ عَلَى النَّسَبِ إِلَى عَجَمٍ.
وَ (عَمًي) : مَصْدَرُ عَمِيَ، مِثْلُ صَدِيَ صَدًى، وَيُقْرَأُ بِكَسْرِ الْمِيمِ؛ أَيْ مُشْكِلٍ فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ. وَيُقْرَأُ عَمِيَ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ، فَعَلَى يَتَعَلَّقُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ أَوْ بِالْفِعْلِ.
وَأَمَّا الْمَصْدَرُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لِتَقَدُّمِهَا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّبْيِينِ، أَوْ حَالًا مِنْهُ.
قَالَ تَعَالَى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلِنَفْسِهِ) : هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ فَهُوَ لِنَفْسِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَا تَحْمِلُ) :«مَا» نَافِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهَا «وَلَا تَضَعُ» ثُمَّ نُقِضَ النَّفْيُ بِإِلَّا وَلَوْ كَانَتْ بِمَعْنَى الَّذِي مَعْطُوفَةً عَلَى السَّاعَةِ لَمْ يَسْتَقِمْ ذَلِكَ؛ فَأَمَّا
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ) فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْأَقْوَى أَنْ تَكُونَ نَافِيَةً.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (آذَنَّاكَ) : هَذَا الْفِعْلُ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ بِنَفْسِهِ، وَإِلَى آخَرَ بِحَرْفِ جَرٍّ، وَقَدْ وَقَعَ النَّفْيُ وَمَا فِي حَيِّزِهِ مَوْقِعَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُوقَفُ عَلَى آذَنَّاكَ، ثُمَّ يُبْتَدَأُ؛ فَلَا مَوْضِعَ لِلنَّفْي.