آيات من القرآن الكريم

فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ۩
ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ

- إذا بعث من القبر - فيقولانن له: لا تخف ولا تحزن -ayah text-primary">﴿وَأَبْشِرُواْ بالجنة التي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة﴾ - إلى قوله - -ayah text-primary">﴿مَا تَدَّعُونَ﴾ فيؤمن الله خوفه، ويقرعينه.
قوله تعالى ذكره ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله﴾ - إلى قوله - ﴿وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ﴾ معناه: لا أحد أحسن قولاً ممن هذه صفته، أي: ممن قال: ربنا الله ثم استقام على الإيمان به والقبول لأمره ونهيه، ودعا عباد الله إلى ما قال به وما عمل. وقرأ الحسن يوماً هذه الآية فقال: هذا حبيب الله، هذا ولي والله، هذا صفوة الله، هذا خير الله، هذا أحب الخلق إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله من دعوته، وعمل صالحاً في إجابته، وقال إنني من المسلمين؛ فهو خليفة الله سبحانه.
فالآية عند الحسن لجميع المؤمنين.
وقال قتادة: هذا عبد صدق قوله عمله، ومولجة مخرجه، وسره علانيته وشاهد مغيبه، ثم قال: وإن المنافق عبد خالف قوله عمله ومولجه مخرجه، وسره

صفحة رقم 6522

علانيته، وشاهده مغيبه.
قال السدي: عني بهذه نبي الله محمداً ﷺ، دعا إلى الله جل ذكره، وعمل صالحاً، وقاله ابن زيد وابن سيرين).
روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: نزلت في المؤذنين.
وقال عكرمة: قوله: ﴿مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله﴾، يعني: المؤذنين. ﴿وَعَمِلَ صَالِحاً﴾، قال: صلى وصام.
وذكر في حديث يرفعه: " أول من (يقضي) الله له بالرحمة يوم القيامة المؤذنون، وأول المؤذنين مؤذنو مكة. قال: والمؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة. والمؤذنون إذا خرجوا من قبورهم أذنوا فنادوا بالآذان، والمؤذنون ولايدودون في قبورهم.

صفحة رقم 6523

وعن عمر رضي الله عنهـ أنه قال: " قالت الملائكة: لو كنا نزولاً في الأرض ما سبقنا إلى الآذان أحد ".
وقال قيس بن أبي حازم: ﴿مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله﴾، قال: هو المؤمن ﴿وَعَمِلَ صَالِحاً﴾، قال: الصلاة بين الأذان إلى الأقامة.
وهذه الآية تدل على أنه جائز أن يقول المسلم: أنا مسلم بلا استثناء، أي: قد استسلمت لله تعالى وخضعت له بالطاعة جلة عظمته.
ثم قال تعالى ﴿وَلاَ تَسْتَوِي الحسنة وَلاَ السيئة﴾ " لا " الثانية زائدة للتأكيد.
والمعنى: لا يستوي الإيمان بالله تعالى، والعمل بطاعته سبحانه، والشرك بالله تعالى والعمل بمعصيته تعالى.
قال عطاء: الحسنة هنا: لا إله إلا الله، والسيئة الشرك.

صفحة رقم 6524

ثم قال ﴿ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ﴾، أي: ادفع بالحالة التي هي أحسن السيئة. والمعنى: ادفع يا محمد بحلمك جهل من جهل عليك، وبعفوك إساءة من أساء إليك، وبصبرك على مكروه من تعدى عليك.
وقال ابن عباس في الآية: أمر الله تعالى المسلمين بالصبر عند الغضب والحلم والعفو عند الإساءة. فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم حتى يصير كأنه ولي حميم.
وقال مجاهد: معناه: ادفع بالسلام إساءة من أساء إليك، تقول له إذا لقيته السلام عليكم، وقاله عطاء.
وعن ابن عباس أيضاً أنه قال: هما الرجلان يسب أحدهما الآخر، فيقول المسبوب للساب: إن كنت صادقاً فغفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك، فيصير الساب كأنه صديق لك، قريب منك. والحميم: القريب.
قال المبرد: " الحميم: الخاص ".

صفحة رقم 6525

ثم قال تعالى جل ذكره ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الذين صَبَرُواْ﴾، أي: وما يعطى دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا - لله - على المكاره والأمور الشاقة ﴿وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾، أي: وما يعطى ذلك إلا ذو نصيب وافر من الخير.
وقيل: المعنى: ما يلقى شهادة ألا إله إلا الله إلا الذين صبروا على المكاره والأذى في الله تعالى، وما يلقى ذلك إلا ذو حظ عظيم في الآخرة.
ونزل هذا كله بمكة والمؤمنون يؤذون على الإيمان، ويمتحنون ويعذبون حتى فروا إلى أرض الحبشة.
وقيل: إنها والتي قبلها نزلتا في أبي بكر رضي الله عنهـ. ثم هي عامة في كل من كان على طريقته ومنهاجه.
وقال قتادة: الحظ العظيم هنا: الجنة: وقاله ابن عباس أيضاً.
" وروي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنهـ شتمه رجل ورسول الله ﷺ شاهد فعفا عنه ساعة؛ ثم إن أبا بكر جاش به الغضب فرد عليه، فقام النبي ﷺ، فاتبعه أبو بكر وقال: يا نبي الله شتمني الرجل فعفوت عنه وصفحت وأنت قاعد؛ فلما أخذت أنتصر

صفحة رقم 6526

قمت! فقال له النبي ﷺ " إنه كان يرد عليه ملك من الملائكة، فلما أخذت تنتصر ذهب الملك ورجاء الشيطان، فوالله ما كنت لأجالس الشيطان يا أبا بكر ".
ثم قال تعالى ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله﴾، أي: وإما يلقين الشيطان - يا محمد - في نفسك وسوسة من العزيمة على مجازاة المسيء بإساءته فاستجر بالله واعتصم به من عمل الشيطان.
﴿إِنَّهُ هُوَ السميع﴾ لاستعاذتك واستجارتك به.
﴿العليم﴾ بما ألقى الشيطان في نفسك من نزعاته هذا قول السدي وقال ابن زيد: هو الغضب.
ثم قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اليل والنهار والشمس والقمر﴾، أي: ومن علاماته وأدلته التي تدل على وحدانيته وقدرته وحجته على خلقه وعظيم سلطانه اختلاف الليل والنهار، ومعاقبة كل واحد منهما الآخر. والشمس والقمر مسخرات لا يدرك أحدهما الآخر.
ثم قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اليل والنهار والشمس والقمر﴾، فإنما هما خلق

صفحة رقم 6527

مثلكم خلقا لمنافعكم بهما.
وقوله: ﴿خَلَقَهُنَّ﴾ جاء بلفظ التأنيث، والجمع رد على الليل والنهار والشمس والقمر وأنث، كما يؤنث جمع ما لا يعقل وإن كان مذكراً إذا كان من غير بني آدم.
وقيل: الضمير يعود على الشمس والقمر، وأتى الجمع في موضع التثنية لأن الاثنين جمع.
وقيل: الضمير يعود على معنى الآية.
وقوله: ﴿إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾، أي: أخلصوا لله وحده إن كنتم / إياه تعبدون، وهذا موضع السجدة عند مالك.

صفحة رقم 6528
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية