آيات من القرآن الكريم

وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ

اللسان عقلا وكما انطق الشجرة والشاة المشوية المسمومة بان يخلق فيها كلاما كما عند اهل السنة فان البنية ليست بشرط عندهم للحياة والعقل والقدرة كما عند المعتزلة وفى حواشى سعدى المفتى بان ينطقها لا على ان تكون تلك الأعضاء آلاته ولا على ان تكون القدرة والارادة آلة فى الانطاق وكيف وهى كارهة لما نطقوا به بل على ان تكون الأعضاء هى الناطقة بالحقيقة موصوفة بالقدرة والارادة وفيه تأمل انتهى روى انه عليه السلام ضحك يوما حتى بدت نواجذه ثم قال الا تسألون مم ضحكت قالوا مم ضحكت يا رسول الله قال عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة قال يقول يا رب أليس قد وعدتني ان لا تظلمنى قال فان لك ذلك قال فانى لا اقبل شاهدا الا من نفسى قال الله تعالى او ليس كفى بي شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين فيقول اى رب اجرتنى من الظلم فلن اقبل على شاهدا الا من نفسى قال فيختم على فيه وتتكلم الأركان بما كان يعمل قال عليه السلام فيقول لهن بعدا لكن وسحقا عنكن كنت أجادل وهذه الرواية تنطق بان المراد بالجلود الجوارح وفيه اشارة الى ان الجماد فى الآخرة يكون حيوانا ناطقا كما قال تعالى وان الدار الآخرة لهى الحيوان وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ توبيخا لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا وصيغة جمع العقلاء فى خطاب الجلود وكذا فى قوله تعالى قالوا أنطقنا إلخ لوقوعها فى موقع السؤال والجواب المختصين بالعقلاء ولعل تخصيص الجلود لأنها بمرائى منهم بخلاف غيرها او لأن الشهادة منها اعجب وابعد إذ ليس شانها الإدراك بخلاف السمع والبصر والمراد الإدراك اللازم للشهادة وهو الابصار او الاسماع إذ الشهادة لا تكون الا بالمعاينة او السماع والإدراك اللمسى لا مدخل له فى الشهادة فيحصل التعجب والبعد وعن ابن عباس رضى الله عنهما المراد بشهادة الجلود شهادة الفروج لأنها لا تخلو عن الجلود والله حيى يكنى وهو الأنسب بتخصيص السؤال بها فى قوله وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا ما نشهد به من الزنى أعظم جناية وقبحا واجلب للخزى والعقوبة مما يشهد به السمع والابصار من الجنايات المكتسبة بتوسطها (قالُوا) اى الجلود (أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) ناطق واقدرنا على بيان الواقع فشهدنا عليكم بما عملتم بواسطتنا من القبائح وما كتمناها وفى الآية اشارة الى ان الأرواح والأجسام متساوية فى قدرة الله تعالى ان شاء جعل الأرواح بوصف الأجسام صما بكما عميا فهم لا يعقلون وان شاء جعل الأجسام بوصف الأرواح تنطق وتسمع وتبصر وتعقل (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) واز عدم بوجود آورد (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فان من قدر على خلقكم وانشائكم اولا وعلى اعادتكم ورجعكم اى ردكم الى جزائه ثانيا لا يتعجب من إنطاقه لجوار حكم وفى تفسير الجلالين هو ابتداء اخبار عن الله تعالى وليس من كلام الجلود ولعل صيغة المضارع مع ان هذه المحاورة بعد البعث والرجع لما ان المراد بالرجع ليس مجرد الرد الى الحياة بالبعث بل ما يعمه وما يترتب عليه من العذاب الخالد المترقب عند التخاطب على تغليب المتوقع على الواقع على ان فيه مراعاة الفواصل يقول الفقير قد ثبت فى علم الكلام ان الله تعالى قد خلق كلا من الحواس لادراك أشياء مخصوصة كالسمع للاصوات والذوق للطعوم والشم للروائح لكن ذلك الإدراك بمحض خلق الله تعالى من غير تأثير الحواس فلا يمتنع

صفحة رقم 248

ان يخلق عقيب صرف الباصرة ادراك الأصوات مثلا وان لم يكن واقعا بالفعل وقد صح ان موسى عليه السلام سمع كلام الله تعالى من كل جانب بكل جانب وقس عليه الرؤية ليلة المعراج فانه عليه السلام كان بصرا محضا فى صورة الجسم وكذلك اللسان فانه مخلوق للنطق لكن الله تعالى إذا أراد كان جميع البدن لسانا مع ان الإنسان لما تشرف بالحياة والنطق كان جميع اجزائه ناطقا حكيما كما كان حيا حقيقة وذلك لاضافته الى الحي الناطق بل وسر الحياة والنطق سار فى جميع اجزاء العالم فضلا عن أعضاء بنى آدم وقد ورد ان كل شىء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له يوم القيامة فهذه الشهادة من باب النطق لا عن علم وتعقل فليحذر العبد عن شهادة الأعضاء وكذا المكان والزمان وعن علاء بن زياد قال ليس يوم يأتى من ايام الدنيا الا يتكلم ويقول يا ايها الناس انى يوم جديد وانا على ما يعمل فى شهيد وانى لو غربت شمسى لم ارجع إليكم الى يوم القيامة قال الصائب

غبار قابله عمر چون نمايان نيست دو اسبه رفتن ليل ونهار را درياب
وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ قوله ان يشهد فى موضع النصب بإسقاط الخافض اى من ان يشهد لأن استتر لا يتعدى بنفسه او فى موضع الجر على تقدير المصاف اى مخافة ان يشهد ولا فى الموضعين زائدة لتاكيد النفي وهذه حكاية لما سيقال للاعداء يومئذ من جهته تعالى بطريق التوبيخ والتقريع تقرير الجواب الجلود والمعنى وما كنتم تستترون فى الدنيا عند مباشرتكم الفواحش مخافة ان تشهد عليكم جوارحكم بذلك لأنها كانت أجساما صامتة غير ناطقة ولم يكن فى حسابكم ما استقبلكم كما كنتم تستترون من الناس بالحيطان والحجب وظلمة الليل مخافة الافتضاح عندهم بل كنتم جاحدين بالبعث والجزاء راسا فضلا عن شهادة الأعضاء وفيه تنبيه على ان المؤمن ينبغى ان يتحقق ان لا يمر عليه حال الا وعليه رقيب وان الله معه أينما كان وفى الحديث أفضل ايمان المرء ان يعلم ان الله معه حيث كان يار با تست هر كجا هستى جاى ديكر چهـ خواهى اى او باش با تو در زير يك كليم چواوست پس برو اى حريف خود را باش فعلى العبد ان يحفظ نفسه ويحاسبها قبل ان تحاسب قال البقلى فى عرائسه من باشر المعصية تظهر آثارها على جوارحه لا يقدر ان يسترها ولو كان عالما بنفسه يستغفر فى السر عند الله حتى تضمحل آثارها ولا يرى وجود تلك الآثار صاحب كل نظرة قال ابو عثمان رحمه الله من لم يذكر فى وقت مباشرته الذنوب شهادة جوارحه عليه يجترىء على الذنوب ومن ذكر ذلك حين مباشرتها ربما تلحقه العصمة والتوفيق فيمنعانه عنها وفضوح الدنيا فالنار ولا العار وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ عند استتاركم أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ من القبائح المخفية فلا يظهرها فى الآخرة على تقدير وقوعها ولذلك اجترأتم على ما فعلتم يشير الى معتقد الفلاسفة الزنادقة فانهم يعتقدون ان الله لا يكون عالم الجزئيات وفيه إيذان بان شهادة الجوارح بإعلامه تعالى حينئذ لا بانها كانت عالمة بما شهدت به عند صدوره عنهم وادخل الكثير لكونهم يزعمون ان الله يعلم ما يجهر به دون ما يسر عن ابن مسعود رضى الله عنه كنت مستترا بأستار الكعبة فدخل ثلاثة نفر ثقفيان وقرشى او قرشيان وثقفى كثير شحم بطونهم قليل فقه بطونهم قيل

صفحة رقم 249
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية