
أسلم وأحسن، وليس بموضع تمام، وإنما تكلم فيه الناس على الاضطرار وانقطاع النفس، ووقع ذلك كيف يكون الوقف، فأما أن يتعمد الوقف على هذا فلا يجوز.
قوله: ﴿مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله...﴾ الآية.
قال الأخفش: ﴿مَّآ﴾ بمعنى الذي.
وقيل: ﴿مَّآ﴾ للشرط.
والمعنى: ما أصابك يا محمد من خصب ورخاء وصحة وسلامة، فبفضل الله عليك وإحسانه، وما أصابك من جدب وشدة وسقم وألم، فبذنب أتيته قوقبت به، والخطاب للنبي ﷺ، والمراد أمته، وكان النبي ﷺ يقول: " ما يصيب الرجل من خدش من عود ولا غيره إلا بذنب، وما يغفر الله تعالى أكثر ".
وقال ابن عباس: الحسنة هنا فتح بدر وغنيمتها، والسيئة ما أصابه يوم أحد عوقبوا عند خلاف الرماة لأمر النبي ﷺ، فكان ما عوقب به بذنوبهم التي اجترحوها، فهو قوله ﴿فَمِن نَّفْسِكَ﴾ قال أبو زيد: " وقوله في آل عمران ":

﴿قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٦٥] معناه بذنوبكم وهو بهذا المعنى.
وقرأ ابن عباس: فمن نفسك وأنا كتبتها عليك وكذلك هي قراءة عبد الله بن مسعود.
وعن ابن عباس أن الآية نزلت في قصة أحد تقول: ما فتحت عليك يا محمد من فتح فمني وما كانت من نكبة فمن ذنبك وأنا قدرت ذلك عليك.
وقد ذكر النحاس: أن القول محذوف من الآية والتقدير ﴿لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً﴾ يقول ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة من نفسك [أي: بشؤمك].
وذكر ابن الأنباري قولاً ثالثاً: أن المعنى: ما أصابك الله به من حسنة فمنه،

وما أصابك من سيئة فمن نفسك] أي: بذنبك فالفعلان من الله تعالى، وهذا يرجع إلى القول الأول. وذكر فيه قولاً رابعاً: وهو أن يقدر ألف الاستفهام محذوفة والتقدير: وما أصابك من سيئة. أفمن نفسك؟ كما قال: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا (عَلَيَّ)﴾ [الشعراء: ٢٢] على معنى: وتلك نعمة كما قال في قوله تعالى: ﴿فَلَماَّ رَأَى الشمس بَازِغَةً قَالَ هذا رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٨] أي: هذا ربي لأنه لم يوجب أنه ربه وإنما قال هذا ربي على سبيل الاستخبار.
قال نفطوية: أصل السيئة ما يسوؤك، فالمعنى وما أصابك من أمر يسوؤك فهو بذنبك وذلك أمر من الله.
وقال الضحاك عن ابن عباس: الحسنة هنا ما أصاب المسلمين من الظفر يوم بدر، والسيئات ما نكبوا به يوم أحد.
قوله: ﴿وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً﴾ الآية.
رسولاً: مصدر مؤكد لأرسلناك، ودخلت " من " في قوله: ﴿مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ﴾