آيات من القرآن الكريم

وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا
ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ

قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله ﴾ ؛ أي وإن أصابَكم أيُّها المؤمنون ظَفَرٌ وغَنِيْمَةٌ، ﴿ لَيَقُولَنَّ ﴾ ؛ هذا الْمُبْطِئُ نَادِماً، ﴿ كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يالَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ ﴾ ؛ في الغَزْو فأُصيبَ حظّاً وافراً وغنائمَ كثيرةً. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ ﴾ ؛ قال بعضُهم : هو معرضٌ بين اليمينِ وما قبلَهُ ؛ تقديرهُ : وَلَئِنْ أصَابَكُمْ فضلٌ من اللهِ ليقولَنَّ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُم، ﴿ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ ؛ كأنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ ؛ أي يتمنَّى أن ينالَ مِن غيرِ أن يريدَ الجهادَ والقتال، وقيلَ : هو متصلٌ بقولهِ ﴿ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَّعَهُمْ شَهِيداً ﴾ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ ؛ أي صِلَةٌ في الدِّين ومعرفةٌ في الصُّحبةِ، كأنهُ لم يُعَاقِدْكُمْ قَبْلَ أن يجاهدَ معكم.
ثُمَّ أمرَ اللهُ تعالى كُلَّ مَنْ عَقَدَ الإيمانَ بالقتالِ ؛ فقال عَزَّ وجَلَّ :﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ ﴾ ؛ أي لِيُقَاتِلْ في طاعةِ الله ورضَائِهِ الذين يَبْيعونَ الحياةَ الدُّنيا بالآخرةِ وهم المؤمنونَ. وَقِيْلَ : معناهُ : إنَّ الخطاب لِلْمُبْطِئِيْنَ ؛ ومعنى ﴿ يَشْرُونَ ﴾ : يَخْتَارُونَ الحياةَ الدُّنيا على الآخرةِ. وهذا اللفظُ من الأضدادِ، يقالُ : شَرَيْتُ بمَعْنَى بعْتُ، وَشَرَيْتُ بمَعْنَى اشْتَرَيْتُ، فيكون معنى الآيةِ على هذا : آمِنُوا ثُمَّ قاتِلوا، لإنة لا يجوزُ أن يكونَ الكافرُ مأموراً بشيءٍ يتقدَّم على الإيْمانِ.
ثم ذَكَرَ اللهُ تعالى فضلَ الْمُجَاهِدِيْنَ ؛ فَقَالَ :﴿ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ ؛ أي في الجهادِ الذي هو طاعةُ اللهِ تعالى ؛ ﴿ فَيُقْتَلْ ﴾ ؛ هو ؛ ﴿ أَو يَغْلِبْ ﴾ ؛ العدوَّ ؛ ﴿ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ﴾ ؛ فسوفَ نُعْطِيْهِ في كِلاَ الوجهينِ ثواباً وافراً في الجنَّة، وسَمَّى اللهُ تعالى الثوابَ عظيماً ؛ لأنه نالَ ثمناً مِن العزيزِ بأغلَى الأثْمانِ، وقد يكون ثَمَنُ الشيءِ مثلَهُ، ويكون وَسَطاً من الأثْمانِ.

صفحة رقم 16
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحداد اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية