آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا
ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ

كنهكار انديشناك از خدا بسى بهتر از عابد خود نما
اگر مشك خالص ندارى مكوى وكر هست خود فاش كردد ببوى
ونعم ما قيل
جوز خالى در ميان جوزها مى نمايد خويشتن را از صدا
والاشارة فى الآيتين ان الذين يزكون أنفسهم من اهل العلوم الظاهرة بالعلم ويباهون به العلماء ويمارون به السفهاء لا تزكى أنفسهم بمجرد تعلم العلم بل تزيد صفاتهم المذمومة مثل المباهاة والمماراة والمجادلة والمفاخرة والكبر والعجب والحسد والرياء وحب الجاه والرياسة وطلب الاستيلاء والغلبة على الاقران والأمثال بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ التزكية ويتهيأ لها بتسليم النفس الى ارباب التزكية وهم العلماء الراسخون والمشايخ المحققون كما يسلم الجلد الى الدباغ ليجعله أديما فمن يسلم نفسه للتزكية الى المزكى ويصبر على تصرفاته كالميت فى يد الغسال ويصغ الى إشاراته ولا يعترض على معاملاته ويقاس شدائد اعمال التزكية فقد أفلح بما تزكى والمزكى هو النبي عليه السلام فى ايام حياته كما قال تعالى هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ الآية وبعدهم العلماء الذين أخذوا التزكية ممن أخذوا منه قرنا بعد قرن من الصحابة والذين اتبعوهم بإحسان الى يومنا هذا ولعمرى انهم فى هذا الزمان أعز من الكبريت الأحمر: قال الشيخ الحسيني
در طريقت رهبر دانا كزين زانكه ره دورست ورهزن در كمين
رهبرى بايد بمعنى سر بلند از شريعت وز طريقت بهره مند
اصل وفرع وجزء وكل آموخته شمع از نور علم افروخته
ظاهرش از علم كسبى با خدا باطنش ميراث دار مصطفا
هر كه از دست عنايت بر كرفت روز أول دامن رهبر كرفت
هر كه در زندان خود رأيى فتاد بند او را سالها نتوان كشاد
اى سليم القلب دشوارست كار تا نپندارى كه پندارست كار
فعلى السالك ان يتمسك بذيل المرشد ويتشبث به الى الوقوف على علم التوحيد ثم الفناء عن نفسه لان مجرد العرفان غير منج مالم يحصل التحقق بحقيقة الحال ولذا قال عليه السلام (شر الناس من قامت عليه القيامة وهو حى) اى وقف على علم التوحيد ونفسه لم تمت بالفناء حتى يحيى بالله فانه حينئذ زنديق قائل بالاباحة فى الأشياء عصمنا الله وإياكم من المعاصي والفحشاء أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ الى اليهود الذين أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ حظا من علم التوراة اى انظر يا محمد وتعجب من حالهم فكأنه قيل ماذا يفعلون حتى ينظر إليهم فقيل يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ فى الأصل اسم صنم فاستعمل فى كل ما عبد من دون الله وَالطَّاغُوتِ الشيطان ويطلق لكل باطل من معبود او غيره- روى- ان حيى بن اخطب وكعب بن الأشرف اليهوديين خرجا الى مكة فى سبعين راكبا من اليهود ليخالفوا قريشا على محاربة رسول الله ﷺ وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه عليه السلام فقالوا أنتم اهل كتاب

صفحة رقم 221

فلأن الالهية عبارة عن إيصال النعم والإحسان الى العبيد فمن كره ذلك فكأنه أراد عزل الإله عن الالهية وذلك محض الجهل ثم ان الحسد لا يحصل الا عند الفضيلة فكلما كانت فضيلة الإنسان أتم وأكمل كان حسد الحاسدين عليه أعظم: قال السعدي قدس سره

شور بختان بآرزو خواهد مقبلانرا زوال نعمت وجاه
گر نبيند بروز شبپره چشم چشمه آفتاب را چهـ كناه
راست خواهى هزار چشم چنان كور بهتر كه آفتاب سياه
ولا يسود الحسود والبخيل فى جميع الزمان ألا ترى ان الله تعالى جعل بخل اليهود كالمانع من حصول الملك لهم فهما لا يجتمعان وذلك لان الانقياد للغير امر مكروه لذاته والإنسان لا يتحمل المكروه الا إذا وجد فى مقابلته امرا مطلوبا مرغوبا فيه وجهات الحاجات محيطة بالناس فاذا صدر من انسان احسان الى غيره صارت رغبة المحسن اليه فى ذلك المال سببا لصيروته منقادا مطيعا له فلهذا قيل بالبر يستعبد الحر فاما إذا لم يوجد هذا بقيت النفرة الطبيعية عن الانقياد للغير خالصا من المعارض فلا يحصل الانقياد البتة: قال السعدي
خورش ده بگنجشك وكبك وحمام كه يك روزت افتنده يابى بدام
زر از بهر خوردن بود اى پسر ز بهر نهادن چهـ سنك و چهـ زر
وقد شبه بعض الحكماء ابن آدم فى حرصه على الجمع ووخامة عاقبته بدود القز الذي يكاد ينسج على نفسه بجهله حتى لا يكون له مخلص فيقتل نفسه ويصير القز لغيره فاللائق بشأن المؤمن القناعة بما رزقه الودود وترك الحرص والبذل من الموجود. وقيل لما عرج النبي عليه السلام اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال عليه السلام (ما بال هذا الرجل فى هذه الحظيرة لا تمسه النار) فقال جبريل عليه السلام هذا حاتم طى صرف الله عنه عذاب جهنم بسخائه وجوده فالجود صارف عن المرء عذاب الدنيا والعقبى وباعث لوصول الملك فى الاولى والاخرى. ثم ان الملك على ثلاثة اقسام. ملك على الظواهر فقط وهذا هو ملك الملوك. وملك على البواطن فقط فهذا هو ملك العلماء. وملك على الظواهر والبواطن معا وهذا هو ملك الأنبياء عليهم السلام فاذا كان الجود من لوازم الملك وجب فى الأنبياء ان يكونوا فى غاية الجود والكرم والرحمة والشفقة ليصير كل واحد من هذه الأخلاق سببا لانقياد الخلق لهم وامتثالهم لأوامرهم وكمال هذه الصفات كان حاصلا لمحمد عليه السلام إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا القرآن وسائر المعجزات سَوْفَ كلمة تذكر للتهديد والوعيد يقال سوف افعل وتذكر للوعد ايضا فتفيد التأكيد نُصْلِيهِمْ ناراً ندخلهم نارا عظيمة هائلة كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ اى احترقت بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها غير يذكر ويراد به الضد تقول الليل غير النهار وايضا يقال للمثل المتبدل تقول للماء الحار إذا برد هذا غيره وهو المراد هنا اى أعطيناهم مكان كل جلد محترق عند احتراقه جلدا جديدا مغايرا للمحترق صورة وان كان عينه مادة. والحاصل انه يعاد ذلك الجلد بعينه على صورة اخرى كقولك صغت من خاتمى خاتما غيره فالخاتم الثاني هو الاول

صفحة رقم 223

وانما الصياغة اختلفت. فان قلت الجلود العاصية إذا احترقت فلو خلق الله تعالى مكانها جلودا اخرى وعذبها كان ذلك تعذيبا لمن لم يعص وهو غير جائز. قلت العذاب للجلدة الحساسة وهى التي عصت لا للجلد مطلقا والذات واحدة فالعذاب لم يصل الا الى العاصي لِيَذُوقُوا الْعَذابَ اى ليدوم لهم ذوقه ولا ينقطع كقولك للعزيز أعزك الله اى ادامك على عزك وزادك فيه. قال الحسن تأكلهم النار فى كل يوم سبعين مرة كلما أكلتهم قيل لهم عودوا فيعودون كما كانوا- وروى- مرفوعا ان جلد الكافر أربعون ذراعا وضرسه مثل أحد وشفته العليا تضرب سرته وبين لحمه وجلده ديدان كحمر الوحش تركض بين جلده ولحمه وحيات كأعناق البخت وعقارب كالبغال وهذا ليس بزيادة تحلق وتعذب من غير معصية لكن إذا زيد ذلك ثقلة على العبد ويكون نفس الثقل عقوبة عليه كسائر عقوبات جهنم من السلاسل والاغلال والعقارب والحيات. فان قلت انما يقال فلان ذاق العذاب إذا أدرك شيأ قليلا منه والله تعالى قد وصف انهم كانوا فى أشد العذاب فكيف يحسن ان يذكر بعد ذلك انهم ذاقوا العذاب. قلت المقصود من ذكر الذوق الاخبار بان احساسهم بالعذاب فى كل مرة كاحساس الذائق بالمذوق من حيث انه لا يدخله نقصان ولا زوال بسبب ذلك الاحتراق ودوام الملابسة ولعل السر فى تبديل الجلود مع قدرته تعالى على بقاء ادراك العذاب وذوقه بحاله مع الاحتراق او مع ابقاء أبدانهم على حالها مصونة عن الاحتراق ان النفس ربما تتوهم زوال الإدراك بالاحتراق إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً لا يمتنع عليه شىء مما يريده بالمجرمين حَكِيماً يعاقب من يعاقب على حكمته. اعلم ان هذا العذاب والتبديل الذي فى الآخرة كان حاصلا له فى الدنيا ولكن لم يكن يذوقه كالنائم يجرح نفسه بحديدة فى يده فتكون الجراحة حاصلة له فى الدنيا ولكن لم يذق ألمها حتى ينتبه فالناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا. فعلى العبد ان يعمل على وفق الشرع وخلاف النفس والهوى حتى يجعل الله تعالى باكسير الشرع نحاس الصفات الظلمانية النفسانية فضة الصفات النورانية الروحانية فاذا تخلص فى الدنيا من شوب المعصية بإصلاح النفس والجريان على وفق الشرع لم يحتج فى الآخرة الى التهذيب والتنقيح بالنار- روى- ان اصحاب الكبائر من موحدى الأمم كلها الذين ماتوا على كبائرهم غير تائبين ولا نادمين منهم من دخل النار فى الباب الاول فى جهنم حتى لا تزرق أعينهم ولا تسود وجوههم ولا
يقرنون مع الشياطين ولا يغلون بالسلاسل ولا يجرعون الحميم ولا يلبسون القطران فى النار حرم الله تعالى أجسادهم ووجوههم على النار من أجل السجود فمنهم من تأخذه النار الى قدميه ومنهم من تأخذه الى ركبتيه ومنهم من تأخذه الى عنقه قدر ذنوبهم وأعمالهم ثم ان منهم من يمكث فيها شهرا ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها وأطولهم فيها مكثا كقدر الدنيا منذ خلقت الى يوم تفنى. وكان ابن السماك يقول فيما يعاتب نفسه يا نفس تقولين قول الزاهدين وتعملين عمل المنافقين وفى الجنة تطمعين ان تدخلين هيهات هيهات ان للجنة قوما آخرين ولها اعمال غير ما تعملين ويحك أخذت بزىّ كسرى وقيصر والفراعنة وتريدين ان ترافقى

صفحة رقم 224
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية