آيات من القرآن الكريم

إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ

قوله تعالى: ﴿إِلاَّ الذين﴾ : فيه ثلاثةُ أوجه، احدُها: أنه منصوبٌ على الاستثناء مِنْ قوله: ﴿إِنَّ المنافقين﴾ الثاني: أن مستثنى من الضميرِ المجرورِ في «لهم» الثالث: أنه مبتدأٌ، وخبرُه الجملةُ من قوله: ﴿فأولئك مَعَ المؤمنين﴾ قيل: «ودَخَلَتِ الفاءُ في الخبرِ لشبهِ المبتدأ باسم الشرط قال أبو البقاء ومكي وغيرُهما:» مع المؤمنين «خبرُ» أولئك «والجملةُ خبر» إلا الذين «والتقدير: فأولئك مؤمنون مع المؤمنين، وهذا التقديرُ لا تقتضيه الصناعة، بل الذي تقتضيه الصناعة أن يُقَد‍َّر الخبرُ الذي يتعلق به هذا الظرف شيئاً يليق به، وهو» فأولئك مصاحبون أو كائنون أو مستقرون «ونحوه، فتقدِّرُه كوناً مطلقاً أو مايقاربه.
قوله: ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ الله﴾ رُسِمت»
يؤت «دون» ياء «وهو مضارعٌ مرفوع فحقُّ يائه أن تثبت لفظاً وخطاً، إلا أنها حذفت لفظاً في الوصل لالتقاء الساكنين فجاءُ الرسم تابعاً للفظ، وله نظائر تقدم بعضها. والقراءُ يقفون عليه دون ياء أتِّباعاً للخط الكريم، إلا يعقوبَ فإنه يقف بالياء نظراً إلى الأصل، ورُوي ذلك أيضاً عن الكسائي وحمزة. وقال أبو عمرو:» ينبغي أن لا يُوقَفَ

صفحة رقم 132

عليها، لأنه إنْ وُقف عليها كما في الرسم دون ياء خالف النحويين، وإن وقف بالياء خالف رسم المصحف «ولا بأسَ بما قال، لأن الوقف ليس ضرورياً، فإن اضْطُرَّ إليه واقفٌ لقَطْعِ نَفَس ونحوه فنيبغي أن يُتابَع الرسمُ، لأنَّ الأطرافَ قد كَثُر حَذْفُها، ومِمَّا يشبه هذا الموضعَ قولهُ: ﴿وَمَن تَقِ السيئات يَوْمَئِذٍ﴾ [غافر: ٩] فإنه رسم» تَقِ «بقافٍ دون هاءِ سكت، وعند النحويين أنه إذا حُذِف من الفعل شيءٌ حتى لم يبق منه إلا حرفٌ واحد ووُقِف عليه وَجَبَ الإِتيانُ بهاء السكت في آخره جبراً له نحو:» قِهْ «و» لم يقه «و» عِه «و» لم يَعِه «، ولا يُعْتَدُّ بحرف المضارعة لزيادتِه على بنية الكلمة فإذا تقرر هذا فنقول: ينبغي ألاَّ يوقف عليه؛ لأنه إنْ وُقِف بغير هاءِ سكت خالف الصناعة النحوية، وإنْ وُقِفَ بهاء خالف رسمَ المصحفَ.

صفحة رقم 133
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية