آيات من القرآن الكريم

وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ

وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ اى غير ما هم مستمرون عليه من اعتقاد وعمل وهو الدين القيم نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى اى نجعله واليا لما تولاه من الضلال ونخذله بان نخلى بينه وبين ما اختار وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ اى ندخله فيها وَساءَتْ مَصِيراً اى جهنم- روى- ان طعمة عاند حكم الله وخالف رسول الله خوفا من فضاحة قطع اليد فهرب الى مكة واتبع دين أهلها ومات كافرا فعلى العاقل ان لا يخالف الجماعة وهم المؤمنون فان الشاة الخارجة عن القطيع يأكلها الذئب وسبيل المؤمنين هو السبيل الحق الموصل الى الجنة والقربة والوصلة واللقاء. والاشارة انه لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ اى الذين يتناجون من النفس والشيطان والهوى لانهم شرار ولا فيما يتناجون به لانهم يأمرون بالسوء والفحشاء والمنكر ثم استثنى وقال إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ اى الا فيمن امر بهذه الخيرات فان فيه الخير وهو الله تعالى فانه يأمر بالخيرات بالوحى عموما او يأمر بالخاطر الرحمانى والإلهام الرباني خواص عباده فالخاطر يكون بواسطة الملك وبغير الواسطة كما قال عليه السلام (ان للملك لمة وان للشيطان لمة فلمة الملك إيعاد بالخير ولمة الشيطان إيعاد بالشر) والإلهام ما يكون من الله تعالى بغير الواسطة وهو على ضربين. ضرب منه مالا شعور به للعبد انه من الله. وضرب منه ما يكون باشارة صريحة يعلم العبد انه آت من الله تعالى لتعليم نور الإلهام وتعريفه لا يحتاج الى معرفة آخر انه من الله تعالى وهذا يكون للولى وغير الولي كما قال بعض المشايخ حدثنى قلبى عن ربى وقال عليه السلام (ان الحق لينطق على لسان عمر) وقال (كادت فراسته ان تسبق الوحى) ثم قال وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ
اى ومن يفعل بما ألهمه الله طلبا لمرضاته فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ذكر بفاء التعقيب قوله فسوف يعنى عقيب الفعل نؤتيه اجرا وهو جذبة العناية التي تجذبه عنه وتوصله الى العظيم ثم قال وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ اى يخالف الإلهام الرباني الذي هو رسول الحق اليه مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى بتعريف الإلهام ونوره وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ الموقنين بالإلهام بان يتبع الهوى وتسويل النفس وسبيل الشيطان نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى اى نكله بالخذلان الى ما تولى وَنُصْلِهِ بسلاسل معاملاته التي تولى بها الى جَهَنَّمَ سفليات الصفات البهيمية والسبعية والشيطانية وَساءَتْ مَصِيراً اى ما صار اليه من عبادة الهوى واتباع النفس والشيطان واشراكهم بالله فى المطاوعة كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ يقال جاء شيخ الى رسول الله ﷺ وقال انى شيخ منهمك فى الذنوب الا انى لم أشرك بالله شيأ منذ عرفته وآمنت به ولم اتخذ من دونه وليا ولم أوقع المعاصي جراءة وما توقعت طرفة عين انى أعجز الله هربا وانى لنادم تائب فما ترى حالتى عند الله فنزلت هذه الآية. فالشرك غير مغفور الا بالتوبة عنه وما سواه مغفور سواء حصلت التوبة او لم تحصل لكن لا لكل أحد بل لمن يشاء الله مغفرته وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً عن الحق فان الشرك أعظم انواع الضلالة وأبعدها عن الصواب والاستقامة.
قال الحدادي اى فقد ذهب عن الصواب والهدى ذهابا بعيدا وحرم الخير كله. والفائدة

صفحة رقم 285

فى يوم الموقف (يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير فى يديك فيقول اخرج بعث النار) يعنى ميز أهلها والبعث بمعنى المبعوث (قال وما بعث النار) ما هنا بمعنى كم العددية ولذا أجيب عنها بالعدد (قال) اى الله تعالى (من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون قال النبي عليه السلام فذلك التقاول حين بشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها) كنايتان عن شدة اهوال يوم القيامة (وترى الناس سكارى) اى من الخوف (وما هم بسكارى) اى من الخمر (ولكن عذاب الله شديد قال) اى الراوي واشتد ذلك عليهم فقالوا يا رسول الله أينا ذلك الرجل الباقي من الالف فقال (ابشروا فان من يأجوج ومأجوج الفا ومنكم رجلا) والخطاب للصحابة وغيرهم من المؤمنين ثم قال (والذي نفسى بيده انى لأرجو ان تكونوا ربع اهل الجنة) قال الراوي فحمدنا الله وكبرنا ثم قال (والذي نفسى بيده انى لارجو ان تكونوا ثلث اهل الجنة) فحمدنا الله وكبرنا ثم قال (والذي نفسى بيده انى لارجو ان تكونوا شطر اهل الجنه) وترقى عليه السلام فى حديث آخر من النصف الى الثلثين وقال (ان اهل الجنة مائة وعشرون صنفا وهذه الامة منها ثمانون ان مثلكم فى الأمم) اى الكفرة (كمثل الشعرة البيضاء فى جلد الثور الأسود) فلا يستبعد دخول كل المؤمنين الجنة. فان قيل كيف علم إبليس انه يتخذ من عباد الله نصيبا. قيل فيه اجوبة. منها ان الله تعالى لما خاطبه بقوله لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ علم إبليس انه ينال من ذرية آدم ما يتمناه. ومنها انه لما وسوس لآدم فنال منه طمع فى ذريته. ومنها ان إبليس لما عاين الجنة والنار علم ان لها سكانا من الناس وَلَأُضِلَّنَّهُمْ عن الحق وإضلاله وسواس ودعاء الى الباطل ولو كان اليه شىء من الضلالة سوى الدعاء إليها لأضل جميع الخلق ولكنه لما قال عليه السلام فى حقه (خلق إبليس مزينا وليس اليه من الضلالة شىء) يعنى انه يزين للناس الباطل وركوب الشهوات ولا يخلق لهم الضلالة وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ الأماني الباطلة بان يخيل للانسان ادراك ما يتمناه من المال وطول العمر. وقيل يمنى الإنسان اى يوهمه انه لا جنة ولا نار ولا بعث ولا عقاب ولا حساب. وقيل بان يوهمه انه ينال فى الآخرة حظا وافرا من فضل الله ورحمته وَلَآمُرَنَّهُمْ بالبتك اى القطع والشق فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ اى فليقطعنها بموجب امرى ويشقنها من غير تلعثم فى ذلك ولا تأخير يقال بتكه اى قطعه ونقل الى بناء التفعيل اى التبتيك للتكثير. واجمع المفسرون على ان المراد به هاهنا قطع آذان البحائر والسوائب والانعام الإبل والبقر والغنم اى لا حملنهم على ان يقطعوا آذان هذه الأشياء ويحرموها على أنفسهم بجعلها للاصنام وتسميتها بحيرة وسائبة ووصيلة وحاميا وكان اهل الجاهلية إذا أنتجت ناقة أحدهم خمسة ابطن وكان آخرها ذكرا بحروا اذنها وامتنعوا من ركوبها وحلبها وذبحها ولا تطرد عن ماء ولا تمنع عن مرعى وإذا لقيها المعيى لم يركبها وقيل كانوا يفعلون ذلك بها إذا ولدت سبعة ابطن والسائبة المخلاة تذهب حيث شاءت وكان الرجل منهم يقول ان شفيت فناقتى سائبة او يقول ان قدم غائبى من السفر أو إن وصلت الى وطنى او ان ولدت امرأتى ذكرا او نحو ذلك فناقتى سائبة فكانت كالبحيرة وكذا من كثر ماله يسيب واحدة منها تكرّ ما وكانت لا ينتفع بشىء منها ولا تمنع عن ماء ومرعى الى ان تموت فيشترك

صفحة رقم 287

فى أكلها الرجال والنساء. والوصيلة هى من الغنم إذا ولدت سبعة ابطن فان كان الولد السابع ذكرا ذبحوه لآلتهم وكان لحمه للرجال دون النساء وان كان أنثى كانوا يستعملونها وكانت بمنزلة سائر الغنم وان كان ذكرا وأنثى قالوا ان الاخت وصلت أخاها فلا يذبحون أخاها من أجلها وجرى مجرى السائبة وكانت المنفعة للرجال دون النساء فهى فعيلة بمعنى فاعلة والحامى هو البعير الذي ولد ولد ولده وقيل هو الفحل من الإبل إذا ركب ولد ولده قالوا له انه قد حمى ظهره فيهمل ولا يركب ولا يمنع عن الماء والمرعى وإذا مات يأكله الرجال والنساء وَلَآمُرَنَّهُمْ بالتغيير فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ عن
نهجه صورة وصفة. ويندرج فيه امور.
منها فقئ عين الحامى وكانت العرب إذا بلغت ابل أحدهم الفا عوّروا عين فحلها والحامى الفحل الذي طال مكثه عندهم. ومنها خصاء العبيد وعموم اللفظ يمنع الخصاء مطلقا لكن الفقهاء رخصوا فى خصاء البهائم لمكان الحاجة ومنعوه فى بنى آدم وعند ابى حنيفة يكره شراء الحصيان واستخدامهم لان الرغبة فيهم تدعو الى خصائهم. قال فى نصاب الاحتساب قرأت فى بعض الكتب ان معاوية دخل على النساء ومعه خصى مجبوب فنفرت منه امرأة فقال معاوية انما هو بمنزلة امرأة فقال أترى ان المثلة فيه قد أحلت ما حرم الله من النظر فتعجب من فطنتها وفقهها. ومنها الوشم وهو ان يغرز الجلد بابرة ثم يخشى بكحل او بنيلنج وهو دخان الشحم يعالج به الوشم حتى يخضر. قال بعض اصحاب الشافعي وجبت إزالته ان أمكن بالعلاج والا فبالجرح ان لم يخف فوت عضو. ومنها الوشر وهو ان تحدد المرأة اسنانها وترققها تشبها بالشواب. ومنها التنمص وهو نتف شعور الوجه يقال تنمصت المرأة إذا تزينت بنتف شعر وجهها وحاجبها والنامصة المرأة التي تزين النساء بالمنمص والمنمص والمنماص المنقاش وقد لعن النبي عليه السلام النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والواشرة والمستوشرة. والواصلة هى التي تصل شعر غيرها بنفسها. والمستوصلة هى التي تأمر غيرها بان توصل ذلك الى شعرها. قال ابن الملك الواصلة هى التي تصل الشعر بشعر آخر زورا.
والمستوصلة هى التي تطلبه والرجل والمرأة سواء فى ذلك هذا إذا كان المتصل شعر الآدمي لكرامته فلا يباح الانتفاع بشىء من اجزائه اما غيره فلا بأس بوصله. فيجوز اتخاذ النساء القراميل من الوبر. وقيل فيه تفصيل ان لم يكن لها زوج فهو حرام ايضا وان كان فان فعلته بإذن الزوج او السيد يجوز والا فلا ثم انها ان فعلت ذلك بصغيرة تأثم فاعلته ولا تأثم المفعولة لانها غير مكلفة. ويدخل فى التنمص نتف شعر العانة فان السنة خلق العانة ونتف الإبط.
ومنها السحق وهو لكونه عبارة عن تشبه الأنثى بالذكور من قبيل تغيير خلق الله عن وجهه صفة وفى الحديث المرفوع (سحاق النساء زنى بينهن) وكذا التخنث لما فيه من تشبه الذكر بالأنثى وهو اظهار اللين فى الأعضاء والتكسر فى اللسان. ومنها اللواطة لما فيها من اقامة ما خلق لدفع الفضلات مقام موضع الحراثة والنظر الى صبيح الوجه بالشهوة حرام ومجالسته حرام لانه عورة من القرن الى القدم وجاء فى بعض الروايات (ان مع كل امرأة شيطانين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطانا). ومنها عبادة الشمس والقمر والكواكب والحجارة

صفحة رقم 288
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية