آيات من القرآن الكريم

وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ

عليه غيرك عَطاؤُنا الخاص بك الذي لا يقدر عليه غيرنا فَامْنُنْ من قوله منّ عليه منا اى أنعم اى فاعط منه من شئت أَوْ أَمْسِكْ وامنع منه من شئت واو للاباحة بِغَيْرِ حِسابٍ حال من المستكن فى الأمر اى غير محاسب على منّه وإحسانه ومنعه وإمساكه لا حرج عليك فيما أعطيت وفيما أمسكت لتفويض التصرف فيه إليك على الإطلاق وفى المفردات قيل تصرف فيه تصرف من لا يحاسب اى تناول كما تحب فى وقت ما تحب وعلى ما تحب وأنفقه كذلك انتهى قال الحسن ما أنعم الله على أحد نعمة الا كان عليه تبعة الا سليمان فان اعطى اجر عليه وان لم يعط لم يكن عليه تبعة واثم وهذا مما خص به والتبعة ما يترتب على الشيء من المضرة وكل حق يجب للمظلوم على الظالم بمقابلة ظلمه عليه قال بعض الكبار المحققين كان سؤال سليمان ذلك عن امر ربه والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان امتثال امر وعبادة فللطالب الاجر التام على طلبه من غير تبعة حساب ولا عقاب فهذا الملك والعطاء لا ينقصه من ملك آخرته شيأ ولا يحاسب عليه أصلا كما يقع لغيره. واما ما روى ان سليمان آخر الأنبياء دخولا الجنة لمكان ملكه فعلى تقدير صحته لا ينافى الاستواء بهم فى درجات الجنة ومطلق التأخر فى الدخول لا يستلزم الحساب وقد روى (ان الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمسمائة سنة) ويجوز ان يكون بغير حساب حالا من العطاء اى هذا عطاؤنا ملتبسا بغير حساب لغاية كثرته كما يقال للشئ الكثير هذا لا يحيط به حساب او صلة له وما بينها اعتراض على التقديرين وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى اى لقربة فى الآخرة مع ما له من الملك العظيم فى الدنيا وَحُسْنَ مَآبٍ وهو الجنة وفى الحديث (أرأيتم ما اعطى سليمان بن داود من ملكه فان ذلك لم يزده الا تخشعا ما كان يرفع بصره الى السماء تخشعا لربه) انتهى اى ولذا وجد الزلفى وحسن المرجع فطوبى له حيث كان فقيرا فى صورة الغنى وفى الآية اشارة الى ان الإنسان إذا كمل فى انسانيته يصير قابلا للفيض الإلهي بلا واسطة فيعطيه الله تعالى من آثار الفيض تسخير ما فى السموات من الملائكة كما سخر لآدم بقوله اسجدوا لآدم وما فى الأرض كما سخر لسليمان الجن والانس والشياطين والوحوش والطيور وذلك لان كل ما فى السموات وما فى الأرض اجزاء وجود الإنسان الكامل فاذا أنعم الله عليه بفيضه سخر له اجزاء وجوده فى المعنى اما فى الصورة فيظهر على بعض الأنبياء تسخر بعضها اعجازا له كما ظهر على نبينا عليه السلام تسخر القمر عند انشقاقه باشارة إصبع ولذا قال هذا عطاؤنا إلخ يشير الى ان للانبياء بتأييد الفيض الإلهي ولاية افاضة الفيض على من هو اهله عند استفاضته ولهم إمساك الفيض عند عدم الاستفاضة من غير اهله ولا حرج عليهم فى الحالتين وان له عندنا لزلفى فى الافاضة والإمساك وحسن مآب لانه كان متقربا إلينا بالعطاء والمنع كما فى التأويلات النجمية- روى- ان سليمان عليه السلام فتن بعد ما ملك عشرين سنة وملك بعد الفتنة عشرين سنة ثم انتقل الى حسن مآب: قال الشيخ سعدى

صفحة رقم 39

أيقظنا الله تعالى وإياكم وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ ابن آموص بن رازح بن روم بن عيص بن اسحق ابن ابراهيم عليه السلام وامه من أولاد لوط بن هاران وزوجته رحمة بنت افرائيم بن يوسف عليه السلام أوليا بنت يعقوب عليه السلام ولذا قال فى كشف الاسرار كان أيوب فى زمان يعقوب او ما خير بنت ميشا بن يوسف والاول أشهر الأقاويل قال القرطبي لم يؤمن بايوب إلا ثلاثة نفر وعمره ثلاث وتسعون وقوله أيوب عطف بيان للعبد إِذْ نادى رَبَّهُ بدل من عبدنا اى دعا وتضرع بلسان الاضطرار والافتقار أَنِّي اى بانى مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ أصابني وبالفارسية [ديو بمن رسيد] فتكون الباء فى قوله بِنُصْبٍ للتعدية اى تعب ومشقة وكذا النصب بفتحتين وَعَذابٍ العذاب الايجاع الشديد اى ألم ووصب يريد مرضه وما كان يقاسيه من فنون الشدائد وهو المراد بالضر فى قوله فى سورة الأنبياء (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) وهو حكاية لكلامه الذي ناداه به بعبارته والا لقيل انه مسه إلخ وليس هذا تمام دعائه عليه السلام بل من جملته قوله (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فاكتفى هاهنا عن ذكره بما فى سورة الأنبياء كما ترك هناك ذكر الشيطان ثقة بما ذكر هاهنا فان قلت لا قدرة للشيطان البتة على إيقاع الناس فى الأمراض والأسقام لانه لو قدر على ذلك لسعى فى قتل الأنبياء والأولياء والعلماء والصالحين فهو لا يقدر ان يضر أحدا الا بطريق إلقاء الوساوس والخواطر الفاسدة فما معنى اسناد المس اليه قلت ان الذي أصابه لم يصبه الا من الله تعالى الا انه أسنده الى الشيطان لسؤال الشيطان منه تعالى ان يمسه الله تعالى بذلك الضر امتحانا لصبره ففى اسناده اليه دون الله تعالى مراعاة للادب- روى- ان أيوب عليه السلام كان له اموال كثيرة من صنوف مختلفة وهو مع ذلك كان مواظبا على طاعة الله محسنا للفقراء واليتامى وارباب الحاجات فحسده إبليس لذلك وقال انه يذهب بالدنيا والآخرة فقال الهى عبدك أيوب قد أنعمت عليه فشكرك وعافيته فحمدك ولو ابتليته بنزع النعمة والعافية لتغير عن حاله فقال تعالى انى اعلم منه ان يعبدنى ويحمدنى على كل حال فقال إبليس يا رب سلطنى عليه وعلى أولاده وأمواله فسلطه على ذلك فاحرق زرعه وأسقط الابنية على أولاده فلم يزدد أيوب إلا حمدا لربه ثم نفخ فى جسده نفخة خرجت بها فيه النفاخات ثم تقطرت بالدم الأسود وأكله الدود سبع سنين وهو على حاله فى مقام الصبر والرضى والتسليم فكان بلاؤه امتحانا من غير ان يكون منه ذنب يعاقب عليه ليبرز الله ما فى ضميره فيظهر لخلقه درجته اين هو من ربه كما ذكره الحكيم الترمذي فى نوادر الأصول. وعلى هذا القول اعتماد الفحول فدع ما عداه فانه غير مقبول وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (وَاذْكُرْ) إلخ الى معانى مختلفة منها ان من شرط عبودية خواص عباده من الأنبياء والأولياء الصبر عند نزول البلاء والرضى بجريان احكام القضاء ومنها ليعلم ان الله تعالى لو سلط الشيطان على بعض من أوليائه وأنبيائه لا يكون لاهانتهم بل يكون لعزتهم واعانتهم على البلوغ الى رتبة نعم العبدية ودرجة الصابرين المحبوبين ومنها ان العباد من الأنبياء والأولياء لو لم يكونوا فى كنف عصمة الله وحفظه لمستهم الشياطين بنصب وعذاب ومنها ان من آداب العبودية إجلال الربوبية وإعظامها عن احالة الضر والبلاء والمحن عليها لا على الشيطان كما قال يوسف عليه السلام (وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي)

صفحة رقم 40
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
جهان اى پسر ملك جاويد نيست ز دنيا وفادارى اميد نيست
كه بر باد رفتى سحركاه وشام سرير سليمان عليه السلام
بآخر نديدى كه بر باد رفت خنك آنكه با دانش وداد رفت