
أصغت الوحوش الى صوته ودنت منه حتى كانت تؤخذ بأعناقها فقبل الكل فيض المعرفة والحالة بحسب الاستعداد ألا ترى الى الهدهد والبلبل والقمري والحمامة ونحوها
دانى چهـ كفت مرا آن بلبل سحرى | تو خود چهـ آدمي كز عشق بيخبرى |
اشتر بشعر عرب در حالتست وطرب | كر ذوق نيست ترا كژ طبع جانورى |
از سنك كريه بين ومكو آن ترشحست | در كوه ناله بين ومپندار كان صداست |

الذنب ولكن بانى قتلت أبا هذا غيلة فقتله فقال الناس ان أذنب أحد ذنبا أظهره الله عليه فقتله فهابوه وعظمت هيبته فى القلوب. والغيلة بالكسر هو ان يخدع شخصا فيذهب به الى موضع فاذا صار اليه قتله وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ اى العلم بالأشياء على ماهى عليه والعمل بمقتضاه ان كان متعلقا بكيفية العمل واعلم ان الحكمة نوعان. أحدهما الحكمة المنطوق بها وهى علم الشريعة والطريقة. والثاني الحكمة المسكوت عنها وهى اسرار الحقيقة التي لا يطلع عليها عوام العلماء على ما ينبغى فيضرهم او يهلكهم كما روى ان رسول الله ﷺ كان يجتاز فى بعض سكك المدينة مع أصحابه فاقسمت عليه امرأة ان يدخلوا منزلها فدخلوا فرأوا نارا موقدة وأولاد المرأة يلعبون حولها فقالت يا نبى الله الله ارحم بعباده أم انا با ولادى فقال عليه السلام (بل الله ارحم فانه ارحم الراحمين) فقالت يا رسول الله أتراني أحب ان القى ولدي فى النار فقال (لا) فقالت فكيف يلقى الله عبيده فيها وهو ارحم بهم قال الراوي فبكى رسول الله عليه السلام فقال (هكذا اوحى الى) وَفَصْلَ الْخِطابِ لبيان تلك الحكمة على الوجه المفهم كما فى شرح الفصوص للمولى الجامى رحمه الله فيكون بمعنى الخطاب الفاصل اى المميز والمبين او الخطاب المفصول اى الكلام الملخص الذي ينبه المخاطب
على المرام من غير التباس وفى شرح الجندي يعنى الإفصاح بحقيقة الأمر وقطع القضايا والاحكام باليقين من غير ارتياب ولا شك ولا توقف فيكون بمعنى فصل الخصام بتمييز الحق من الباطل فالفصل على حقيقته وأريد بالخطاب المخاصمة لاشتمالها عليه وفى التأويلات النجمية (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) فى الظاهر بان جعلناه أشد ملوك الأرض (وَ) فى الباطن بان (آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) والحكمة هى انواع المعارف من المواهب وفصل الخطاب بيان تلك المعارف با دل دليل واتل قليل انتهى وانما سمى به اما بعد لانه يفصل المقصود عما سبق تمهيدا له من الحمد والصلاة وقال زياد أول من قال فى كلامه اما بعد داود عليه السلام فهو فصل الخطاب ورد بانه لم يثبت عنه انه تكلم بغير لغته واما بعد لفظة عربية وفصل الخطاب الذي أوتيه داود هو فصل الخصومة كما فى انسان العيون اللهم الا ان يقال ان صح هذا القول لم يكن ذلك بالعربية على هذا النظم وانما كان بلسانه عليه السلام وقال علىّ رضى الله عنه فصل الخطاب ان يطلب البينة من المدعى ويكلف اليمين من أنكر لان كلام الخصوم لا ينقطع ولا ينفصل الا بهذا الحكم قالوا كان قبل ذلك قد علق الله سلسلة من السماء وامره بان يقضى بها بين الناس فمن كان على الحق يأخذ السلسلة وتصل يده إليها ومن كان ظالما لا يقدر على أخذ السلسلة فاتفق ان رجلا غصب من رجل آخر لؤلؤا فجعل اللؤلؤ فى جوف عصاه ثم خاصم المدعى الى داود عليه السلام فقال ان هذا قد أخذ لؤلؤا وانى صادق فى مقالتى فجاء وأخذ السلسلة ثم قال المدعى عليه خذ منى العصا فاخذ عصاه فقال انى دفعت اللؤلؤ اليه وانى صادق فى مقالتى فجاء وأخذ السلسلة فتحير داود فى ذلك ورفعت السلسلة وامر عليه السلام بان يقضى بالبينات والايمان فذلك قوله (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) يعنى العلم والفهم وفصل الخطاب يعنى القضاء بالبينات والايمان على الطالبين والمدعى عليهم كذا فى تفسير الامام ابى الليث رحمه الله وكان

الحكم فى شرعنا ايضا بذلك لانه اسدّ الطرق واحسن الوسائل فى كل مسئلة من المسائل لكل سائل وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ استفهام معناه التعجب والتشويق الى استماع ما فى حيزه للايذان بانه من الاخبار البديعة التي حقها ان لا تخفى على أحد. والنبأ الخبر العظيم والخصم بمعنى المخاصم واصل المخاصمة ان يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم اى جانبه ولما كان الخصم فى الأصل مصدرا متساويا افراده وجمعه اطلق على الجمع فى قوله تعالى إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ يقال تسور المكان إذا علا سوره وسور المدينة حائطها المشتمل عليها وقد يطلق على حائط مرتفع وهو المراد هنا. والمراد من المحراب البيت الذي كان داود عليه السلام يدخل فيه ويشتغل بطاعة ربه قيل كان ذلك البيت غرفة وسمى ذلك البيت محرابا لاشتماله على المحراب على طريقة تسمية الشيء بأشرف اجزائه وإذ متعلقة بمحذوف وهو التحاكم اى نبأ تحاكم الخصم إذ تسوروا المحراب اى تصعدوا سور الغرفة ونزلوا اليه. والمراد بالخصم المتسورين جبرائيل وميكائيل بمن معهما من الملائكة على صورة المدعى والمدعى عليه والشهود والمزكين من بنى آدم إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ بدل مما قبله فَفَزِعَ مِنْهُمْ الفزع انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع ولا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه وانما فزع منهم لانه كان الباب مغلقا وهو يتعبد فى البيت فنزلوا عليه بغتة من فوق اى من غير الباب على خلاف العادة وفيه اشارة الى كمال ضعف البشرية مع انه كان أقوى الأقوياء إذ فزع منهم ولعل فزع داود كان لاطلاع روحه على انه تنبيه له وعتاب فيما سلف منه كما سيأتى فلما رأوه فزعا قالُوا ازالة لفزعه لا تَخَفْ منا قال فى التأويلات النجمية يشير الى انه لا تخف من صورة أحوالنا فانا جئنا لتحكم بيننا بالحق ولكن خف من حقيقة أحوالنا فانها كشف أحوالك التي جرت بينك وبين خصمك أوريا خَصْمانِ اى نحن فريقان متخاصمان على تسمية مصاحب الخصم خصما تجوزا والحاصل انه اطلق لفظ الخصم فيما سبق على الجمع بدليل تسوروا ثم ثنى بتأويل الفريق وهم وان لم يكونوا فريقين بل شخصين اثنين بدليل ان هذا أخي الآية لكن جعل مصاحب الخصم خصما فكانا بمن معهما فريقين من الخصوم فحصل الانطباق بين صيغة التثنية فى قوله خصمان وبين ما مر من ارادة الجمع بَغى [ستم وجور كرد] بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ هو على الفرض وقصد التعريض بداود لا على تحقيق البغي من أحدهما فلا يلزم الكذب إذ الملائكة منزهون عنه فلا يحتاج الى ما قيل ان المتخاصمين كانا لصين دخلا عليه للسرقة فلما رآهما اخترعا الدعوى كما فى شرح المقاصد فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ بالعدل: وبالفارسية [پس حكم كن در ميان ما براستى] وَلا تُشْطِطْ [الاشطاط: پيدا كردن واز حد در كذشتن] من الشطط وهو مجاوزة الحد وتخطى الحق. والمعنى لا تجر فى الحكومة وهو تأكيد للامر بالحكم بالحق والمقصود من الأمر والنهى الاستعطاف وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ الى وسط طريق الحق بزجر الباغي عما سلكه من طريق الجور وإرشاده الى منهاج العدل إِنَّ هذا استئناف لبيان ما فيه الخصومة أَخِي فى الدين او فى الصحبة
صفحة رقم 16