آيات من القرآن الكريم

۞ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ
ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭ

لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ «١» إنما خلقنا الإنسان من طين لازب لاصق، وهناك بعد بين الإنسان ككائن حي وبين التراب أو الطين، ولا تستبعدوا البعث ولا تنكروه، بل- إضراب انتقالي من أسلوب لأسلوب- عجبت أنت يا محمد من صنع الله وقدرته، وامتلأ قلبك- وكذا قلب كل مؤمن- خشية من الله وهيبة من جلاله! وهم يسخرون منك ومن تعجبك ومما تريهم من الآيات، وقيل: المعنى: إنك عجبت يا محمد من إنكارهم للبعث والتوحيد مع ظهور الآيات ناطقة بهذا وهم يسخرون من الآيات، وإذا ذكروا بآية ووعظوا بها لا يذكرون، وإذا رأوا آية يستسخرون، أى: يبالغون في السخرية، ويقولون: إنه سحر وأمر عجيب خفى علينا سببه، أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما بالية أنبعث؟! أو آباؤنا الأولون الذين ضاعوا في الأرض وغابت آثارهم فيها أيبعثون كذلك؟! قل لهم يا محمد: نعم ستبعثون أنتم وآباؤكم، وأنتم صاغرون أذلاء، وستأتون فرادى كما خلقكم ربكم أول مرة.
إذا كان الأمر كذلك فإنما هي- البعثة المفهومة من السياق العام- زجرة واحدة، وهي النفخة الثانية، فإذا الخلائق كلها مسلمها ومشركها طائعها وعاصيها قيام من مراقدهم أحياء يبصرون كما كانوا في الدنيا يشعرون بكل شيء، وقالوا: يا ويلنا احضر فهذا أوانك! هذا يوم الدين!! هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون، وقد كانوا به يكذبون.
من مواقف المشركين يوم القيامة [سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٢٢ الى ٣٨]
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (٢٤) ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦)
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١)
فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦)
بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧) إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (٣٨)

(١) - سورة غافر آية ٥٧. [.....]

صفحة رقم 201

المفردات:
احْشُرُوا: اجمعوا، والحشر: الجمع وَأَزْواجَهُمْ: أشباههم وقرناءهم من عبدة الأصنام والكواكب وغيرها فَاهْدُوهُمْ: دلوهم وعرفوهم طريقها وَقِفُوهُمْ احبسوهم عند الصراط لا تَناصَرُونَ: لا ينصر بعضكم بعضا.
مُسْتَسْلِمُونَ: منقادون خاضعون يَتَساءَلُونَ: يتلاومون ويتخاصمون عَنِ الْيَمِينِ: عن الجهة التي نأمنها ونظن أن فيها الخير سُلْطانٍ: قوة وحجة طاغِينَ: متجاوزين الحدود فَحَقَّ عَلَيْنا: فثبت ووجب فَأَغْوَيْناكُمْ:
فدعوناكم إلى الغي.
المعنى:
أيها الملائكة: احشروا الذين ظلموا أنفسهم بالشرك إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ «١» احشروهم وأزواجهم وقرناءهم ومن على شاكلتهم من عبدة الأصنام والأوثان والكواكب وكل من عبد إلها دون الله: احشروهم وما كانوا يعبدونه من دون الله، فإنهم حطب جهنم- وقودها- وهم لها واردون، فكل عابد ومعبود في النار إلا عيسى ابن مريم وعلى بن أبى طالب، ومن عبد من الصالحين بلا ذنب، وهذه زيادة في

(١) - سورة الفرقان آية ١٣.

صفحة رقم 202

تحسيرهم، وإيلامهم، احشروهم فاهدوهم إلى صراط جهنم، وعرفوهم طريقها، ووجهوهم إليها، وفي هذا تهكم بهم، وقفوهم في الموقف واحبسوهم فيه لماذا؟ إنهم مسئولون، ولكن عن أى شيء يسألون؟ لا يسألون عن عقائدهم، ولا عن أعمالهم فإن ذلك قد حصل، وإنما يسألون عما يتضمنه قوله: ما لكم لا تناصرون؟! أى مالكم لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم في الدنيا؟! وهذا سؤال للتوبيخ والتهكم بهم.
لا يقدر بعضهم على نصرة أخيه بل هم اليوم مستسلمون ومنقادون للعذاب لا ينازعون أبدا في أى شيء.
وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون عن طريق الخصومة والجدال العنيف، ولكن كيف يتساءلون؟ فأجيب: قال «١» الأتباع للرؤساء: إنكم أيها المتبوعون كنتم تأتوننا عن اليمين، واليمين عند العرب اصطلاح خاص فإنهم يتيامنون بها ويزاولون بها أشرف الأشياء، وبالشمال يتشاءمون، ويتناولون بها أرذل الأشياء وأحقرها، جاء القرآن فجعل اليمين لها كرامتها، ووعد المحسن باستلام كتابه بيمينه، والمسيء يستلم كتابه بشماله، وكان النبي يحب التيامن، ومن هنا استعيرت اليمين، أى: استعملت في جهة الخير وناحيته فقيل أتاه عن اليمين أى من قبل الخير.
وفي الآية يكون المعنى: إنكم أيها الرؤساء كنتم تأتوننا عن اليمين، أى: من جهة الخير فتصدوننا عنه، وكنتم تأتوننا عن اليمين، أى: من الجهة التي نحبها ونثق فيها فكنتم تحلفون لنا فنصدقكم، وكنتم تأتوننا عن اليمين، أى: عن الدين، أى: من قبل الدين فتهونون علينا أمر الشريعة وتنفروننا عنها.
وبعضهم يفسر اليمين بالقوة والقهر، بمعنى: كنتم تأتوننا عن جهة القوة والسيطرة وبحكم الرياسة لكم في الدنيا فتضلوننا سواء السبيل.
وماذا كان رد المتبوعين؟ قالوا: بل لم تكونوا مؤمنين بقلوبكم حتى يصدق علينا أننا نقلناكم من الإيمان إلى الكفر، بل كنتم قوما بطبعكم طاغين متجاوزين الحدود المعقولة مثلنا.

(١) - كل قول في القرآن كهذا (قالوا. قال... إلخ) يكون جوابا عن سؤال مقدر، فهو استئناف بيانى واجب الفصل عن الجملة السابقة إذ هو جواب، والجواب يفصل عن السؤال.

صفحة رقم 203
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية