آيات من القرآن الكريم

أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ
ﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥ ﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈ

ثم قال عز وجل: فَإِنَّكُمْ يا أهل مكة وَما تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ يعني: ما أنتم عليه بمضلين أحداً بآلهتكم إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ يعني: إلا من قدر الله له أن يصلى الجحيم. ويقال: إلا من كان في علم الله تعالى أنه يصلى الجحيم. ويقال: إلا من قدرت عليه الضلالة، وعلمت ذلك منه، وأنتم لا تقدرون على الإضلال والهدى وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ يعني: قل يا جبريل لمحمد صلّى الله عليه وسلم. وما منا معشر الملائكة إلا له مقام معلوم. يعني:
مصلى معروفاً في السماء، يصلي فيه ويعبد الله تعالى فيه وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ يعني: صفوف الملائكة في السموات. وروي عن مسروق، عن ابن مسعود قال: إن في السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك ساجد. وروي: أو قدماه. وروي عن مجاهد عن أبي ذر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «أطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَها أنْ تَئِطَّ ما فيها موضع شبر إلاَّ وَفِيهِ جَبْهَةُ مَلَك سَاجِد». ويقال: إن جبريل- عليه السلام- جاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال له: أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ [المزمل: ٢٠] وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ في السموات، يعبد الله عز وجل فيه وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ يعني: المصلين وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا يعني: إن أهل مكة كانوا يقولون: لو أتانا بكتاب مثل اليهود والنصارى، لكنا نؤمن، فذلك قوله عز وجل: لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ يعني: لو جاءنا رسول لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ يعني: الموحدين. فلما جاءهم محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم كفروا به. ويقال: يعني: بالقرآن فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ يعني: يعرفون في الآخرة، وهذا وعيد لهم. ويقال في الدنيا.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٧١ الى ١٨٢]
وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (١٧٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥)
أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦) فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩) سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠)
وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢)
قوله عز وجل: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا يعني: قد مضت كلمتنا بالنصرة لعبادنا الْمُرْسَلِينَ يعني: الأنبياء- عليهم السلام- وهو قوله عز وجل: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي [المجادلة: ٢١] إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ في الدنيا على أعدائهم إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ
يعني: المؤمنون أهل ديننا. ويقال: رسلنا لهم الغالبون في الدنيا بالغلبة، والحجة في الآخرة فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يعني: فأعرض عنهم إلى نزول العذاب، وكان ذلك قبل أن يؤمر

صفحة رقم 155

بالقتال حَتَّى حِينٍ قال الكلبي: إلى فتح مكة. ويقال: إلى أن تؤمر بالقتال وَأَبْصِرْهُمْ يعني: أعلمهم ذلك فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ يعني: يرون ماذا يفعل بهم إذا نزل بهم العذاب أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ يعني: أفبعذاب مثلي يَسْتَعْجِلُونَ فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ يعني:
بقربهم وحضرتهم فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ يعني: بئس الصباح صباح من أنذر بالعذاب.
وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه لما نزل بقرب خيبر قال: «هَلَكَت خَيْبَرُ إنَّا إذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرينَ» يعني: من أنذرتهم فلم يؤمنوا.
قوله عز وجل: وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ وتكرار الكلام للتأكيد، والمبالغة في الحجة.
ثم نزّه نفسه عما قالت الكفار، فقال عز وجل: سُبْحانَ رَبِّكَ يا محمد رَبِّ الْعِزَّةِ والقدرة عَمَّا يَصِفُونَ يعني: عما يقولون وقرئ في الشاذ رَبِّ الْعِزَّةِ ويكون نصباً على المدح، وفي الشاذ قرئ (رَبُّ العِزَّة) بالرفع على معنى هو رب العزة. وقراءة العامة: بالكسر على معنى النعت.
ثم قال عز وجل: وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ بتبليغ الرسالة. ففي الآية دليل وتنبيه للمؤمنين بالتسليم على جميع الرسل- عليهم الصلاة والسلام-. ثم قال: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ على هلاك الكافرين الذين لم يوحدوا ربهم. ويقال: حمد الرب نفسه ليكون دليلاً لعباده، ليحمدوه سبحانه وتعالى الحمد لله رب العالمين.

صفحة رقم 156
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية