
ابو بكر بكثير صوم ولا صلاة ولكن بسرّ وقر فى صدره) ومن آثار هذا السر الموقور ثباته يوم موت الرسول عليه السلام وعدم تغيره كسائر الاصحاب حيث صعد المنبر وقرأ (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) الآية فكان إيمانه أقوى وثباته او فى ومشاهدته أعلى وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ اى الى بنى إسرائيل وهو الياس بن ياسين بن شير بن فخاص بن الغيرار بن هارون ابن عمران وهو من سبط هارون أخي موسى بعث بعد موسى هذا هو المشهور وعليه الجمهور ودل عليه ما فى بعض المعتبرات ان الموجود من الأنبياء بأبدانهم العنصرية اربعة اثنان فى السماء إدريس وعيسى واثنان فى الأرض الخضر والياس فادريس والياس اثنان من حيث الهوية والتشخص وقال جماعة من العلماء منهم احمد بن حنبل ان الياس هو إدريس اى أخنوخ ابن متوشلخ بن لمك وكان قبل نوح كما قالوا خمسة من الأنبياء لهم اسمان الياس هو إدريس ويعقوب هو إسرائيل ويونس هو ذو النون وعيسى هو المسيح ومحمد هو احمد صلوات الله عليهم أجمعين ووافقهم فى ذلك بعض أكابر الكاشفين فعلى هذا معناه ان هوية إدريس مع كونها قائمة فى انيته وصورته فى السماء الرابعة ظهرت وتعينت فى آنية الياس الباقي الى الآن فتكون من حيث العين والحقيقة واحدة ومن حيث التعين الصوري اثنتين كنحو جبرائيل وميكائيل وعزرائيل يظهرون فى الآن الواحد فى مائة الف مكان بصور شتى كلها قائمة لهم وكذلك أرواح الكمل كما يروى عن قضيب البان الموصلي قدس سره انه كان يرى فى زمان واحد فى مجالس متعددة مشتغلا فى كل بامر غير ما فى الآخر وليس معناه ان العين خلع الصورة الادريسية ولبس الصورة الالياسية والا لكان قولا بالتناسخ إِذْ قالَ اى اذكر وقت قوله لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ اى عذاب الله تعالى: وبالفارسية [آيا نمى ترسيد از عذاب الهى] أَتَدْعُونَ بَعْلًا أتعبدونه اى لا تعبدوه ولا تطلبوا منه الخير. والبعل هو الذكر من الزوجين ولما تصور من الرجل استعلاء على المرأة فجعل سائسها والقائم عليها شبه كل مستعل على غيره به فسمى باسمه فسمى العرب معبودهم الذي يتقربون به الى الله بعلا لاعتقادهم ذلك. فالبعل اسم صنم كان لاهل بك من الشام وهو البلد المعروف اليوم ببعلبك وكان من ذهب طوله عشرون ذراعا وله اربعة أوجه وفى عينيه ياقوتتان كبيرتان فتنوا به وعظموه حتى اخدموه اربعمائة سادن وجعلوهم أنبياءه فكان الشيطان يدخل جوفه ويتكلم بشريعة الضلالة والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ وتتركون عبادته اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ بالنصب على البدلية من احسن الخالقين والتعرض لذكر ربوبيته تعالى لآبائهم للاشعار ببطلان آرائهم ايضا. ثم ان الخلق حقيقة فى الاختراع والإنشاء والإبداع ويستعمل ايضا بمعنى التقدير والتصوير وهو المراد به هاهنا لان الخلق بمعنى الاختراع لا يتصور من غير الله حتى يكون هو أحسنهم كما قال الراغب ان قيل قوله (فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) يدل على انه يصح ان يوصف غيره بالخلق قيل ذلك معناه احسن المقدرين او يكون على تقدير ما كانوا يعبدون ويزعمون ان غير الله يبدع فكأنه قيل وهب ان هاهنا مبدعين وموجدين فالله تعالى أحسنهم إيجادا على ما يعتقدون كما قال خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم انتهى. وعبد الخالق عند الصوفية المتحققين
صفحة رقم 481
هو الذي يقدر الأشياء على وفق مراد الحق لتجليه له بوصف الخلق والتقدير فلا يقدر الا بتقديره له تعالى قال الامام الغزالي رحمه الله إذا بلغ العبد فى مجاهدة نفسه بطريق الرياضة فى سياستها وسياسة الخلق مبلغا ينفرد فيه باستنباط امور لم يسبق إليها ويقدر مع ذلك على فعلها والترغيب فيها كان كالمخترع لما لم يكن له وجود قبل إذ يقال لواضع الشطرنج انه الذي وضعه واخترعه حيث وضع ما لم يسبق اليه انتهى يقول الفقير ان بعض الكمل كانوا يتركون فى مكانهم بدلا منهم على صورتهم وشكلهم ويكونون فى امكنة فى آن واحد كما روى عن قضيب البان فيما سبق فهو من اسرار هذا المقام لانه انما يقدر عليه بعد المظهرية للاسم الخالق والوصول الى سره فاعرف واكتم وصن وصم فَكَذَّبُوهُ اى الياس فَإِنَّهُمْ بسبب تكذيبهم إياه لَمُحْضَرُونَ لمدخلون فى النار والعذاب لا يغيبون منها ولا يخفف عنهم كقوله (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) لان الإحضار المطلق مخصوص بالشر عرفا إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء متصل من فاعل كذبوه وفيه دلالة على ان من قومه من لم يكذبه ولم يحضر فى العذاب وهم الذين أخلصهم الله تعالى بتوفيقهم للايمان والعمل بموجب الدعوة والإرشاد وَتَرَكْنا عَلَيْهِ وأبقينا على الياس فِي الْآخِرِينَ من الأمم سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ اى هذا الكلام بعينه فيدعون له ويثنون عليه الى يوم القيامة وهو لغة فى الياس كسيناء فى سينين فان كل واحد من طور سيناء وطور سينين بمعنى الآخر زيد فى أحدهما الياء والنون فكذا الياس والياسين وقرىء باضافة آل الى ياسين لانهما فى المصحف مفصولان فيكون ياسين أبا الياس والآل هو نفس الياس إِنَّا كَذلِكَ مثل هذا الجزاء الكامل نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إحسانا مطلقا ومن جملتهم الياس إِنَّهُ لا شبهة ان الضمير لالياس فيكون الياس والياسين شخصا واحدا وليس الياسين جمع الياس كما دل عليه ما قبله من قوله سلام على نوح وسلام على ابراهيم وسلام على موسى وهرون مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ قال الكاشفى [ايمان اسميست من جميع كمالات صورى ومعنوى ونام بندگى بتشريفيست خاص از براى اهل اختصاص]
اگر بنده خويش خوانى مرا | به از مملكت جاودانى مرا |
شهانى كه با بخت فرخنده اند | همه بندگان ترا بنده اند |

أجب جار صالح يقال له مزدكى وكانت له جنينة يعيش منها فى جنب قصرهما فحسدته فى ذلك حتى إذا خرج الملك الى سفر بعيد أمرت جمعا من الناس ان يشهدوا على مزدكى انه سب زوجها أجب فاطاعوها فيه وكان فى حكم ذلك الزمان يحل قتل من سبب الملك إذا قامت عليه البينة فاحضرته فقالت له بلغني انك شتمت الملك فانكر فاحضرت الشهود فشهدوا عليه بالزور فامرت بقتله وأخذت جنينة غصبا ثم لما قدم الملك اوحى الله الى الياس ان يخبرهما بان الله قد غضب عليهما لوليه مزدكى حين قتلاه ظلما وآلى على نفسه انهما ان لم يتوبا عن صنيعهما ولم يردا الجنينة على ورثة مزدكى ان يهلكهما فى جوف الجنينة ثم يدعهما جيفتين ملقاتين حتى تتعرى عظامهما من لحومهما فلما سمعا ذلك اشتد غضبهما الى الياس ولم يظهر منهما ولا من قومهما الا المخالفة والعصيان والإصرار الى ان هم الملك بتعذيب الياس وقتله فلما أحس الياس بالشر خرج من بينهم لان الفرار مما لا يطاق من سنن المرسلين وارتقى الى أصعب جبل وارفعه فدخل مغارة فيه يقال انه بقي فيها سبع سنين يأكل من نبات الأرض وثمار الشجر وهم فى طلبه قد وضعوا عليه العيون والله تعالى ستره كما وقع مثله لاصحاب الكهف فلما طال عصيانهم دعا عليهم بالقحط والجوع سبع سنين فقال الله تعالى يا الياس انا ارحم بخلقي من ذلك وان كانوا ظالمين ولكن أعطيك مرادك ثلاث سنين فقحطوا بتلك المدة فلم يقلعهم ذلك عن الشرك ولما رأى ذلك منهم الياس دعا الله تعالى بان يريحه منهم فقيل له اخرج يوم كذا الى موضع كذا فما جاءك من شىء فاركبه ولا تهبه فخرج الياس فى ذلك اليوم ومعه خادمه أليسع فوصل الموضع الذي امر فاستقبله فرس من نار وجميع الآلة من النار حتى وقف بين يديه فركب عليه فانطلق به الفرس الى جانب السماء فناداه أليسع ما تأمرنى فقذف اليه الياس بكسائه من الجو الأعلى: يعنى [كه ترا خليفه خويش كردم بر بنى إسرائيل] ورفع الله الياس من بين أظهرهم وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وكساه الريش فكان إنسيا ملكيا ارضيا سماويا وقال بعضهم كان قد مرض وأحس بالموت فبكى فاوحى الله اليه لم تبكى أحرصا على الدنيا أم جزعا من الموت أم خوفا من النار قال لا ولكن وعزتك جلالك انما جزعى كيف يحمدك الحامدون بعدي ولا أحمدك ويذكرك الذاكرون بعدي ولا أذكرك ويصوم الصائمون بعدي ولا أصوم ويصلى المصلون بعدي ولا أصلي فقيل له يا الياس لاؤخرنك الى وقت لا يذكرنى ذاكر يعنى يوم القيامة وسلط الله على قومه عدوا لهم من حيث لا يشعرون فاهلكم وقتل أجب وامرأته ازبيل فى جنينة مزدكى فلم تزل جيفتاهما ملقاتين فيها الى ان بليت لحومهما ورمت عظامهما ونبأ الله أليسع وبعثه الى بنى إسرائيل وأيده فآمنت به بنو إسرائيل وكانوا يعظمونه ويطيعونه وحكم الله فيهم قائم الى ان فارقهم أليسع- روى- ان الياس والخضر عليهما السلام يصومان شهر رمضان ببيت المقدس ويوافيان الموسم فى كل عام وهما آخر من يموت من بنى آدم وقيل ان الياس موكل بالفيافي جمع فيفاة بمعنى الصحراء والحضر موكل بالبحار
وذكر انهما يقولان عند افتراقهما من الموسم ما شاء الله ما شاء الله لا يسوق الخير الا الله. ما شاء الله ما شاء الله لا يصرف السوء الا الله