آيات من القرآن الكريم

بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ
ﮙﮚﮛ

(بل عجبت) يا محمد من قدرة الله سبحانه أو من تكذيبهم إياك، قرأ الجمهور بفتح التاء من عجبت على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وقرىء بضمها، وقال الفراء: قرأها الناس بنصب التاء ورفعها والرفع أحب إليّ لأنها عن علي وعبد الله وابن عباس، قال: والعجب إن أسند إلى الله فليس معناه من الله كمعناه من العباد.
قال الهروي: قال بعض الأئمة معنى بل عجبت بل جازيتهم على عجبهم لأن الله أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الخلق، كما قال: (وعجبوا أن جاءهم منذر منهم) وقالوا: (إن هذا لشيء عجاب) (أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم)؟ وقال علي بن سليمان: معنى القراءتين واحد، والتقدير: قل يا محمد: بل عجبت لأن النبي ﷺ مخاطب بالقرآن، قال النحاس: وهذا قول حسن، وإضمار القول كثير، وقيل: إن معنى الإخبار من الله سبحانه عن نفسه بالعجب أنه ظهر من أمره وسخطه على من كفر به ما يقوم مقام العجب من المخلوقين، قال الهروي: ويقال معنى عجب ربكم أي رضى ربكم وأثاب، فسماه عجباً، وليس بحجب في الحقيقة فيكون معنى عجبت هنا عظم فعلهم عندي. وحكى النقاش: أن معنى بل عجبت بل أنكرت.

صفحة رقم 375

قال الحسن بن الفضل: التعجب من الله إنكار الشيء وتعظيمه، وهو لغة العرب، وقيل: معناه الإنكار والذم، وسئل الجنيد رحمه الله عن هذه الآية فقال: إن الله لا يعجب من شيء ولكن وافق رسوله ولما عجب رسوله قال: (وإن تعجب فعجب قولهم)، أي هو كما تقوله، وقيل: معناه أنه بلغ في كمال قدرته وكثرة مخلوقاته إلى حيث عجب منها (١).
(و) هؤلاء لجهلهم (يسخرون) منها والواو للحال، أي والحال، أنهم يسخرون أو للاستئناف والمعنى: ويسخرون منك بسبب تعجبك؛ أو بما تقوله من إثبات المعاد
_________
(١) روى أحمد في مسنده ٤/ ١٥١: إن الله عز وجل ليعجب من الشاب ليس له صبوه.

صفحة رقم 376
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية