آيات من القرآن الكريم

وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ

جَزْمًا وَأَرْبَابَ الِاحْتِيَاطِ يُرْجَى أَنْ يُرْحَمُوا، وَالْحَقُّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: اتَّقُوا رَاجِينَ الرَّحْمَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَثَانِيهِمَا: هُوَ أَنَّ الِاتِّقَاءَ نَظَرًا إِلَيْهِ أَمْرٌ يُفِيدُ الظَّنَّ بِالرَّحْمَةِ فَإِنْ كَانَ يَقْطَعُ بِهِ أَحَدٌ لِأَمْرٍ مِنْ خَارِجٍ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرَّجَاءَ فَإِنَّ الْمَلِكَ إِذَا كَانَ فِي قَلْبِهِ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ يَخْدِمُهُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَتِهِ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً لَكِنَّ الْخِدْمَةَ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ، يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ افْعَلْ كَذَا وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ أُجْرَتُكَ أَكْثَرَ مِمَّا تستحق. ثم قال تعالى:
[سورة يس (٣٦) : آية ٤٦]
وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤٦)
وَهَذَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا تقدم من قوله تعالى: يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ [يس: ٣٠]، وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ يَعْنِي إِذَا جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ كَذَّبُوهُمْ فَإِذَا أُتُوا بِالْآيَاتِ أَعْرَضُوا عَنْهَا وَمَا الْتَفَتُوا إِلَيْهَا وَقَوْلُهُ: أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ إلى قوله: لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [يس: ٣١- ٤٥] كَلَامٌ بَيْنَ كَلَامَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْآيَةِ وَبَيَانُهُ هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا [يس: ٤٥] وَكَانَ فِيهِ تَقْدِيرُ أَعْرَضُوا قَالَ لَيْسَ إِعْرَاضُهُمْ مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ بَلْ هُمْ عَنْ كُلِّ آيَةٍ مُعْرِضُونَ أَوْ يُقَالُ إِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا اقْتَرَحُوا آيَاتٍ مِثْلَ إِنْزَالِ الْمَلَكِ وَغَيْرِهِ فَقَالَ: وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ وَعَلَى هَذَا كَانُوا فِي الْمَعْنَى يَكُونُ زَائِدًا مَعْنَاهُ إِلَّا يُعْرِضُونَ عَنْهَا أَيْ لَا تَنْفَعُهُمُ الْآيَاتُ وَمَنْ كذب بالبعض هان عليه التكذيب بالكل. وقوله تعالى:
[سورة يس (٣٦) : آية ٤٧]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٧)
إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ يَبْخَلُونَ بِجَمِيعِ مَا عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ عَلَيْهِ التَّعْظِيمُ لِجَانِبِ اللَّهِ وَالشَّفَقَةُ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ وَهُمْ تَرَكُوا التَّعْظِيمَ حَيْثُ قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا فَلَمْ يَتَّقُوا وَتَرَكُوا الشَّفَقَةَ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ حَيْثُ قِيلَ لَهُمْ:
أَنْفِقُوا فَلَمْ يُنْفِقُوا وَفِيهِ لَطَائِفُ الْأُولَى خُوطِبُوا بِأَدْنَى الدَّرَجَاتِ فِي التَّعْظِيمِ وَالشَّفَقَةِ فَلَمْ يَأْتُوا بِشَيْءٍ مِنْهُ وَعِبَادُ اللَّهِ الْمُخْلَصُونَ خُوطِبُوا بِالْأَدْنَى فَأَتَوْا بِالْأَعْلَى إِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ فِي التَّقْوَى أُمِرُوا بِأَنْ يَتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْعَذَابِ أَوِ الْآخِرَةِ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْعَذَابِ وَهُوَ أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنَ الِاتِّقَاءِ، وَأَمَّا الْخَاصُّ فَيَتَّقِي تَغْيِيرَ قَلْبِ الْمَلِكِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُعَاقِبْهُ وَمُتَّقِي الْعَذَابِ لَا يَكُونُ إِلَّا لِلْبَعِيدِ، فَهُمْ لَمْ يَتَّقُوا مَعْصِيَةَ اللَّهِ وَلَمْ يَتَّقُوا عَذَابَ اللَّهِ، وَالْمُخْلَصُونَ اتَّقَوُا اللَّهَ وَاجْتَنَبُوا مُخَالَفَتَهُ سَوَاءٌ كَانَ يُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُعَاقِبُهُمْ، وَأَمَّا فِي الشَّفَقَةِ فَقِيلَ لَهُمْ:
أَنْفِقُوا مِمَّا أي بعض ما هو لله ما فِي أَيْدِيكُمْ فَلَمْ يُنْفِقُوا، وَالْمُخْلَصُونَ آثَرُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَبَذَلُوا كُلَّ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، بَلْ أَنْفُسَهُمْ صَرَفُوهَا إِلَى نَفْعِ عِبَادِ اللَّهِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ الثَّانِيَةُ: كَمَا أَنَّ فِي جَانِبِ التَّعْظِيمِ مَا كَانَ فَائِدَةُ التَّعْظِيمِ رَاجِعَةً إِلَّا إِلَيْهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَغْنٍ عَنْ تَعْظِيمِهِمْ كَذَلِكَ فِي جَانِبِ الشَّفَقَةِ مَا كَانَ فَائِدَةُ الشَّفَقَةِ رَاجِعَةً إِلَّا إِلَيْهِمْ، فَإِنَّ مَنْ لَا يَرْزُقُهُ الْمُتَمَوِّلُ لَا يَمُوتُ إِلَّا بِأَجَلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ وُصُولِ رِزْقِهِ إِلَيْهِ، لَكِنَّ السَّعِيدَ مَنْ قَدَّرَ اللَّهُ إِيصَالَ الرِّزْقِ عَلَى يَدِهِ إِلَى غَيْرِهِ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: مِمَّا رَزَقَكُمُ إِشَارَةٌ إِلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْبُخْلَ بِهِ فِي غَايَةِ الْقُبْحِ فَإِنَّ أَبْخَلَ الْبُخَلَاءِ مَنْ يَبْخَلُ بِمَالِ الْغَيْرِ وَثَانِيهِمَا: أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَخَافَةُ الْفَقْرِ فَإِنَّ اللَّهَ رَزَقَكُمْ فَإِذَا أَنْفَقْتُمْ فَهُوَ يَخْلُفُهُ لَكُمْ ثَانِيًا كَمَا رَزَقَكُمْ أَوَّلًا وَفِيهِ مَسَائِلُ أَيْضًا:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا حذف الجواب، وهاهنا أَجَابَ وَأَتَى بِأَكْثَرَ مِنَ

صفحة رقم 287

الْجَوَابِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ قَالَ: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا قَالُوا: أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ لَكَانَ كَافِيًا، فَمَا الْفَائِدَةُ في قوله تعالى: قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا؟ نَقُولُ الْكُفَّارُ كَانُوا يَقُولُونَ بِأَنَّ الْإِطْعَامَ مِنَ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ وَكَانُوا يَفْتَخِرُونَ بِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِذَلِكَ الْقَوْلِ رَدًّا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَقَالُوا نَحْنُ نُطْعِمُ الضُّيُوفَ مُعْتَقِدِينَ بِأَنَّ أَفْعَالَنَا ثَنَاءٌ، وَلَوْلَا إِطْعَامُنَا لَمَا انْدَفَعَ حَاجَةُ الضَّيْفِ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِلَهَكُمْ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ، فَلِمَ تَقُولُونَ لَنَا أَنْفِقُوا؟ فَلَمَّا كَانَ غَرَضُهُمُ الرَّدَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لَا الِامْتِنَاعَ مِنَ الْإِطْعَامِ. قَالَ تَعَالَى عنهم: قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا إِشَارَةً إِلَى الرَّدِّ، وَأَمَّا فِي قَوْلِهِمْ: اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ [يس: ٤٥] فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَدٌّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَأَعْرَضُوا وَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْ ذِكْرِ إِعْرَاضِهِمْ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا الْفَائِدَةُ فِي تَغْيِيرِ اللَّفْظِ فِي جَوَابِهِمْ حَيْثُ لَمْ يَقُولُوا أَنُنْفِقُ عَلَى مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ رَزَقَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالْإِنْفَاقِ فِي قَوْلِهِ: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا فَكَانَ جَوَابُهُمْ بِأَنْ/ يَقُولُوا أَنُنْفِقُ فَلِمَ قَالُوا:
أَنُطْعِمُ؟ نَقُولُ فِيهِ بَيَانُ غَايَةِ مُخَالَفَتِهِمْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ إِذَا أُمِرُوا بِالْإِنْفَاقِ وَالْإِنْفَاقُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِطْعَامُ وَغَيْرُهُ لَمْ يَأْتُوا بِالْإِنْفَاقِ وَلَا بِأَقَلَّ مِنْهُ وَهُوَ الْإِطْعَامُ وَقَالُوا لَا نُطْعِمُ، وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ لِغَيْرِهِ أَعْطِ زَيْدًا دِينَارًا يَقُولُ لَا أُعْطِيهِ دِرْهَمًا مَعَ أَنَّ الْمُطَابِقَ هُوَ أَنْ يَقُولَ لَا أُعْطِيهِ دِينَارًا وَلَكِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَتَمُّ فكذلك هاهنا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: كَانَ كَلَامُهُمْ حَقًّا فَإِنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ أَطْعَمَهُ فَلِمَاذَا ذَكَرَهُ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ؟ نَقُولُ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ كَانَ الْإِنْكَارَ لِقُدْرَةِ اللَّهِ أَوْ لِعَدَمِ جَوَازِ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ مَعَ قُدْرَةِ اللَّهِ وَكِلَاهُمَا فَاسِدٌ بَيَّنَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: مِمَّا رَزَقَكُمُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى قُدْرَتِهِ وَيُصَحِّحُ أَمْرَهُ بِالْإِعْطَاءِ لِأَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ فِي يَدِ الْغَيْرِ مَالٌ وَلَهُ فِي خَزَائِنِهِ مَالٌ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إِنْ أَرَادَ أَعْطَى مِمَّا فِي خَزَائِنِهِ وَإِنْ أَرَادَ أَمَرَ مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ بِالْإِعْطَاءِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ مَنْ بِيَدِهِ مَالُهُ فِي خَزَائِنِكَ أَكْثَرُ مِمَّا فِي يَدِي أَعْطِهِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِشَارَةٌ إِلَى اعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ قَطَعُوا الْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا الْكَلَامِ وَأَنَّ أَمْرَهُمْ بِالْإِنْفَاقِ مَعَ قَوْلِهِمْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ ظَاهِرُ الْفَسَادِ وَاعْتِقَادُهُمْ هُوَ الْفَاسِدُ وَفِيهِ مَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ.
أَمَّا اللُّغَوِيَّةُ: فَنَقُولُ: (إِنْ) وَرَدَتْ لِلنَّفْيِ بِمَعْنَى ما، وكان الأرض فِي إِنْ أَنْ تَكُونَ لِلشَّرْطِ وَالْأَصْلُ فِي مَا أَنْ تَكُونَ لِلنَّفْيِ لَكِنَّهُمَا اشْتَرَكَا مِنْ بعض الوجوه فتقارضا وَاسْتَعْمَلَ مَا فِي الشَّرْطِ وَاسْتَعْمَلَ إِنْ فِي النَّفْيِ، أَمَّا الْوَجْهُ الْمُشْتَرَكُ فَهُوَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَرْفٌ مُرَكَّبٌ مِنْ حَرْفَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ فَإِنَّ الْهَمْزَةَ تَقْرُبُ مِنَ الْأَلِفِ وَالْمِيمَ مِنَ النُّونِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الَّذِي يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَا وَإِنْ لَا يَكُونُ ثَابِتًا، أَمَّا فِي مَا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي إِنْ فَلِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ إِنْ جَاءَنِي زَيْدٌ أُكْرِمْهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ فِي الْحَالِ مَجِيءٌ فَاسْتَعْمَلَ إِنْ مَكَانَ مَا، وَقِيلَ إِنْ زَيْدٌ قَائِمٌ أَيْ مَا زَيْدٌ بِقَائِمٍ وَاسْتَعْمَلَ مَا فِي الشَّرْطِ تَقُولُ مَا تَصْنَعْ أَصْنَعْ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَا النَّافِيَةَ تُسْتَعْمَلُ حَيْثُ لَا تُسْتَعْمَلُ إِنْ وَذَلِكَ لِأَنَّكَ تَقُولُ مَا إِنْ جَلَسَ زَيْدٌ فَتَجْعَلُ إِنْ صِلَةً وَلَا تَقُولُ إِنْ جَلَسَ زَيْدٌ بِمَعْنَى النَّفْيِ وَبِمَعْنَى الشَّرْطِ تَقُولُ إِمَّا تَرَيِنَّ فَتَجْعَلُ إِنْ أَصْلًا وَمَا صِلَةً، فَدَلَّنَا هَذَا عَلَى أَنَّ إِنْ فِي الشَّرْطِ أَصْلٌ وَمَا دَخِيلٌ وَمَا فِي النَّفْيِ بِالْعَكْسِ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا يُفِيدُ مَا لَا يُفِيدُ قَوْلُهُ: أَنْتُمْ فِي ضَلَالٍ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْحَصْرَ وَأَنَّهُ لَيْسُوا فِي غَيْرِ الضَّلَالِ.

صفحة رقم 288
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية