قَالَ تَعَالَى: (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَآيَةٌ لَهُمُ) : مُبْتَدَأٌ، وَ «لَهُمْ» : الْخَبَرُ. وَ «الْأَرْضُ» : مُبْتَدَأٌ، وَ «أَحْيَيْنَاهَا» : الْخَبَرُ، وَالْجُمْلَةُ تَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ.
وَقِيلَ: «الْأَرْضُ» : مُبْتَدَأٌ؛ وَ «آيَةٌ» : خَبَرٌ مُقَدَّمٌ؛ وَ «أَحْيَيْنَاهَا» تَفْسِيرُ الْآيَةِ، وَ «لَهُمْ» : صِفَةُ آيَةٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنَ الْعُيُونِ) : مِنْ عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ، زَائِدَةٌ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ: الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ مِنَ الْعُيُونِ مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ.
(وَمَا عَمِلَتْهُ) : فِي «مَا» ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا: هِيَ بِمَعْنَى الَّذِي. وَالثَّانِي: نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ؛ وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ هِيَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى «ثَمَرَةٍ» وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى مَوْضِعِ (مِنْ ثَمَرِهِ).
وَالثَّالِثُ: هِيَ نَافِيَةٌ.
وَيُقْرَأُ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وَيُحْتَمَلُ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ، إِلَّا أَنَّهَا نَافِيَةٌ بِضَعْفٍ؛ لِأَنَّ «عَمِلَتْ» لَمْ يُذْكَرْ لَهَا مَفْعُولٌ.
قَالَ تَعَالَى: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْقَمَرُ) : بِالرَّفْعِ: مُبْتَدَأٌ، وَ «قَدَّرْنَاهُ» : الْخَبَرُ.
وَبِالنَّصْبِ عَلَى فِعْلٍ مُضْمَرٍ؛ أَيْ وَقَدَّرْنَا الْقَمَرَ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمٍ قَدْ عَمِلَ فِيهِ الْفِعْلُ، فَحُمِلَ عَلَى ذَلِكَ.
وَمَنْ رَفَعَ قَالَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى (وَآيَةٌ لَهُمُ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَعَلَى (الشَّمْسُ)، وَهِيَ أَسْمَاءٌ لَمْ يَعْمَلْ فِيهَا فِعْلٌ.
وَ (مَنَازِلَ) أَيْ ذَا مَنَازِلَ؛ فَهُوَ حَالٌ، أَوْ مَفْعُولٌ ثَانٍ؛ لِأَنَّ قَدَّرْنَا بِمَعْنَى صَيَّرَنَا. وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: قَدَّرْنَا لَهُ مَنَازِلَ.
وَ (الْعُرْجُونُ) : فُعْلُولُ، وَالنُّونُ أَصْلٌ.
وَقِيلَ: هِيَ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الِانْعِرَاجِ؛ وَهَذَا صَحِيحُ الْمَعْنَى؛ وَلَكِنْ شَاذٌّ فِي الِاسْتِعْمَالِ.
وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ (سَابِقُ النَّهَارِ) بِالنَّصْبِ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ وَجَوَازُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ حَذْفُ التَّنْوِينِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
وَحَمَلَ «يُسَبِّحُونَ» عَلَى مَنْ يَعْقِلُ لِوَصْفِهَا بِالْجَرَيَانِ وَالسِّبَاحَةِ وَالْإِدْرَاكِ وَالسَّبْقِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنَّا) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ هِيَ أَنَّا.
وَقِيلَ: هِيَ مُبْتَدَأٌ، وَ «آيَةٌ لَهُمْ» : الْخَبَرُ؛ وَجَازَ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ لِـ «أَنَّا» تَعَلُّقٌ بِمَا قَبْلَهَا.
وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي (ذُرِّيَّتَهُمْ) لِقَوْمِ نُوحٍ. وَقِيلَ: لِأَهْلِ مَكَّةَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣)).
(فَلَا صَرِيخَ) : الْجُمْهُورُ عَلَى الْفَتْحِ، وَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ مُسْتَأْنَفًا
وَقُرِئَ بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ؛ وَوَجْهُهُ مَا ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ: (فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) [الْبَقَرَةِ: ٣٨].
قَالَ تَعَالَى: (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٤٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا رَحْمَةً) : هُوَ مَفْعُولٌ لَهُ، أَوْ مَصْدَرٌ.