آيات من القرآن الكريم

يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا
ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﰿ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ

جميع المؤمنات، ويقوي الأول تخصيص النساء بالإضافة لهن، ويقوى الثاني أنهن كن لا يحتجبن من النساء على الإطلاق ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ واختلف فيمن أبيح لهن الظهور له من ملك اليمين، فقيل: الإماء دون العبيد، وقيل: الإماء والعبيد، وهو أولى بلفظ الآية، ثم اختلف من ذهب إلى هذا فقال قوم: من ملكه من العبيد دون من ملكه غيرهن، وهذا هو الظاهر من لفظ الآية، وقال قوم: جميع العبيد كن في ملكهن أو في ملك غيرهن.
إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ هذه الآية تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا معنى صلاة الله وصلاة الملائكة في قوله يصلي عليكم وملائكته [الأحزاب: ٤٣ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض إسلاميّ، فالأمر به محمول على الوجوب، وأقله مرة في العمر، وأما حكمها في الصلاة: فمذهب الشافعي أنها فرض تبطل الصلاة بتركه، ومذهب مالك أنها سنة وصفتها ما ورد في الحديث الصحيح: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وقد اختلفت الروايات في ذلك اختلافا كثيرا أما السلام على النبي ﷺ فيحتمل أن يريد السلام عليه في التشهد في الصلاة، أو السلام عليه حين لقائه، وأما السلام عليه بعد موته فقد قال صلى الله عليه وسلم: من سلم عليّ قريبا سمعته، ومن سلم عليّ بعيدا أبلغته، فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء «١» إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إذاية الله هي بالإشراك به ونسبة الصاحبة والولد به، وليس معنى إذايته أنه يضره الأذى، لأنه تعالى لا يضره شيء ولا ينفعه شيء، وقيل:
إنها على حذف مضاف تقديره: يؤذون أولياء الله، والأوّل أرجح، لأنه ورد في الحديث يقول الله تعالى: «يشتمني ابن آدم وليس له أن يشتمني، ويكذبني وليس له أن يكذبني، أما شتمه إياي فقوله: إن لي صاحبة وولدا، وأما تكذيبه إياي فقوله: لا يعيدني كما بدأني» «٢» وأما إذاية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهي التعرض له بما يكره من الأقوال أو الأفعال، وقال ابن عباس: نزلت في الذين طعنوا عليه حين أخذ صفية بنت حييّ.
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا الآية: في البهتان وهو ذكر الإنسان بما ليس فيه، وهو أشد من الغيبة، مع أن الغيبة محرمة، وهي ذكره ما فيه مما يكره
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ كان نساء

(١). روى الإمام أحمد الشطر الأخير من الحديث عن أوس بن أبي أوس الثقفي ج ٣ ص ٨.
(٢). رواه البخاري عن ابن عباس وأوله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك. الإتحافات السنية للمناوي.

صفحة رقم 158

العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء، وكان ذلك داعيا إلى نظر الرجال لهن، فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليسترن بذلك وجوههن، ويفهم الفرق بين الحرائر والإماء، والجلابيب جمع جلباب وهو ثوب أكبر من الخمار، وقيل: هو الرداء وصورة إدنائه عند ابن عباس أن تلويه على وجهها حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها وقيل: أن تلويه حتى لا يظهر إلا عيناها، وقيل أن تغطي نصف وجهها ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ أي ذلك أقرب إلى أن يعرف الحرائر من الإماء فإذا عرف أن المرأة حرة لم تعارض بما تعارض به الأمة، وليس المعنى أن تعرف المرأة حتى يعلم من هي، إنما المراد أن يفرق بينها وبين الأمة، لأنه كان بالمدينة إماء يعرفن بالسوء وربما تعرض لهن السفهاء.
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ الآية: تضمنت وعيد هؤلاء الأصناف إن لم ينتهوا، وقيل:
إنهم لم ينتهوا: ولم ينفذ الوعيد عليهم ففي ذلك دليل على بطلان القول بوجوب إنفاذ الوعيد في الآخرة، وقيل: إنهم انتهوا وستروا أمرهم، فكف عنهم إنفاذ الوعيد، والمنافقون هم الذين يظهرون الإيمان ويخفون الكفر، والذين في قلوبهم مرض: قوم كان فيهم ضعف إيمان، وقلة ثبات عليه، وقيل: هم الزناة كقوله: فيطمع الذي في قلبه مرض، وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ: قوم كانوا يشيعون أخبار السوء ويخوفون المسلمين، فيحتمل أن تكون هذه الأصناف متفرقة، أو تكون داخلة في جملة المنافقين، ثم جردها بالذكر لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ أي نسلطك عليهم وهذا هو الوعيد ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها ذلك لأنه ينفيهم أو يقتلهم، والضمير المجرور للمدينة إِلَّا قَلِيلًا يحتمل أن يريد إلا جوارا قليلا أو وقتا قليلا أو عددا قليلا منهم، والإعراب يختلف بحسب هذه الاحتمالات، فقليلا على الاحتمال الأول مصدر، وعلى الثاني ظرف، وعلى الثالث منصوب على الاستثناء مَلْعُونِينَ نصب على الذم، أو بدل من قليلا على الوجه الثالث أو حال من ضمير الفاعل في يجاورونك تقديره: سينفون ملعونين أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا أي حيث ما ظفر بهم أسروا، والأخذ الأسر سُنَّةَ اللَّهِ أي عادته ونصب على المصدر فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ أي عادته في المنافقين من الأمم المتقدمة وقيل: يعني الكفار في بدر، لأنهم أسروا وقتلوا تَكُونُ قَرِيباً إنما قال قريبا بالتذكير، والساعات مؤنثة على تقدير شيئا قريبا، أو زمانا قريبا، أو لأن تأنيثها غير حقيقي يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ العامل في يوم قوله

صفحة رقم 159
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية