آيات من القرآن الكريم

وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ

﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (٢)﴾.
[٢] ﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ﴾ من القرآن ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ واعمل به.
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ قرأ أبو عمرو: (يَعْمَلُون) بالغيب، يعني: الكفرة والمنافقين؛ أي: إن الله خبير بمكائدهم، فيدفعها عنك، وقرأ الباقون: بالخطاب (١)، وقوله: (كان) في هاتين الآيتين هي التي تقتضي الدوام (٢)؛ أي: كان ويكون (٣)، وليست الدالة على زمان مخصوص للمضي.
* * *
﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٣)﴾.
[٣] ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ ثِقْ به ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ حافظًا ورازقًا لك، والوكيل: القائم بالأمر، المغني فيه عن كل شيء.
* * *
﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤)﴾.
[٤] ولما قال الكفار: إن لمحمد قلبين: قلب معنا، وقلب مع أصحابه، نزل:

(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥١٨ - ٥١٩)، و"التيسير" للداني (ص: ١٧٧)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٥٣٠)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ١٠٩).
(٢) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٢٠٢).
(٣) "أي: كان ويكون" زيادة من "ت".

صفحة رقم 337

﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾ وقيل: نزلت في أبي معمر جميل بن معمر الفهري، وكان لبيبًا حافظًا، وكان يقول: إن لي قلبين، أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد - ﷺ -، فانهزم مع المشركين ببدر، وإحدى نعليه بيده، والأخرى في رجله، فقيل له في ذلك، فقال: ما شعرت إلا أنهما في رجلي، فعلموا يومئذ أنه لو كان له قلبان، ما نسي نعله في يده (١).
﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي﴾ جمع التي. قرأ أبو عمرو، والبزي عن ابن كثير: (اللَّايْ) بياء ساكنة بدلًا من الهمزة في الحالين، وروي عنهما تسهيل الهمزة بين بين، والوجهان صحيحان، وقرأ أبو جعفر، وورش عن نافع: بتسهيل الهمزة كذلك، وقرأ قالون عن نافع، وقنبل عن ابن كثير، ويعقوب: بتحقيق الهمزة، وحذف الياء بعدها؛ لأن الهمزة المكسورة بدل الياء، وقرأ الكوفيون، وابن عامر: بإثبات الياء ساكنة بعد الهمزة، وكلها لغات معروفة (٢)، وكذلك التعليل والاختلاف في (المجادلة)، وموضعَي (الطلاق).
﴿تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ قرأ عاصم: (تُظَاهِرُونَ) بضم التاء وتخفيف الظاء، وألف بعدها، وكسر الهاء مع تخفيفها؛ كـ (تقاتلون)، وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: كذلك، إلا أنهم بفتح الياء والهاء، أصله:

(١) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٢٠٢).
(٢) انظر: "التيسير" للداني (ص: ١٧٧ - ١٧٨)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٥٣٠)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (١/ ٤٠٤)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ١٠٩ - ١١٠).

صفحة رقم 338

تتظاهرون، حذفت إحدى التاءين، وقرأ ابن عامر: كذلك، إلا أنه بتشديد الظاء على إدغام إحدى التاءين في الظاء، وقرأ الباقون، وهم: نافع، وأبو جعفر، وابن كثير، وأبو عمرو (١)، ويعقوب: (تَظَّهَّرُونَ) بفتح التاء وتشديد الظاء والهاء وفتحها من غير ألف بينهما، أصله: تتظهرون، وأدغمت التاء في الظاء، فشددت (٢).
وصورة الظهار: أن يقول الرجل لامرأته: أنت عليَّ كظهر أمي؛ أي: حرام كبطن أمي؛ لقربه من الفرج، وكنِّي عنه بالظهر، لأنه قوام البنية، المعنى: ما جعل نساءكم اللاتي تقولون لهم هذا في التحريم كأمهاتكم، ولكنه منكر وزور، وفيه كفارة، وسيأتي الكلام على ذلك، وعلى الكفارة فيه، واختلاف الأئمة في حكمه في (سورة المجادلة) إن شاء الله تعالى.
وكان الرجل في الجاهلية يتبنى ولد غيره، فينسب إليه، ويتوارثان، وكان النبي - ﷺ - قد أعتق زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، وتبناه قبل الوحي، وآخى بينه وبين حمزة بن عبد المطلب، فلما تزوج رسول الله - ﷺ - زينب بنت جحش، وكانت تحت زيد بن حارثة، قال المنافقون: تزوج محمد امرأة ابنه، وهو ينهى الناس عن ذلك.
فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ﴾ (٣) من تبنيتموه ﴿أَبْنَاءَكُمْ﴾ حقيقة

(١) "وأبو عمرو" زيادة من "ت".
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥١٩)، و "التيسير" للداني (ص: ١٧٨)، و "تفسير البغوي" (٣/ ٥٣٠)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٤٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ١١٠ - ١١١).
(٣) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٢٠٢).

صفحة رقم 339
فتح الرحمن في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو اليمن مجير الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العليمي الحنبلي
تحقيق
نور الدين طالب
الناشر
دار النوادر (إصدَارات وزَارة الأوقاف والشُؤُون الإِسلامِيّة - إدَارَةُ الشُؤُونِ الإِسلاَمِيّةِ)
سنة النشر
1430 - 2009
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
7
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية