آيات من القرآن الكريم

أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا
ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ

أَمَرَ بِشَيْءٍ إِذَا خَالَفَهُ يَبْقَى فِي وَرْطَةِ الْعِقَابِ آجِلًا وَلَا يَنْتَفِعُ بِالْمُخَالَفَةِ عَاجِلًا، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَإِذاً لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا كَأَنَّهُ يَقُولُ وَلَوْ فَرَرْتُمْ مِنْهُ فِي يَوْمِكُمْ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ لَمَا دُمْتُمْ بَلْ لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا فَالْعَاقِلُ لَا يَرْغَبُ فِي شَيْءٍ قَلِيلٍ مَعَ أَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ شَيْئًا كَثِيرًا، فَلَا فِرَارَ لَكُمْ وَلَوْ كَانَ لَمَا مُتِّعْتُمْ بَعْدَ الْفِرَارِ إِلَّا قَلِيلًا. ثُمَّ قال تعالى:
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ١٧]
قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧)
بَيَانًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ وَقَوْلُهُ: وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَقْرِيرٌ لِقَوْلِهِ:
مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ أَيْ لَيْسَ لَكُمْ وَلِيٌّ يَشْفَعُ لِمَحَبَّتِهِ إِيَّاكُمْ وَلَا نَصِيرٌ يَنْصُرُكُمْ وَيَدْفَعُ عنكم السوء إذا أتاكم.
ثم قال تعالى:
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ١٨ الى ١٩]
قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (١٩)
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا، أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ.
أَيِ الَّذِينَ يُثَبِّطُونَ الْمُسْلِمِينَ وَيَقُولُونَ تَعَالَوْا إِلَيْنَا وَلَا تُقَاتِلُوا مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمُ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ لِلْأَنْصَارِ لَا تُقَاتِلُوا وَأَسْلِمُوا مُحَمَّدًا إِلَى قُرَيْشٍ وَثَانِيهِمَا: الْيَهُودُ الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ لأهل المدينة تعالوا إلينا وكونوا معنا وهلم بِمَعْنَى تَعَالَ أَوِ احْضُرْ وَلَا تُجْمَعُ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ وَتُجْمَعُ فِي غَيْرِهَا فَيُقَالُ لِلْجَمَاعَةِ هَلُمُّوا وَلِلنِّسَاءِ هَلُمُّنَّ، وَقَوْلُهُ: وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا يُؤَيِّدُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمُ الْمُنَافِقُونَ وَهُوَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: لا يَأْتُونَ الْبَأْسَ بِمَعْنَى يَتَخَلَّفُونَ عَنْكُمْ وَلَا يَخْرُجُونَ مَعَكُمْ وَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ أَيْ بُخَلَاءَ حَيْثُ لَا يُنْفِقُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَيْئًا وَثَانِيهِمَا: لَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ بِمَعْنَى لَا يُقَاتِلُونَ مَعَكُمْ وَيَتَعَلَّلُونَ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِالْقِتَالِ وَقْتَ الْحُضُورِ مَعَكُمْ، وَقَوْلُهُ: أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ أَيْ بِأَنْفُسِهِمْ وأبدانهم.
ثم قال تعالى: فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً.
إِشَارَةٌ إِلَى غَايَةِ جُبْنِهِمْ وَنِهَايَةِ رَوْعِهِمْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْبُخْلَ شَبِيهُ الْجُبْنِ، فَلَمَّا ذَكَرَ الْبُخْلَ بَيَّنَ سَبَبَهُ وَهُوَ الْجُبْنُ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ الْجَبَانَ يَبْخَلُ بِمَالِهِ وَلَا يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّعُ الظَّفَرَ/ فَلَا يَرْجُو الْغَنِيمَةَ فَيَقُولُ هَذَا إِنْفَاقٌ لَا بَدَلَ لَهُ فَيَتَوَقَّفُ فِيهِ، وَأَمَّا الشُّجَاعُ فَيَتَيَقَّنُ الظَّفَرَ وَالِاغْتِنَامَ فَيَهُونُ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ الْمَالِ فِي الْقِتَالِ طَمَعًا فِيمَا هُوَ أَضْعَافُ ذَلِكَ، وَأَمَّا بِالنَّفْسِ وَالْبَدَنِ فَكَذَلِكَ فَإِنَّ الْجَبَانَ يَخَافُ قَرْنَهُ وَيَتَصَوَّرُ الْفَشَلَ فَيَجْبُنُ وَيَتْرُكُ الْإِقْدَامَ، وَأَمَّا الشُّجَاعُ فَيَحْكُمُ بِالْغَلَبَةِ وَالنَّصْرِ فَيُقْدِمُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ أَيْ غَلَبُوكُمْ بِالْأَلْسِنَةِ وَآذَوْكُمْ بِكَلَامِهِمْ يَقُولُونَ نَحْنُ الَّذِينَ قَاتَلْنَا وَبِنَا انْتَصَرْتُمْ وَكَسَرْتُمُ الْعَدُوَّ وَقَهَرْتُمْ وَيُطَالِبُونَكُمْ بِالْقِسْمِ الْأَوْفَرِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ رَاضِينَ مِنَ الْغَنِيمَةِ بِالْإِيَابِ، وَقَوْلُهُ: أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ قِيلَ الْخَيْرُ الْمَالُ

صفحة رقم 162
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية