آيات من القرآن الكريم

۞ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

ترددوا والمنافقون قطعوا بأن المؤمنين سيغلبون ويستأصلون والكافرون واليهود تهيأوا للفنك والغنيمة لأنهم رأوا أن المؤمنين صاروا بحوزتهم ففرحوا وصفّقوا وتكلموا بينهم كيف يقتسمون الرجال والمال والأنعام والأثاث
«هُنالِكَ» في تلك الساعة الرهيبة في تلك اللحظة العسرة «ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ» بالصبر والثبات والتوكل على الله ولكنهم ازعجوا «وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً» (١١) واضطربوا اضطرابا بليغا وماج بهم الخوف موجا عظيما بسبب احاطة العدو بهم ولولا قوة إيمان حلت بهم من الله لسلموا ولكن كبير ثقتهم بالله وعظيم صدقهم بوعده أحدثا في قلوبهم السكينة وتوقع نصر الله لهم دون تفككهم لأن منهم من جاهر بما يغضب الله ورسوله وهم المشار إليهم بقوله «وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ» عبد الله بن سلول ومتعب بن قشير وأضرابهم «وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» شك وريبة لضعف إيمان وعقيدة وقلة يقين وتصديق منهم، وقالوا «ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ» بالنصر على الأحزاب وبملك كسرى وقيصر واليمن «إِلَّا غُرُوراً» (١٢) أي إنهما غرونا بقولهم ذلك وموهوا علينا بتوسيع بلادنا لأن أحدنا الآن لا يستطيع أن يجاوز رحله «وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ» أي المنافقين ومن والاهم كأوس بن قبطي وأصحابه «يا أَهْلَ يَثْرِبَ» اسم لأرض المدينة وما حولها سميت باسم يثرب من العماليق، وقد نهى صلّى الله عليه وسلم أن تسمى المدينة بهذا الاسم لأن معناه غير لايق بها بعد أن شرفت بسيد الكائنات لأنه مأخوذ من التثريب بمعنى التقريع والتوبيخ، وسماها صلّى الله عليه وسلم طيبة لأنها كانت وخمة كثيرة الأمراض فطابت بسكنى الطيبين بها وزال عنها ما كان فيها «لا مُقامَ لَكُمْ» في هذا المكان أي محل القتال «فَارْجِعُوا» إلى منازلكم واتركوا معسكر الرسول ولا تقاتلوا معه إذ لا قبل لكم بهذه الأحزاب المحيطة بكم «وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ» من الذين مع الرسول أيضا وهم بنو حارثة وبنو سلمة «النَّبِيَّ يَقُولُونَ» ينتحلون سببا للمغادرة من موقع القتال «إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ» خالية لا أحد فيها وهي مما يلي العدو ونخشى عليها السرقة، فأذن لنا نذهب نحافظها، فكذبهم الله بقوله «وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً» (١٣) من القتال وتقليل سواد المسلمين والغدر بهم «وَلَوْ دُخِلَتْ» تلك

صفحة رقم 460

البيوت من قبل الأحزاب «عَلَيْهِمْ» أي المحتجين المذكورين «مِنْ أَقْطارِها» أي المدينة «ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ» الرجوع إلى الكفر والارتداد عن الدين الحنيف «لَآتَوْها» حالا مسرعين لضعف إيمانهم بالله وقلة يقينهم بوعده وشكهم في كلام الرسول ولأجابوا داعي الفتنة وافتتنوا في دينهم وكفروا «وَما تَلَبَّثُوا بِها» أي الإجابة إلى داعي الفتنة ولا تفكروا ولا ترددوا «إِلَّا يَسِيراً» (١٤) بقدر ما يكون به إعطاء الجواب ولم يتوقفوا أو يتأخروا، لأن إيمانهم صوريا لم تنشر به قلوبهم «وَلَقَدْ كانُوا» هؤلاء الطوائف الأربعة «عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ» رؤيتهم الأحزاب وقبل غزوة الخندق على أنهم «لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ» للأعداء وقد نقضوا عهدهم هذا فهربوا وتركوا المؤمنين وأولهم بنوا حارثة الذين احتجوا بتلك الحجة الواهية «وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا» (١٥) عنه في الآخرة أكثر مما يسأل عنه في الدنيا ويوبخ عليه فيهما. وهذه المعاهدة وقعت بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وإنما أضافها الله تعالى لنفسه الكريمة، لأن معاهدة رسوله معاهدة لحضرته المقدسة، ولأن الرسول لم يعاهد إلا بأمر ربه وقد نصوا في هذه المعاهدة على عدم الفرار فنكثوا ولهذا يقول الله إذ رأوا أنهم لم يسألوا عن ميثاقهم هذا في الدنيا فإنهم لا بدّ من أن يسألوا عنه في الآخرة (قل) يا سيد الرسل لهؤلاء كلهم «لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ» إذا كان كتب عليكم «وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ» بعد فراركم هذا «إِلَّا قَلِيلًا» (١٦) بقية مدة آجالكم في الدنيا، ويا حبيبي «قُلْ» لهم أيضا «مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً» قتلا أو غيره «أَوْ» من يمسك فضله إن «أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً» نصرا أو غيره أي لا أحد يقدر على شيء من ذلك غيره «وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً» (١٧) يمنعهم مما قدر عليهم، بل لا بد نائلهم قال تعالى «قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ» المثبطين الناس عن نصرة الرسول «وَ» يعلم «الْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ» وهم ابن سلول وأصحابه «هَلُمَّ إِلَيْنا» تعالوا نحونا واتركوا محمدا وأصحابه لأنهم مغلوبون لا محالة فلو كانوا لحما لابتلعهم أبو سفيان وأصحابه لأن محمدا وأصحابه بالنسبة إليهم كأكلة رأس، فتراهم يا حبيبي يقولون هذا القول البذيء «وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ»

صفحة رقم 461
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية