آيات من القرآن الكريم

فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ۖ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ

وروي عنه بكسر اللام. والمعنى أنتنا، وكسر اللام شاذ، يقال صلَّ اللحم وأصَلَّ إذا أَنْتَنَ وَتَغَيَّر، وكذلك. خَمَّ وَأَخَمَّ.
ثم قال الله تعالى: ﴿هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾ أي: جاحدون للبعث بعد الموت والرجوع إلى الله (جلّ وعزَّ).
قوله تعالى ذكره: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الموت﴾ إلى قوله: ﴿جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾.
أي: قل يا محمد لهؤلاء المنكرين للبعث: يتوفاكم ملك الموت.
أي: يستوفي عددكم بقبض أرواحكم، ثم إلى ربكم بعض قبض أرواحكم تردون يوم القيامة فيجازيكم بأعمالكم.
قال قتادة: ملك الموت يتوفاكم ومعه أعوان من الملائكة. ودليله قوله تعالى: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: ٦١]. وملك الموت اسمه: عزرائيل، وهو بالعربية عبد الجبار ﷺ، وعلى جميع الملائكة والنبيين والمرسلين.

صفحة رقم 5754

قال مجاهد: جوبت لملك الموت الأرض، فجعلت له مثل الطست يتناول منها حيث يشاء.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَوْ ترى إِذِ المجرمون نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾.
أي: لو رأيت يا محمد هؤلاء المنكرين للبعث ناكسوا رؤوسهم عند ربهم حياء منه للذي سلف من كفرهم وإنكارهم للبعث يقولون: ﴿رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾.
أي: أبصرنا ما كنا نكذب به من عذابك، ومعادنا إليك، وسمعنا منك، وتصديق ما كانت الرسل تأتنا به وتأمرنا به.
﴿فارجعنا نَعْمَلْ صَالِحاً﴾ أي: أرددنا إلى الدنيا نعمل فيها/ بطاعتك.
﴿إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ أي: قد أيقنا الآن منا كنا به في الدنيا جهالاً من توحيدك وإفرادك بالعبادة.
وقيل: المخاطبة هنا للمجرمين.
والمعنى: قل يا محمد للمجرم: لو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم لندمت على ما كان منك.
وجواب لو محذوف، والتقدير: لرأيت ما تعتبر به اعتباراً شديداً.
ومعنى: ﴿رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا﴾ أي: يقولون يا ربنا أبصرنا ما كنا نكذب به.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ أي: رشدها وتوفيقها إلى الإيمان،

صفحة رقم 5755

وهذا مثل قوله: ﴿لَهَدَى الناس جَمِيعاً﴾ [الرعد: ٣١]. و ﴿لَجَعَلَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [هود: ١١٨].
﴿ولكن حَقَّ القول مِنِّي﴾ أي: وجب العذاب مني.
﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس﴾ يعني: من أهل الكفر والمعاصي.
وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك أنه قال: سألني رجل أمس عن القدر؟ فقلت له: نعم قال الله تعالى في كتابه ﴿وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ إلى (قوله): ﴿أَجْمَعِينَ﴾ حقت كلمة ربك لأملأن جهنم منهم، فلا بد أن يكون ما قال:
قال قتادة: لو شاء الله لهدى الناس جميعاً، لو شاء لأنزل عليهم آية من السماء تضطرهم إلى الإيمان. فالمعنى: لو شئنا لأعطينا كل إنسان توفيقاً يهتدي إلى الإيمان في الدنيا.

صفحة رقم 5756

وقيل المعنى: لو شئنا لرددناهم إلى الدنيا كما سألوا فيعملوا بالطاعة. ولكن حقَّ القول مني لأعذبنَّ من عصاني، وقد علم الله أنهم لو ردوا لعادوا إلى كفرهم كما قال في " الأنعام ".
ثم قال تعالى (ذكره): ﴿فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هاذآ﴾ أي ذوقوا عذاب الله بترككم العمل للقاء يومكم.
﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ إي: تركناكم في النار.
وقيل: إن الأول من النيسان لأنهم لما لم يعملوا/ ليوم القيامة كانوا بنزلة الناسي له.
ثم قال [تعالى]: ﴿وَذُوقُواْ عَذَابَ الخلد بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
أي: ويقال لهم: ذوقوا عذاباً تخلدون فيه إلى مَا لاَ نِهَايَة له بما كنتم تعملون في الدنيا من المعاصي.
ثم قال [تعالى ذكره]: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الذين إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً﴾ أي: إذا ذكروا ووعظوا خروا لله سجداً تذللاً واستكانة لعظمته وإقراراً له بالعبودية.

صفحة رقم 5757

﴿وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ أي: سبحوا لله في سجودهم بحمده وَبَرَؤَّه مما وصفه به الكافرون. ﴿وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾: أي: عن السجود له والتسبيح.
وروي أن هذه الآية/ نزلت على النبي ﷺ لأن قوماً من المنافقين كانوا يخرجون من المسجد إذا أقيمت الصلاة.
ثم قال تعالى: ﴿تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع﴾ أي: ترتفع وتنبوا جنوب هؤلاء الذين تقدم ذكرهم من المؤمنين عن مضاجعهم.
﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾ أي: خوفاً من عذابه وطمعاً في رحمته. قاله قتادة.
و ﴿تتجافى﴾: تتفاعل من الجفاء [وهو] النَّبْؤ.
﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ أي: يزكون ما يجب عليهم في أموالهم.
قال أنس في قوله: ﴿كَانُواْ قَلِيلاً مِّن الليل مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: ١٧]. قال: كانوا يصلون بين المغرب والعشاء. وكذلك ﴿تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع﴾.

صفحة رقم 5758

وقال عطاء بن أبي سلمة: عني بذلك صلاة العتمة.
وقال الحسن: عني بذلك قيام الليل.
وقاله الأوزاعي.
وهو قول مالك بن أنس.
وعن أنس: أنه عني بذلك أيضاً صلاة العتمة.
وقال ابن عباس: عني بذلك ملازمة ذكر الله، فكلما انتبهوا ذكروا الله، إما في صلاة، وإما في قيام، وإما في قعود، أو على جنوبهم لا يزالون يذكرون الله.
وهو قول الضحاك.

صفحة رقم 5759

وروى معاذ بن جبل أن النبي ﷺ قال له: " ألاَ أدُلُّكَ عَلَى أبْوَابَ الْخيرِ؟ [قال]: الصَّوْمُ جنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِئَةَ، وَقِيَّامُ العَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وتَلاَ هذِهِ الآية: ﴿تتجافى جُنُوبُهُمْ﴾ ".
ثم قال تعالى: ﴿فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾.
أي: ما خبئ لهؤلاء الذين تصدمت صفتهم في الآيتين مما تَقِرُّ به أعينهم في الجنة جزاء بأعمالهم.
وقرأ ابن مسعود: " ما نُخْفِيَ لَهُمْ " بالنون. فهذا شاهد لقراءة حمزة بإسكان الياء، فالقراءتان جرتا على الإخبار عن الله جلَّ ذكره، و " ما " في موضع نصب

صفحة رقم 5760

ب " تعلم " إن جعلتها بمعنى الذي في جميع القراءات وإن جعلتها استفهاماً كانت في موضع رفع على قراءة الجماعة، وفي موضع نصب على قراءة حمزة وابن مسعود بأخفي.
وروى أبو هريرة: أن النبي صلى الله عليه [وسلّم] " قرأ " (مِنْ قرَّاتِ أعيْنٍ) بالجمع ".
وروى أيضاً عن النبي عليه السلام أنه قال:
" قَالَ رَبُّكُمْ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ. بَشَرٍ، فاقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أخْفِيَ (لَهُمْ) الآية ".

صفحة رقم 5761

وقال ابن مسعود: " مَكْتُوبٌ فِي التَّوْراةِ: لَقَدْ أعدَّ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلذِينَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمُ عَنِ المَضَاجِع مَا لَمْ تَرَ/ عَيْنٌ، وَلَمْ يَخْطُر عَلَى قَلْبِ بَشرٍ، وَلَمْ تَسْمعْ أٌُذُنُ وَمَا لاَ يُعْلَمُه ملَكٌ مُقَرَّبٌ. قَالَ: وَنَحْنُ نَقْرَؤهَا: ﴿فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾.
وروى الشعبي عن المغيرة بن شعبة: أن النبي ﷺ قال: " سَأَلَ موسَى ربَّه فَقَال: أيّ ربِّ أخبِرْنِي بِأدْنَى أهل الجنة مَنْزِلةً فَقَالَ: رَجُلٌ أَتى بَعدمَا أُنْزِلَ، أهل الجَنَّةِ مَنَازِلَهُم وأخَذُوا أخَذَاتِهِم، فَقِيلَ له: ادخل الجنة، فقال: أيْ رَبّ، وقد نَزَل النَّاسُ مَنَازِلَهُم وَأخَذُوا أخَذَاتِهُم، فقيل له: أترضى مثل مُلْكِ مَلِكٍ من مُلُوكِ الدنيا؟ قال: رَضِيتُ أي ربِّ، فَقَالَ: فَإِنَّ لَكَ ما اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، وَمِثْلُه [معه]، وِمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ إنْ رَضيتَ، فقال: رَضيتُ أيْ ربِّ، قال: فإن لَكَ ما اشتهت نفسك وَلَذَّت عينك، قاغل: أي رب، فأخْبِرنِي بأعْلَى أهل الجنة مَنزِلَةً، فقال: أولئك الذِينَ أَرَدْتُ وَسَوفَ أخْبِرُكَ عَنْهُمْ، إنّي غَرَسْتُ كَرَامَتَهُم بِيَدي وَخَتَمْتُ عليها، وَلَمْ تَدْرِ نفسٌ وَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أذْنٌ وَلَمْ يَخْطُر عَلَى قَلْب بَشَرٍ وَمِصْداقٌ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ تعالى

صفحة رقم 5762
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية