آيات من القرآن الكريم

ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ

- ٤١ - ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
- ٤٢ - قُلْ سِيرُواْ فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ
قال ابن عباس وعكرمة: المراد بالبر ههنا الفيافي، وبالبحر الأمصار والقرى، وفي رواية عنه: الْبَحْرُ الْأَمْصَارُ وَالْقُرَى مَا كَانَ مِنْهَا عَلَى جَانِبِ نَهْرٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْمُرَادُ بِالْبَرِّ المعروف، وبالبحر هو البحر المعروف،

صفحة رقم 56

وعن مُجَاهِدٍ ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ قَالَ: فَسَادُ الْبَرِّ قَتْلُ ابْنِ آدَمَ، وَفَسَادُ الْبَحْرِ أخذ السفينة غصباً، وقال عطاء: الْمُرَادُ بِالْبَرِّ مَا فِيهِ مِنَ الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى، وبالبحر جزائره، والقول الأول أظهر وعليه الأكثرون؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ أَيْ بَانَ النقص في الزروع والثمار بِسَبَبِ الْمَعَاصِي، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: مَنْ عَصَى اللَّهَ فِي الْأَرْضِ فَقَدْ أَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ، لِأَنَّ صَلَاحَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ بِالطَّاعَةِ، وَلِهَذَا جَاءَ في الحديث: «لَحَدٌ يُقَامُ فِي الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَى أَهْلِهَا من أن يمطروا أربعين صباحاً» (أخرجه أبو داود في سننه). وَالسَّبَبُ فِي هَذَا أَنَّ الْحُدُودَ إِذَا أُقِيمَتْ انكف الناس عن تعاطي المحرمات، وإذا تركت المعاصي كان سبباً في حصول الْبَرَكَاتِ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؛ وَلِهَذَا إِذَا نَزَلَ عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان، قيل للأرض: أخرجي بركتك، فيأكل من الرمانة الفئام (الفِئَام: الجماعة الكثيرة) مِنَ النَّاسِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقَحْفِهَا، وَيَكْفِي لَبَنُ اللَّقْحة (اللَّقْحة: الحلوب) الْجَمَاعَةَ مِنَ النَّاسِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا بِبَرَكَةِ تنفيذ شريعة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا أُقِيمَ الْعَدْلُ كثرت البركات والخير، ولهذا ثبت في الصحيحين: أن الفاجر إذا مات يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب، وقوله تعالى: ﴿لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الذي عَمِلُواْ﴾ الآية، أَيْ يَبْتَلِيهِمْ بِنَقْصِ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ اخْتِبَارًا منه لهم وَمُجَازَاةً عَلَى صَنِيعِهِمْ ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أَيْ عَنِ الْمَعَاصِي، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يرجعون﴾، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ سِيرُواْ فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ﴾ أَيْ مِنْ قَبْلِكُمْ، ﴿كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ﴾ أَيْ فانظروا ما حَلَّ بِهِمْ مِنْ تَكْذِيبِ الرُّسُلِ وَكُفْرِ النِّعَمِ.

صفحة رقم 57
مختصر تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد علي بن الشيخ جميل الصابوني الحلبي
الناشر
دار القرآن الكريم، بيروت - لبنان
سنة النشر
1402 - 1981
الطبعة
السابعة
عدد الأجزاء
3
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية