آيات من القرآن الكريم

وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ

فَضْلِهِ} قال ابن عباس: يريد طلب المعيشة (١). قال صاحب النظم: تأويله: ومن آياته منامكم بالليل، وابتغاؤكم من فضله بالنهار، اعتبارًا بقوله: ﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾ [القصص: ٧٣].
قوله تعالى: ﴿لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ يعني: سماع اعتبار وتدبر. قال ابن عباس: يريد: لقوم يجيبون داعي الله، وجعل السماع بمعنى: الإجابة. وقال الكلبي ومقاتل: ﴿لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ مواعظ الله فيوحدون ربهم (٢).
٢٤ - قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ﴾ قال الأخفش: أراد أن يريكم، فحذف أن؛ لأن المعنى يدل عليه، وفي حرف عبد الله: ﴿أَن يُرِيكُمُ﴾ (٣) وأنشد قول طرفة:
ألا أيُّهذا الزَّاجِري أَحضُرَ الوغى................ البيت (٤)

(١) "تنوير المقباس" ص ٣٤٠.
(٢) "تفسير مقاتل" ٧٨ أ.
(٣) لم أجد هذه القراءة عند ابن خالويه ولا ابن جني.
(٤) البيت لطرفة من معلقته في "الديوان" ص ١٠٥، وفيه: اللائمي، بدل: الزاجري، وعجزه:
وأن أشهدَ اللذاتِ هل أنت مُخلدي
وأنشده كاملاً منسوبًا سيبويه ٣/ ٩٩، والثعلبي ٨/ ١٦٧ ب. وأنشده ولم ينسبه، الأخفش ٢/ ٦٥٧، وابن جرير ٢١/ ٣٢، وفي حاشية ابن جرير: رواية البيت عند البصريين: أحضرُ، بالرفع؛ لأنه لما أضمر "أن" قبله ذهب عملها، وعند الكوفيين: أحضرَ، بالنصب؛ لأنها وإن أضمرت فكأنها موجودة لقوة الدلالة عليها. والوغى: الحرب، أراد: أيها الإنسان الذي يلومني على شهودي الحرب، وتحصيل اللذات، هل تخلدني في الدنيا إذا كففتُ عن الحرب. وأنشد صدره ولم ينسبه أبو علي، "المسائل العسكرية" ص ٢٠٢، وأنشد صدره ونسبه: ابن جني "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٨٥

صفحة رقم 36

أراد: أن احضُرَ (١).
وقال أبو إسحاق: المعنى: ومن آياته آيةٌ يريكم بها البرق، هذا أجود في العطف؛ لأن قبله خلق السموات، ومنامكم، فيكون اسمًا منسوقًا (٢) علي اسم، ثم حُذف، ودلَّ عليه قوله: ﴿وَمِنَ﴾ كما قال الشاعر:

وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح (٣)
والمعنى: فمنهما تارة أموتها، أي: أموت فيها (٤). وقال الفراء: أراد: فمنهما ساعة أموتها، وساعة أعيشها (٥). قال أبو إسحاق: ويجوز أن يكون المعنى: ويريكم البرق خوفًا وطمعًا من آياته، فيكون عطفًا بجملة على جملة (٦). وهذان القولان ذكرهما الفراء (٧).
قوله تعالى: ﴿خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ قال ابن عباس: خوفًا من الصواعق، وطمعًا [من آياته فيكون] (٨) بالرحمة.
وقال مقاتل وقتادة: خوفًا من الصواعق للمسافر، ولمن كان بأرض،
(١) "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٥٧. وليس فيه ذكر قراءة عبد الله. ولم أجدها عند ابن خالويه.
(٢) أي: معطوفًا.
(٣) البيت لتميم بن مقبل، "ديوانه" ص ٢٤، أنشده ونسبه سيبويه ٢/ ٣٤٦. وأنشده ولم ينسبه، الفراء ٢/ ٣٢٣، وابن جرير ٢١/ ٣٣، والزجاج ٤/ ١٨٢. وفي حاشية سيبويه: الشاهد فيه: حذف الاسم لدلالة الصفة عليه، والتقدير: فمنهما تارة أموت فيها.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٨٢.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٣.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٨٢.
(٧) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٣.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من: (أ).

صفحة رقم 37
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية