آيات من القرآن الكريم

أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ

١٣٢ - قال الله تعالى: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج الدارمي عن يحيى بن جعدة قال: أُتي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكتف فيه كتاب فقال: كفى بقوم ضلالاً أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم فأنزل الله - عزَّ وجلَّ -: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ) الآية.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد ذكر بعض المفسرين هذا الحديث عند تفسيرها كالطبري وابن عطية والقرطبي.
قال الطبري: (وذُكر أن هذه الآية نزلت من أجل أن قوماً من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انتسخوا شيئاً من بعض كتب أهل الكتاب). اهـ ثم ذكر الحديث.
والظاهر - والله أعلم - أن الحديث المذكور ليس سبباً لنزول الآية لأن سياق الآيات يتحدث عن قوم كافرين جاحدين مرتابين. وقد قال اللَّه قبل هذه الآية: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠).

صفحة رقم 776

وقال بعدها: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٥٢).
فالضمير في قوله: (يَكْفِهِمْ) يعود على الذين قالوا: (لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ) هذا الظاهر من سياق الآيات.
أما ما دلَّ عليه الحديث فإن عدم الاكتفاء واقع من بعض المؤمنين ولهذا قال فيه: كفى بقوم ضلالاً أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم، مما يدل على أن لهؤلاء نبياً وكتاباً.
وبناءً على هذا فإنه ليس بين سياق الآيات والحديث موافقة مما يجعل القول بأنه سبب نزولها قولاً بعيداً من الصواب.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور ليس سبباً لنزول الآية لأنه ضعيف السند، ولا يتفق مع السياق، مع إعراض أكثر المفسرين عن ذكره واللَّه أعلم.
* * * * *

صفحة رقم 777

سورة الروم

صفحة رقم 779
المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة
عرض الكتاب
المؤلف
خالد بن سليمان المزيني
عدد الأجزاء
1