آيات من القرآن الكريم

يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ

فى عالم المعنى الا ويكون أصم وابكم واليه الاشارة بقوله عليه السلام (حبك الشيء يعمى ويصم) بخلاف أعمى الصورة فان سمعه بحاله فى سماع الدعوة وقبولها. فعلى العاقل ان يجتنب عن الأعمال القبيحة المؤدية للرين والردى والأخلاق الرذيلة الموجبة للعمه والعمى بل يتسارع الى العمل بالقرآن الهادي الى وصول المولى والناهي عن الخسران مطلقا وعن الأعمال الصالحة والصلاة. وانما شرعت لمناجاة الحق بكلامه حال القيام دون غيره من احوال الصلاة للاشتراك فى القيومية ولهذا كان من ادب الملوك إذا كلمهم أحد من رعيتهم ان يقوم بين أيديهم ويكلمهم ولا يكلمهم جالسا فتبع الشرع فى ذلك العرف. ومن آداب العارف إذا قرأ فى صلاته المطلقة ان لا يقصد قراءة سورة معينة او آية معينة وذلك لانه لا يدرى اين يسلك به ربه من طريق مناجاته فالعارف بحسب ما يناجيه به من كلامه وبحسب ما يلقى الله الحق فى خاطره وكل صلاة لا يحصل منها حضور قلب فهى ميتة لا روح فيها وإذا لم يكن فيها روح فلا تأخذ بيد صاحبها يوم القيامة. ومن الأعمال الصالحة المذكورة الزكاة والصدقة وأفضلها ما يعطى حال الصحة دون مرض الموت وينبغى لمن قرب اجله وأراد ان يعطى شيأ ان يحضر فى نفسه انه مؤد امانة لصاحبها فيحشر مع الأمناء المؤدين أمانتهم لا مع المتصدقين لفوات محل الأفضل فهذه حيلة فى ربح التجارة فى باب الصدقة وفى الانفاق زيادة للمال وتكثير له واطالة لفروعه كالحبوب إذا زرعت وَإِنَّكَ يا محمد لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ لتعطاه بطريق التلقية والتلقين يقال تلقى الكلام من فلان ولقنه إذا اخذه من لفظه وفهمه قال فى تاج المصادر: التلقية [چيزى پيش كسى وآوردن] وقد سبق الفرق بين التلقي والتلقف والتلقن فى سورة النور مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ بواسطة جبريل لامن لدن نفسك ولا من تلقاء غيرك كما يزعم الكفار. ولدن بمعنى عند الا انه ابلغ منه وأخص وتنوين الاسمين للتعظيم اى حكيم أي حكيم وعليم أي عليم وفى تفخيمهما تفخيم لشأن القرآن وتنصيص على طبقته عليه السلام فى معرفته والإحاطة بما فيه من الجلائل والدقائق فان من تلقى الحكم والعلوم من مثل ذلك الحكيم العليم يكون علما فى رصانة العلم والحكمة وفى التأويلات النجمية يشير الى انك جاوزت حد كمال كل رسول فانهم كانوا يلقون الكتب بايديهم من يد جبريل والرسالات من لفظه وحيا وانك وان كنت تلقى القرآن بتنزيل جبريل على قلبك ولكنك تلقى حقائق القرآن من لدن حكيم تجلى لقلبك بحكمة القرآن وهى صفة القائمة بذاته فعلمك حقائق القرآن وجعلك بحكمته مستعدا لقبول فيض القرآن بلا واسطة وهو العلم اللدني وهو اعلم حيث يجعل رسالته. وفى الجمع بين الحكيم والعليم اشعار بان علوم القرآن منها ما هو حكمة كالعقائد والشرائع ومنها ما ليس كذلك كالقصص والاخبار الغيبية. ثم شرع فى بيان بعض تلك العلوم فقال إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ اهل الإنسان من يختص به اى اى اذكر لقومك يا محمد وقت قول موسى لزوجته ومن معها فى وادي الطور وذلك انه مكث بمدين عند شعيب عشر سنين ثم سار باهله بنت شعيب الى مصر: يعنى [بقصد آنكه تا مادر خويش ودو خواهر خويش يكى زن قارون ويكى زن يوشع بود از آنجا بيارد] فضل الطريق فى

صفحة رقم 320

إذا نزلت سلمى بواد فماؤه زلال وسلسال وجثجاثه ورد
ولم يزل يخضر مواطئ أقدام رجال الله فى الصحارى والجبال من بركات حالاتهم مع الله الملك المتعال. ثم ان بعض المفسرين حمل بورك على التحية كما قال الكاشفى [بركت داده باد] وبعضهم حمل من فى النار على الملائكة وذلك ان النور الذي بان قد بارك فيه وفى الملائكة الذين كانوا فى ذلك النور وقال بعض العارفين ان الله أراد بمن فى النار ذاته المقدسة وهو الذي أفاض بركة مشاهدته على موسى وله تعالى ان يتجلى بوصف النار والنور والشجرة والطور وغيرها مما يليق بحال العاشق مع تنزه ذاته وصفاته عن الجهة فى الحقيقة وفى الحديث (ان الله يرى هيئة ذاته كيف يشاء) وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ من تمام ما نودى به لئلا يتوهم من سماع كلامه تشبيها وللتعجيب من عظمة ذلك الأمر: وبالفارسية [پاكست خداى تعالى پروردگار عالميان ز تشبيه آورده اند كه چون موسى اين ندا شنيد كفت ندا كننده كيست باز ندا آمد كه] يا مُوسى إِنَّهُ اى الشان أَنَا اللَّهُ جملة مفسرة للشان الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ اى القوى القادر على ما يبعد من الأوهام الفاعل كل ما يفعله بحكمة وتدبير تام قال فى الاسئلة المقحمة قوله (إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ) سمعه من الشجرة فدل ذلك على حدوثه لان المسموع من الجهات علامة الحدوث والجواب نحن ننزه كلام الله تعالى عن الجهة والمكان كما نحن ننزه ذاته عن الجهة والمكان فكذلك ننزه كلامه عن الأصوات والحروف وانما كان سماع كلام الله لموسى حصل من جانب الشجرة فالشجرة ترجع الى سماع موسى لا الى الله تعالى فان قلت كيف سمع موسى كلام الله من غير صوت وحرف وجهة قلت ان كان هذا سؤالا عن كيفية الكلام فهذا لا يجوز فان سؤال الكيفية محال فى ذات الله وصفاته إذ لا يقال كيف ذاته من غير جسم وجوهر وعرض وكيف علمه من غير كسب وضرورة وكيف قدرته من غير صلابة وكيف إرادته من غير شهوة وامنية وكيف تكلمه من غير صوت وحرف وان كان سؤال الكيفية عن سماع موسى قلنا خلق الله لموسى علما ضروريا علم به ان الذي سمعه هو كلام الله القديم الأزلي من غير حرف ولا صوت ولا جهة وقد سمعه من الجوانب الستة فصار جميع جوارحه كسمعه اى صار الوجود كله سمعا ثم يصير فى الآخرة كذلك والكامل الواصل له حكم الآخرة فى الدنيا وَأَلْقِ عَصاكَ عطف على بورك اى نودى ان بورك من فى النار وان الق عصاك وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من سمع نداء الحق وشاهد أنوار جماله يلقى من يد همته كل ما كان متوكأه غير الله فلا يتوكأ الأعلى فضل الله وكرمه
تكيه بر غير خدا كفريست از كفر طريق جز بفضل حق مكن تكيه درين ره اى رفيق
فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ الفاء فصيحة تفصح عن جملة محذوفة كأنه قيل فالقاها فانقلبت حية تسعى فلما أبصرها تتحرك بحركة شديدة وتذهب الى كل جانب حال كونها كَأَنَّها جَانٌّ حية خفيفة سريعة فشبه الحية العظيمة المسماة: بالفارسية [اژدها] بالجان فى سرعة الحركة والالتواء والجان ضرب من الحيات اى حية كحلاء العين لا تؤذى كثيرة فى الدور كما فى القاموس وقال ابو الليث الصحيح ان الثعبان كان عند فرعون والجان عند الطور وفيه اشارة الى ان كل متوكأ غير الله فى الصورة ثعبان له فى المعنى ولهذا جاء فى المثنوى

صفحة رقم 322
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية