
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥)
الواو استئنافية أكد اللَّه تعالى الإرسال حيث دعت دواعيه، وأكده باللام، وقد، وإضافة الإرسال إلى ذاته العلية، وذكر سبحانه أن الإرسال كان بإرسال أخيهم أي أنه واحد منهم يعرف أمرهم وحالهم، وهو رءوف عليهم شفيق بهم قد عرفوا صدقه وأمانته وحبه لهم، وإلفهم به، وكانت الرسالة هي عبادة اللَّه تعالى وحده؛ ولذا دال: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ) أن تبشير لمعنى الرسالة، وعبادة اللَّه لَا تتحقق إلا بأن تكون العبادة للَّه تعالى وحده، لَا يشرك به شيئا، فإذا عبد مع اللَّه غيره فقد أشرك ولم يعبد اللَّه تعالى، لقد كانوا يعبدون الأوثان فلم يكونوا يعبدون اللَّه فكان أمرهم بعبادة اللَّه وحده متضمنا لنهيهم عن عبادة غيره من الأوثان وغيرها،

وإن الشرك أمر تنكره العقول المستقيمة، وتعافه النفوس القويمة، ولذا كانت المفاجأة ألا يختلفوا في عبادة اللَّه فمنهِم من اهتدى ومنهم من حقت عليه الضلالة، ولذا قال تعالى: (فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يخْتَصِمُونَ)، الفاء وإذا للمفاجأة الفاء واقعة لترتيب ما بعدها على نقيض ما قبلها، ولذا كانت المفاجأة بها وبإذا بعدها، فريقان: فريق أطاع واهتدى، وفريق ضل وغوى، وهم يختصمون أي يختلفون ويكون كل فريق خصما للآخر يجادله لإثبات الحق والدعوة إلى الحق، ويستمسك الباقون على شركهم بما كان عليه آباؤهم.
وقد أنذر صالح الضالين بالعذاب الشديد، وأن اللَّه تعالى آخذ بالنواصي، فقالوا كما في آيات أخرى: ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين، ولكنه يرجو لهم الهداية بدل العذاب.