آيات من القرآن الكريم

قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ

ألا تعلوا عليّ.
ففي "أنْ" وجهان من العربية: إن جعلت بدلا من الكتاب كانت رفعا بما رفع به الكتاب بدلا منه; وإن جعل معنى الكلام: إني ألقي إليّ كتاب كريم ألا تعلوا علي كانت نصبا بتعلق الكتاب بها.
وعنى بقوله: (أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ) ألا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إليه.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ) ألا تمتنعوا من الذي دعوتكم إليه إن امتنعتم جاهدتكم، فقلت لابن زيد: (أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ) ألا تتكبروا علي؟ قال: نعم; قال: وقال ابن زيد: (أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ذلك في كتاب سليمان إليها. وقوله: (وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) يقول: وأقبلوا إليّ مذعنين لله بالوحدانية والطاعة.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (٣٣) ﴾
يقول تعالى ذكره: قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: (يَاأَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي) تقول: أشيروا عليّ في أمري الذي قد حضرني من أمر صاحب هذا الكتاب الذي ألقي إليّ، فجعلت المشورة فتيا.
وقوله: (مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ) تقول: ما كنت قاضية أمرا في ذلك حتى تشهدون، فأشاوركم فيه.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: دعت قومها تشاورهم (يَاأَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ) يقول في الكلام: ما كنت لأقطع أمرا دونك ولا كنت لأقضي أمرا، فلذلك قالت: (مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا) بمعنى: قاضية.
وقوله: (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ) يقول تعالى ذكره: قال الملأ من قوم ملكة سبأ، إذ شاورتهم في أمرها وأمر سليمان: نحن ذوو القوّة على القتال، والبأس

صفحة رقم 453
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية